جدول أعمال موسّع للشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل: تقنيات جديدة وفرص جديدة

 

جدول أعمال موسّع للشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل: تقنيات جديدة وفرص جديدة
بواسطة مايكل آيزنشتات, هنري “تري” أوبيرنج الثالث, سامانثا رافيچ, ديفيد بولوك

تحليل موجز

يساهم عدد قليل من الحلفاء في أمن الولايات المتحدة ونجاحها في العديد من الطرق المتنوعة والمهمة كما تساهم إسرائيل. وفي هذا الصدد، يناقش أربعة خبراء كيف يمكن للحليفتين العمل عن كثب في كل شيء من الذكاء الاصطناعي إلى الدفاع الصاروخي، وبشكل مثالي بمساعدة شركاء عرب ناشئين.

“في 5 أيار/مايو، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع مايكل آيزنشتات، واللفتانت الجنرال هنري “تري” أوبيرنج الثالث، وسامانثا رافيتش، وديفيد بولوك. وآيزنشتات وبولوك هما زميلان أقدمان في المعهد ومؤلفان مشاركان لدراسته الأخيرة “اختبار الأصول 2021: كيف يمكن للولايات المتحدة أن تستمر في الاستفادة من تحالفها مع إسرائيل”. وأوبيرنج هو ضابط متقاعد من “القوات الجوية الأمريكية”، أكمل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً من الخدمة العسكرية، من بينها فترة عمله كمدير لـ “وكالة الدفاع الصاروخي” التابعة للبنتاغون. ورافيتش هي رئيسة “مركز الابتكار الإلكتروني والتكنولوجي” في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم”.

 

مايكل أيزنشتات

لطالما وُصفت الأسس التي يقوم عليها التحالف الأمريكي-الإسرائيلي بأنها قيم مشتركة وسياسات ديمقراطية ومصالح استراتيجية مشتركة. ورغم أن هذه الصيغة لا تزال صحيحة، إلا أنها تعجز عن وصف مدى تعقيد هذه العلاقة بشكل مناسب. وقد أصبح التحالف الثنائي مسألة ثنائية الاتجاه بشكل متزايد، مما يعزز بشكل ملموس قدرة واشنطن على مواجهة التحديات الأمنية “الصعبة” و “الناعمة” في المستقبل.

وفي الواقع، يساهم عدد قليل من الحلفاء في أمن الولايات المتحدة ونجاحها في العديد من الطرق المتنوعة والمهمة كما تساهم إسرائيل. فقد ساعدت هذه الأخيرة الولايات المتحدة على المنافسة اقتصادياً بشكل أفضل، وكذلك على معالجة قضايا الاستدامة المتعلقة بالأمن المائي والغذائي، والطاقة المتجددة، والصحة العامة (على سبيل المثال، أثناء جائحة “كوفيد-19”). وتُقدم إسرائيل أيضاً مساهمات مهمة في مجالات تبادل المعلومات الاستخبارية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، والدفاع بواسطة الطائرات بدون طيار/القذائف/الصواريخ، والدروس العسكرية، والإنتاج الصناعي الدفاعي.

ويكمن السبب جزئياً وراء هذه المساهمات في واقع أن إسرائيل تلعب دوراً أكبر من حجمها بكثير وتثبت حضورها اقتصادياً وتكنولوجياً. وصحيح أنها تمثل 2.5 في المائة فقط من إجمالي سكان الشرق الأوسط إلا أنها تستهلك 20 في المائة من الصادرات الأمريكية إلى المنطقة. ووفقاً لموقع “بلومبرغ”، تحتل إسرائيل المرتبة الأولى في العالم في مقياسين علميين رئيسيين – استثمار البحث والتطوير كنسبة مئوية من “الناتج المحلي الإجمالي”، وعدد المهندسين/العلماء لكل فرد – بالإضافة إلى المرتبة الخامسة في براءات الاختراع للفرد والسابع في الابتكار. كما أنها تحتل المرتبة الأولى في نصيب الفرد من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي والثالثة في إجمالي الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، بعد الولايات المتحدة والصين فقط. وبناءً على ذلك، ستكون الشراكات الثنائية بشأن الذكاء الاصطناعي ضرورية للاستفادة من هذه التكنولوجيا التحويلية.

وفي ضوء هذا النظام البيئي المبتكر والمزدهر، أنشأت أكثر من 300 شركة تكنولوجيا أمريكية مراكز للبحث والتطوير في إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تقوم الشركات الإسرائيلية التي تسعى إلى الانتشار عالمياً بتوقيع شراكة مع نظيراتها الأمريكية، مما يسفر عن عمليات تبادل تكنولوجي واستحداث عشرات الآلاف من الوظائف الأمريكية. وبينما غالباً ما يتم توجيه المساهمات الإسرائيلية بشكل كبير نحو قطاعات متخصصة في الاقتصاد الأمريكي (على سبيل المثال، تكنولوجيا المعلومات)، فإنها تميل إلى أن يكون لها تأثيرات مضاعفة تعزز العديد من القطاعات الأخرى في الاقتصاد (على سبيل المثال، تعزيز التجارة الإلكترونية).

هنري أوبيرنج الثالث

يتعاون الجيش الأمريكي مع القوات المسلحة الإسرائيلية ويتعلم منها منذ عقود. وقد أدّى استيعاب إسرائيل للتقنيات المتقدمة إلى جعلها شريكاً مهماً بشكل خاص في تطوير أنظمة الدفاع الصاروخي ونشرها، لذلك يجب على البلدين مواصلة التعاون في مجال الصواريخ قصيرة المدى والدفاع الصاروخي. وفي الآونة الأخيرة، اشترى الجيش الأمريكي بطاريتين من منظومة “القبة الحديدية” كخيار مؤقت ويقوم بتقييم قابلية نجاحها على المدى الطويل، مما يدل على أهمية التكنولوجيا الإسرائيلية في هذا المجال. وفي الفترة المقبلة، يجب على المسؤولين النظر في العمل باتجاه مشروع دفاع صاروخي إقليمي ينطلق من “اتفاقيات إبراهيم”.

وفي غضون ذلك، يجب على الشراكة الثنائية للدفاع الصاروخي تطوير قدرات الجيل التالي التي تركز على استكشاف بيئات جديدة كالفضاء مثلاً. وتتطلب التهديدات الناشئة من كوريا الشمالية وإيران والجهات الفاعلة الأخرى ترسيخ أجهزة استشعار قائمة في الفضاء وقدرات على القتل. ومن خلال العمل مع شركات القطاع الخاص التي تقوم حالياً بتطوير التكنولوجيا ذات الصلة، ستكون إسرائيل والولايات المتحدة في وضع جيد للتعاون في مثل هذا النظام.

ومنذ الحرب العالمية الثانية، اعتمد الجيش الأمريكي على التفوق التكنولوجي [الذي يتمتع به] على خصومه، لكن الصين ودول أخرى تعمل على تآكل هذه الميزة تدريجياً. لذلك يجب على واشنطن أن تظل يقظة واستباقية تجاه مثل هذه التحديات. وسيضمن التعاون مع الحلفاء البارعين في مجال التكنولوجيا مثل إسرائيل أن يكون بإمكان كلا الشريكين مواجهة هذه التهديدات الناشئة.

سامانثا رافيتش

ستستفيد الولايات المتحدة كثيراً من مشاركة المزايا التكنولوجية مع إسرائيل. وسيقود الذكاء الاصطناعي و التعلم الآلي الكثير من دفة الازدهار والصحة والأمن المستقبلي في العالم، لذا فإن التعاون الثنائي في هذه المسائل سيؤتي ثماره.

لقد اتخذ البنتاغون بعض الخطوات لدمج الذكاء الاصطناعي في مهمته – على سبيل المثال، يوضح “مركز الذكاء الاصطناعي المشترك” إدراك الجيش أن التطورات في هذه المجالات يجب أن تندمج مع العمليات والسياسات الحالية. وعملت إسرائيل مع الولايات المتحدة في مثل هذه البرامج منذ البداية وكانت أحد الأعضاء المؤسسين لـ “شراكة الذكاء الاصطناعي للدفاع”، التي تضع الأساس لمستقبل الحرب المشتركة.

هناك الكثير من السبل الأخرى للتعاون الثنائي في مجال الذكاء الاصطناعي. فالبيانات والحلول الحسابية هي ركيزة الذكاء الاصطناعي، ولا يحظى تحدي حماية هذه الأصول من الخصوم بالكثير من التركيز. وتُعتبر إسرائيل في طليعة الأمن السيبراني، لا سيما فيما يتعلق بالأجهزة الطبية والأمن المائي، لذلك يجب على الولايات المتحدة أن تحصل على خبرتها في هذه المجالات. وعلى نطاق أوسع، من الضروري أن تعمل أمريكا على تطوير “هيئة ذكاء اصطناعي” تتألف من خبراء يمكنهم مساعدة الجهود الحكومية لإدراج الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، ومن شأن التعاون الإسرائيلي أن يعزز هذا الجهد.

ومع ذلك، فإن إحدى المشكلات الرئيسية مع التحالف هي عدم إدراك إسرائيل بصورة تامة التهديد الذي تشكله الصين. ومن المحتمل أن تنبع هذه العقلية من واقع عدم نظر الدول الأصغر في كثير من الأحيان إلى أنشطة الصين العالمية بنفس الطريقة التي تنظر بها الولايات المتحدة. [ومع ذلك]، بدأت إسرائيل في تطوير موقف أكثر عدائية تجاه بكين مؤخراً، لكن هذا التحول مدفوع إلى حد كبير من قبل واشنطن ولم يكن كافياً حتى الآن. على سبيل المثال، لا تشمل الهيئة الحكومية الإسرائيلية المسؤولة عن مراجعة تداعيات الاستثمارات الأجنبية على الأمن القومي قطاع التكنولوجيا، ولم تهتم كثيراً بالتهديد الذي تشكله الصين على الجامعات المحلية.

ومع تعمق التعاون الأمريكي الإسرائيلي في مجال التكنولوجيا الفائقة، قد تشعر إسرائيل بتأثير الأنشطة الخبيثة لبكين بشكل أكثر مباشرة وتتصرف وفقاً لذلك. على أي حال، يجب على الولايات المتحدة الاستمرار في مشاركة معلومات التهديد الصيني مع المسؤولين الإسرائيليين، لأن هذه المقاربة ساعدت في إقناع الحلفاء الآخرين بإعادة النظر في موقفهم تجاه بكين.

ديفيد بولوك

كانت ريادة إسرائيل في المجال الطبي واضحة للعيان خلال جائحة “كوفيد-19″، مما عزز السمعة التي بنتها على مدى عقود كشريك حيوي للشركات الأمريكية. وأدى الجمع والإدارة المتقدمان للبيانات الطبية في البلاد إلى قيام شركة “فايزر” بتبادل اللقاحات للوصول إلى هذه المعلومات، مما يؤكد أهمية إسرائيل في جهود التطعيم العالمية.

كانت إسرائيل أيضاً رائدة عالمياً في صون المياه والري لبعض الوقت. وتشمل أحدث ابتكاراتها دمج الذكاء الاصطناعي في إدارة المياه من أجل تحسين استخدامها والحفاظ على الموارد. ودخلت البلاد في شراكة مع الولايات المتحدة في مجال الطاقة البديلة ومواجهة المناخ أيضاً.

وحالياً حيث تقوم إسرائيل بتطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية، ستستفيد المنطقة حتماً من براعتها التكنولوجية. وبقدر الإمكان، يجب أن يشمل التعاون الإسرائيلي والعربي والأمريكي في هذا الصدد الفلسطينيين أيضاً. وعلى الرغم من التعقيدات السياسية للتعاون الرسمي، يبدو أن الفلسطينيين في القطاع الخاص يعملون بالفعل مع الإسرائيليين والعرب في قطاع التكنولوجيا.

وفيما يتعلق بقضايا الدفاع، يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل ضمان قدرة بيروقراطياتهما على إدارة التهديدات الناشئة بفعالية. ويُعد الإعلان الأخير عن تشكيل لجنة لتعزيز التنسيق الثنائي بشأن التهديدات الإيرانية في المنطقة خطوة واعدة في هذا الاتجاه. وسيستفيد كلا الشريكين من توسيع هذا النهج الثنائي إلى مقاربة متعددة الأطراف، خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن “الناعمة” مثل تغير المناخ.

 

أعد هذا الملخص هنري ميهم.

عن المؤلفين
Michael Eisenstadt
مايكل آيزنشتات
مايكل آيزنشتات هو زميل أقدم ومدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن.
Henry Obering III
هنري “تري” أوبيرنج الثالث
اللفتنانت جنرال هنري “تري” أوبيرنج الثالث تقاعد من “القوات الجوية الأمريكية” بعد أكثر من خمسة وثلاثين عاماً من الخبرة في مجال تطوير أنظمة الفضاء والدفاع والعمليات.

سامانثا رافيچ
سامانثا رافيتش هي رئيسة “مركز الابتكار الإلكتروني والتكنولوجي” في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”.

ديفيد بولوك
ديفيد بولوك زميل أقدم في معهد واشنطن يركز على الحراك السياسي في بلدان الشرق الأوسط.

Exit mobile version