اعتبر متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، في عظة الأحد، أنه أمام تعاظم الأخطار المالية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية لا بدّ من تنازلات من قِبل المسؤولين.
وقال عوده: كَـــمْ نَــحـــنُ بِــحـــاجَـــةٍ إلـــى مَـــنْ يُــحِـــبُّ بَــلَـــدَنـــا وشَــعــبَـــهُ مَــحَــبَّـــةً حَــقــيــقِــيَّـــةً صادقــة. كَـــمْ نَــحــتـــاجُ إلـــى مــســـؤولــيـــن وزعــمـــاءَ مُــســتَــعِـــدِّيـــنَ أَنْ يَــتَــخَــلَّـــوا عَـــنْ أَمـــوالِــهِـــمْ ومَـــراكِـــزِهِـــم وكــبـــريـــائِــهـــم بِــسَــبَـــبِ مَــحَــبَّــتِــهِـــم الــحَــقــيــقــيَّـــةِ لِـــوَطــنِــهـــم. كَـــمْ نَــحــتـــاجُ إلـــى زُعَــمـــاءَ مُــتَـــواضِــعــيـــنَ مِــثـــلَ الـــرَّســـولِ بُــطـــرُس، يـتـــراجــعـــون عـــن أخــطـــائِــهـــم ويَـــذرِفـــونَ دُمـــوعَ الــتَّـــوبَـــةِ عــلـــى مـــا فَــعَــلـــوهُ تُــجـــاهَ إِخـــوَتِهم في الوطن. والأَهَـــمّ، كَـــمْ نَــحــتـــاجُ إلـــى شَــعـــبٍ يَــتَــحَــلَّـــى بِــجُـــرأَةِ الــنِّــســـوَةِ الــحـــامِـــلاتِ الــطِّــيـــبِ، يُــقْـــدِمُ وَســـطَ الــضُّــغـــوطـــاتِ والأَحـــزانِ والــتَّــهـــديـــداتِ، حَــتَّـــى يَــصِـــلَ إلـــى الــقِــيـــامَـــةِ الــمَـــرجُـــوَّة”.
وأضاف: “إنَّ مَــنْــطَــقَــتَــنـــا تَــغـــلي وزعــمـــاءَنـــا مـــا زالـــوا يُــعَــلُّـــون أنـــاهُـــم ومَــصـــالِــحَــهـــم عــلـــى كـــلِّ شـــيء. وعـــوضَ الــتــفــكــيـــرِ بــلــبــنـــانَ ومــصــيـــرِه فـــي خِــضَّـــمِ مـــا يَــجـــري مـــن اقــتــتـــالٍ هــنـــا ومُــفـــاوضـــاتٍ هــنـــاك ومُــحـــادثـــاتٍ هــنـــالـــك، هـــم لا يُـــفــكِّـــرون إلاّ بـِــمَـــصـــالِــحــهـــم ومُــســتـــقـــبــلِــهـــم ومُــكــتَــســبـــاتِــهـــم، ويــتــعــلّــقـــون بــحـــرفــيـــةِ بــعـــضِ الــنــصـــوصِ أو بــتــفــســيـــرِهـــم الــشــخــصــي لــهـــا، ضــاربــيـــنَ عـــرضَ الــحـــائـــطِ روحــيَّــتَــهـــا وغـــايــتَــهـــا”.
وتساءل عوده: “هـــل أصــبــحـــتْ الــســيـــاســـةُ تــجـــارةً تــبــتــغـــي الأربـــاحَ والــمــنـــافـــعَ عِـــوَضَ الــخــدمـــة؟”. واعتبر أنه “مُــعــيـــبٌ حــقـــاً ومُــخــجِـــلٌ أن يــكـــونَ بــلـــدُنـــا فـــي هـــذا الــوضــعِ الــمـــزري ولا نَــشــهـــدُ خــطــوةً إنــقـــاذيـــةً واحـــدة، أو تـــلاقــيـــاً بــيـــن الــمــســـؤولــيـــن مـــن أجـــلِ مــنـــاقــشـــةِ الـــوضـــعِ وابــتـــداعِ الــحـــلول. نــســـمـــعُ بــيـــن وقـــتٍ وآخـــر مَـــنْ يَــتَــكَــلّـــمُ عـــن مــحـــاولـــةٍ لــجــمـــعِ الأطــرافِ قد فــشــلـــتْ، أو عـــن سَــعـــيٍ لِــجَــمْــعِــهـــم لـــم يَــنــجـــحْ. هـــل هــكـــذا تُـــدار الأوطان؟ وهـــل الــحَـــرَدُ أو الــمــقـــاطــعـــةُ مــســمـــوحـــان فـــي ظـــرفٍ عــصــيـــبٍ كـــالـــذي نَــعــيــشُـــه؟ الــحــكـــومـــةُ الــمــســتــقــيــلـــةُ عـــاجـــزةٌ لــيـــسَ فــقـــط عـــن إدارةِ الــبــلـــد، بـــل حـتـــى عـــن وقـــــفِ الإنــهــيــارِ أو إدارتِــه، ولـــم نــشــهـــدْ مـنــذ أشــهـــرٍ إرادةً حــقــيــقــيـــةً لــتــألــيــفِ حــكــومـــةٍ تُــحـــاولُ اتــخـــاذَ إجــراءاتٍ سريعةٍ تــضــعُ الــبــلــدَ عــلـــى طـــريـــقِ الإنــقــاذ”.
وأضاف: “هــل مــســمـــوحٌ أن يــعـــادي مــســؤولٌ مــســـؤولاً أو أن يــمــتــنـــعَ عـــن الإجــتــمـــاعِ بـــه لاتــخـــاذِ الــخــطــواتِ الــضــروريـــة؟ هـــل يَــعـــي مـــن يَــتَـــولّـــون تــعــطــيـــلَ الــبــلـــدِ وعـــرقــلـــةَ الــحــلـــول أنــهـــم يَـــرتــكــبـــون خــطـــأً مُــمــيــتـــاً بــحـــقِ الـــوطـــنِ والــمـــواطــنــيـــن؟ (…) ألا يــتـــألّـــمُ الــمــســـؤولُ مِــنْ رؤيـــةِ طـــوابــيـــرِ الــســيـــاراتِ عــلـــى الــمــحــطـــات؟ أو مِـــنْ إذلالِ الــنـــاس الـــواقــفــيـــن عــلـــى أبـــوابِ الــبــنـــوكِ يَــسْــتَــجْـــدون حــقـــوقَــهـــم؟ ألا يـــؤلــمُـــه مـــريـــضٌ يــفــتّـــشُ عـــن الـــدواءِ ولا يَــجِـــدُه؟ هـــل يــفــكّـــرُ الـــزعــمـــاءُ الــمــتــنـــاحــرون بـــالــمـــريـــضِ والــجـــائـــعِ والــمـتــســـوّلِ طــعـــامَـــه؟ ومـــن أجـــل مَـــن ولمـــاذا مــاتَ مَـــن مـــاتَ وشُـــرِّدَ الآلافُ مِــمّــنْ كـــان لــهـــم ســقـــفٌ يـــأويــهـــم؟”.
وأردف: “أمــامَ تَــعـــاظـــمِ الأخــطـــارِ الــمـــالــيـــةِ والإقــتــصـــاديـــةِ والإجـتـمـاعـيـةِ والأمـــنـــيَّـــةِ لا بُــدَّ مـن تـــنــازلاتٍ مــن قِــبَــلِ الــمــســـؤولــيـــن. ألَـــمْ يَــحِـــنْ الـــوقـــتُ لــيُـــدركـــوا أنّ إلــغـــاءَ الآخـــرِ لا يُــجـــدي، وأنّ الــمـطـلــوبَ هـــو تــعـــاونٌ مــن أجـــلِ الإنـقـــاذ، وتــحــصــيـــنُ الـبـلـدِ مـن تـداعـيـاتِ الـصـراعــاتِ الــخـــارجــيــة بـــالــتــضـــامـــنِ الـــداخــلـــي والــتــفـــاهـــمِ مـــن أجــلِ مــصــلــحـــةِ الــبــلـــد؟”.
وفي الشأن الفلسطيني، قال عوده: “لا بُـــدّ مـــن الــتــعــبــيـــرِ عـــن حـــزنـِــنـــا وإدانتِنا الشديدة ورفضِنا لــمـــا يــجــري فـــي أرضِ فلسطين الحزينة مـــن قـــضــمٍ وتهــجــيــرٍ وعــنـــفٍ وســفـــكِ دمـــاء. ســكــانُ الــقـــدسِ وغزة يُــقــتــلـــون. أهـــلُ الأرضِ يُــضــطَــهَـــدون مـــن قِــبَــلِ الــمــســتـــوطِــنــيـــن المحــتــلّـيـن. الأبــريــاءُ يــدفــعــونَ ثــمـــنَ الــحــقــدِ والــجــشـــعِ والإســتــقــواء. أينَ الرحمةُ والعدلُ؟ دعـــاؤنـــا أن يــقــيــمَ الـــربُّ عـــدلَـــه فـــي هـــذه الأرضِ الــمــقـــدســـة، مَــهـدِ المسيح، إلهِ السلام، فلسطين الجريحة، وأن يَــبــسُـــطَ ســـلامَـــه فــيــهـــا وفـــي مــنــطــقــتِـــنــا والـعــالــمِ أجــمـع لــيَـنْــعَـــمَ شـعــوبُ الأرضِ بــالـهـنــاءِ والـســـلام”.
وختم قائلاً: “دَعـــوَتُــنـــا فـــي هَـــذِهِ الــفَــتـــرَةِ الــفِــصــحِــيَّـــةِ أَنْ نَــتَــشَــجَّـــعَ، ولا نــخــتــبـــئَ خـــوفـــاً، بَـــلْ فَــلــنَــخـــرُجْ إلـــى الــنُّـــورِ، حَــتَّـــى نَـــرى الـــنُّـــورَ آتِـــيًـــا إِلَــيــنـــا”.