مع استمرار عملية “حارس الاسوار” في قطاع غزة وتصاعد حدة المواجهات العسكرية بين الجيش الاسرائيلي والفصائل الفلسطينية وتزايد اعداد القتلى والجرحى، لفت حديث اعلامي ايراني حول جهوزية “حزب الله” لتنفيذ عمليات ضدّ إسرائيل، إذا طلبت منه ذلك فصائل المقاومة في غزة، ما حرّك المخاوف على مصير الجبهة الشمالية في الجنوب، في ضوء مواصلة التصعيد الإسرائيلي في القدس المحتلة. الا ان القراءات العسكرية اللبنانية التي أجرتها “نداء الوطن” مع كل من العميد الركن المتقاعد الدكتور نزار عبد القادر ومدير مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر والعميد المتقاعد امين حطيط اجمعت على بقاء هذه الجبهة في منأى عن اي تصعيد، سواء من جانب اسرائيل ام من جانب “حزب الله”، انطلاقاً من حرص الطرفين على الهدوء وعدم تغيير قواعد الاشتباك واحترام القرار الدولي 1701.
عبد القادر وقميص عثمان
وفي هذا السياق، استبعد العميد عبد القادر “اي انعكاس او تأثير لما يجري في القدس او في غزة على الهدوء السائد على الجبهة اللبنانية منذ سنة 2006 وتطبيق الـ1701 لحرص الطرفين، سواء اسرائيل او “حزب الله” على استمرار هذا الهدوء، ولان الترتيبات التي فرضها القرار الدولي محترمة من الطرفين منذ 2006 الى اليوم، ورأينا أنه حتى في ظل الضغوطات المباشرة التي كانت تمارسها اسرائيل على “حزب الله” كان الامر يقتصر على عمليات محدودة جداً في مزارع شبعا التي تعتبر خارج اطار الـ1701″. واعتبر عبد القادر “أن ملف القدس شأن يخص الفلسطينيين، وشاهدنا كيف ان الدول العربية المسؤولة عن هذا الملف تعاطفت مع ما يجري ضمن الحد الادنى الاعلامي انقاذاً لسمعتها فقط”، واكد ان ما اعلنه الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في يوم القدس “كان مجرد تحذيرات ذات طابع اعلامي لكي يقول لاسرائيل اننا هنا وسلاحنا جاهز ونحن نراقب ما يجري عندك، ولكن من منظوري الشخصي، ليس هناك من حالة انذار على الجبهة اللبنانية او بين صفوف المقاومة وكلامه جاء بالحد الادنى مناورة اعلامية”. وابدى اعتقاده بـ”أن القضية الفلسطينية سواء بالنسبة الى “حزب الله” ام بالنسبة الى ايران هي قميص عثمان وليست قضية”.
حطيط: الطرفان لا يريدان الحرب
من جهته، استبعد العميد حطيط “اي امكانية لانفجار الوضع على الحدود الجنوبية لاسباب موضوعية واقليمية”، وقال: “واضح الى حد الآن ان الطرفين لا يريدان الحرب، فاسرائيل يُستبعد ان تشنّها، و”حزب الله” من المؤكد انه لن يبادر الى شنّها”.
ورأى ان اسرائيل “تحاول اليوم القيام بفعل ردع، او فعل قوة، لان حالتها العسكرية متردية جداً ومناورات “مركبات النار” على الجبهة جاءت لحجب وضعها العسكري المأسوي والتغطية على تراجع قدراتها، حيث تفيد التقارير بأن قواتها البرية غير جاهزة للحرب وقوات الطيران فقدت صفة السلاح الحاسم وقوات المظليين غير كفوءة للعمل كما في السابق، وكانت تريد معالجة كل ذلك من خلال المناورات، وقد حاولت ان تتخطى احداث القدس التي بدأت منذ ايام وبالرغم من ذلك اطلقت المناورات لانها بحاجة اليها قبل ان تضطرّ لوقفها بفعل حجم التهديدات والمخاطر الامنية في الداخل الاسرائيلي”.
وإذ لم يستبعد حطيط ان تشن اسرائيل “عمليات موجعة في الضفة الغربية لتعزيز قوة الردع عندها”، اعتبر ان “موقعها السياسي المشتت والواقع الاقليمي ليسا في جو السماح لها بشنّ حرب، واميركا لن تمنحها الضوء الاخضر لذلك وعليه ستنتهي المواجهات على النحو الذي كانت تنتهي اليه سابقاً”، الا انه سجّل “في المنازلة الاخيرة ثلاثة امور جديدة: جهوزية المقاومة الفلسطينية للرد، قرار اقليمي باستعداد محور المقاومة للمواجهة الشاملة وتخبط وارتباك اسرائيلي”.
وإذ اكد ان “ليس من مصلحة اسرائيل الذهاب الى حرب شاملة اليوم”، حذّر من انه اذا ضربت لبنان فالامور ستتدحرج ومن المؤكد ان “حزب الله” سيرد على الضربة”. واقرّ بأن “حزب الله” يراقب ما يجري اليوم وبالطبع هو قادر على تقديم الامدادات.
“الحزب يراقب ما يجري في القدس والضفة وهو قادر على تقديم الامدادات للمقاومة الفلسطينية من خارج الجبهة اللبنانية، الا ان تحريك هذه الجبهة اليوم امر غير وارد”.
جابر: ليست غزة
اما العميد جابر فأكد “ان لا “حزب الله” على استعداد اذا طُلب منه التدخّل وإشعال مواجهة، ولا اسرائيل مستعدّة للحرب، فالجبهة الشمالية ليست غزة وتختلف تماماً عنها، ونعلم جميعاً بأن اشتعالها معناه امتداد الاشتعال الى الجبهة السورية وبالتالي حدوث حرب اقليمية، و”حزب الله” لن يرتكب اي هفوة بهذا الخصوص، فقواعد الاشتباك مع اسرائيل في جنوب لبنان واضحة، وستبقى واضحة لان اي خلل فيها سيشعل المنطقة بأسرها”.
وانطلاقاً من ان موضوع غزة مختلف تماماً، ابدى جابر اطمئنانه الى “هدوء جبهة جنوب لبنان وعدم قيام “حزب الله” او اسرائيل بأي مغامرة”.
وتحدث عن اسباب عدة تمنع الحرب سواء اسباب اسرائيلية ام لبنانية، ومن ابرز ما يحول دون قيام اسرائيل باي مغامرة عسكرية هو وجود نحو مليون مستوطن اسرائيلي في اصبع الجليل الاعلى بلا ملاجئ وباعتراف اسرائيلي، واول مؤشرات الحرب تكون عندما نرى انها بدأت باجلائهم الى الداخل الاسرائيلي”. اما من الاسباب اللبنانية، “حزب الله” غير مستعد لتحمّل مسؤولية “الضربة الاولى” مهما كان السبب، لانه اذا دخل في معركة كهذه كل سلاحه لن ينفعه لان ظهره لن يكون محمياً في الداخل فالشعب اللبناني لا يريد حرباً، المقاومة اللبنانية مع المقاومة الفلسطينية في خندق واحد لكن هذا لا يعني ان “حزب الله” سيرمي صواريخ على اسرائيل بل يساند الفلسطينيين اعلامياً لوجستياً سياسياً لكن لا يخوض معركة يطلبها منه اي طرف”.