هآرتس : جاكي خوري
مظاهرات الاحتجاج والمواجهات التي اندلعت في الأيام الأخيرة في البلدات العربية والمدن المختلطة في أرجاء البلاد لم تنبع من دافع واحد، بل نتيجة تراكم عدة أسباب أدت إلى إحباط كبير قاد إلى الاحتجاج في عشرات المواقع:
1- الخوف من المس بحرية العبادة: المس بالرموز الدينية والقيم الأخلاقية والدينية اعتبر خطوة استفزازية يمكنها وحدها إشعال احتجاج واسع، وفي السنة الماضية حدثت أحداث كهذه زادت الغضب والإحباط في أوساط المجتمع العربي، أحدها كان مسألة قوانين تحويل الجنس وحقوق المثليين وموقف القائمة المشتركة من ذلك، نقاش اختار “راعم” إبرازه كخطوة استهدفت توسيع دعمهم. في اللحظة التي خرج فيها المارد الديني من القمقم لم يعد بالإمكان السيطرة عليه، خاصة عندما يدور الحديث عن صراع يتعلق بموقع رمزي جداً ومهم مثل المسجد الأقصى.
2- الصراع في الشيخ جراح: حاولت إسرائيل عرض الصراع القانوني حول أملاك حي الشيخ جراح شرقي القدس كنزاع على العقارات مثل أي نزاع آخر، فقط مجرد نزاع بين مستوطنين وفلسطينيين. ولكن الطرف الفلسطيني لم يوافق على هذه الرواية، والنقاشات التي تتعلق بهذا النزاع ترافقها مصطلحات التطهير العرقي واقتلاع عائلات فلسطينية من بيوتها بدعم من الدولة.
لا يوجد أي خلاف في المجتمع العربي حول الحاجة إلى الاحتجاج على التعامل مع الحي. النقاش يتناول قوة الاحتجاج الشعبي المطلوبة لذلك. وفي هذه المرحلة يتم تجنيد نشطاء مسلمين ومسيحيين كثيرين له، وكذلك نشطاء يهود يتماهون مع النضال الوطني الفلسطيني. حتى لو لم يجذب الآلاف، إلا أن الصدى الجماهيري الذي يثيره قوي.
3- شهر رمضان: الأحداث التي جرت على درج باب العامود في بداية شهر رمضان كانت علامة أولية ودافعاً أساسياً للاحتجاج الذي اندلع في القدس. الكثيرون وجدوا خطاً يربط بصورة مباشرة بين النزاع في الشيخ جراح وسلوك الشرطة في أيام الصيام الأولى.
اعتبر المسجد الأقصى في وعي الفلسطينيين رمزاً للسيادة والوجود الوطني في القدس، ويتماهى العلمانيون والمواطنون العرب غير المسلمين معه والتجند من أجله. في الأيام الأولى للصوم عبر كثيرون عن الاحتجاج في الشيخ جراح ومروا على درج باب العامود أثناء النهار وشاركوا مساء في الصلاة داخل المسجد الأقصى.
4- الجيل الشاب: إن وجود الشباب كان ظاهراً جداً في الاحتجاجات التي جرت في الأسابيع الأخيرة في الشيخ جراح وفي البلدات العربية داخل إسرائيل. شباب وفتيات يلفون أنفسهم بأعلام فلسطين، أطلقوا هتافات تدين الاحتلال وضد حكومة إسرائيل، إلى جانب هتافات تأييد للنضال الوطني الفلسطيني.
كثير من المحتجين هم من جيل أوسلو. بالنسبة للآخرين، الأكثر شباباً، يدور الحديث عن تاريخ حديث – هم من الجيل الذي لا يتأثر بالقيادة السياسية في رام الله، وبالتأكيد لا يتأثر بالقيادة السياسية في غزة. ولا تعتبر القيادة المحلية عندهم حلاً سيمنعهم من التجمع والاحتجاج. بالعكس، يبدو أحياناً أن القيادة بالتحديد يقودها هؤلاء الشباب أنفسهم. كان هذا الأمر بارزاً في قرار أعضاء لجنة المتابعة ورؤساء السلطات المحلية الانضمام إلى الاحتجاج، وفي الدعوات لزيادة المسيرات في القرى العربية.
تولد في السنوات الأخيرة انطباع بأن الجيل الشاب ينشغل بنفسه وأنه قد تخلى عن المسألة الوطنية. وهو انطباع تعزز بتشجيع من الأحزاب العربية. ولكن أحداث الأسابيع الأخيرة أثبتت أمراً آخر. صحيح أن الحديث لا يدور عن عشرات آلاف الأشخاص، لكن مع ذلك، هناك حضور بارز لشباب لا يخاف من بضعة أيام اعتقال ولوائح اتهام بسبب الإخلال بالنظام.
5- المدن المختلطة في المركز: إن انطلاق الاحتجاج في المدن المختلطة يشكل رسالة. الوجود اليومي اليهودي – العربي من شأنه أن يستخدم كوسيلة للتعاون وتخفيف التوتر. ولكن هذه المدن نفسها تشكل أيضاً صورة مشابهة للتمييز الهيكلي بالنسبة للسكان العرب. احتجاج العقارات الذي تعزز مؤخراً في يافا واقتحام أوساط يمينية لأحياء في اللد والرملة، زاد التوتر. ليس مفاجئاً من أن سكان هذه المدن الذين يعانون في معظمهم من وضع اقتصادي – اجتماعي صعب، قد أظهروا تضامنهم مع النضال في الشيخ جراح.
6- الشبكات الاجتماعية: تأثير الشبكات الاجتماعية على الشباب تأثير قوي وفوري. مواجهات الشيخ جراح والمسجد الأقصى تم توثيقها ونشرها بشكل واسع في الشبكات إلى جانب دعوات للانضمام إلى الاحتجاج، التي استجيب لها على الفور حتى من قبل الذين يجهلون جوهر الاحتجاج.