نداء الوطن
تفجّر الوضع العسكري بين إسرائيل وقطاع غزة ما تسبّب بسقوط قتلى وجرحى من الطرفَيْن، مع توالي الضربات الجوّية والبحريّة الإسرائيليّة على القطاع المحاصر في عملية أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم “حارس الأسوار”، فيما أطلقت الفصائل الفلسطينيّة في غزة مئات الصواريخ على البلدات والمدن الإسرائيليّة في معركتها ضدّ الدولة العبرية، والتي أسمتها “سيف القدس”، ما أدّى إلى توقف الدراسة في إسرائيل وتعليق حركة الملاحة الجوّية في مطار “بن غوريون” شرق تل أبيب، في وقت نزل فيه آلاف الإسرائيليين إلى الملاجئ.
وبينما انهمرت الصواريخ على المناطق السكنية الإسرائيليّة، طُرحت علامات استفهام جدّية حول مدى جاهزية الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة على مواجهة حرب مستقبليّة قد تدوم لأيّام وحتّى لأشهر، وتكون البلاد خلالها عرضة لهجمات صاروخيّة أكثر كثافة وأوسع نطاقاً ومن جبهات عدّة.
وإذ لفت مراقبون للتصعيد الميداني المستجدّ إلى أن نظام “القبّة الحديدية” استطاع اعتراض معظم الصواريخ التي انطلقت من غزة، أشاروا في الوقت عينه إلى أن هناك صواريخ أكملت مسارها وسقطت في أماكن مأهولة، متسبّبةً بأضرار وخسائر مادية وبشرية لافتة.
وفي هذا الصدد، قُتِلَ أكثر من 30 شخصاً في غزة، بينهم 10 أطفال وقياديّون كبار في “كتائب القسام” التابعة لـ”حماس” و”سرايا القدس” التابعة لـ”الجهاد الإسلامي”، بينما أُصيب أكثر من 200 بجروح متفاوتة. أمّا في إسرائيل، فقد قُتِلَت 3 إسرائيليّات في عسقلان وتل أبيب وجُرِحَ نحو 100 آخرون بسبب التساقط الكثيف للصواريخ.
كذلك، تحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية عن إصابة خط أنابيب الوقود بين إيلات وعسقلان في هجوم صاروخي، ما أدّى إلى وقوع أضرار هائلة، بينما توعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حركة “حماس” و”الجهاد الإسلامي” بدفع ثمن باهظ، مشيراً إلى مئات الغارات الجوّية على مواقعهما وإلى أن المعركة ستأخذ وقتاً طويلاً.
كما حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس من أن بلاده لا تقبل بأن تتعرّض لقصف يمسّ أمن مواطنيها، وقال: “لا يزال هناك كثير من الأهداف في دائرة الإستهداف، هذه ليست سوى البداية”، فيما هدّد رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية أفيف كوخافي بأنّهم مستعدّون لتوسيع المعركة في قطاع غزة إذا لزم الأمر.
وفي المقابل، أكّد رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنيّة أنّ “المقاومة جاهزة” إذا أرادت إسرائيل “التصعيد”، وقال: “إذا أرادوا (إسرائيل) أن يُصعّدوا، فالمقاومة جاهزة. إذا أرادوا أن يتوقّفوا، المقاومة جاهزة”، مضيفاً: “هذه رسالة أوصلناها لكلّ من يعنيه الأمر”، في إشارة إلى الوسطاء الذين يُحاولون إرساء تهدئة بين الجانبَيْن.
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر ديبلوماسية لوكالة “فرانس برس” عن محاولة مصر وقطر، اللتَيْن سبق لهما أن توسّطتا في النزاعات السابقة بين إسرائيل و”حماس”، تهدئة التوترات، في حين أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب أن “مصر تحرّكت بشكل مكثف” وأجرت اتصالات مع إسرائيل ودول عربية ذات علاقة من أجل التهدئة، لكنّها “لم تجد الصدى اللازم”.
وفي الأثناء، قُتِلَ فلسطيني وأُصيب آخر برصاص الجيش الإسرائيلي عند مفترق زعترة بالقرب من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، بحسب ما أفاد مصدر أمني فلسطيني وكالة “فرانس برس”. وقال المصدر: “أطلق جنود الإحتلال النار على سيارة كان داخلها اثنان من عناصر جهاز المخابرات العامة، فاستشهد أحدهما واحتجز الجيش الإسرائيلي الآخر، وهو مصاب”.
وفي ردود الفعل، حضّت الولايات المتحدة كلاً من إسرائيل والفلسطينيين على تجنّب سقوط ضحايا مدنيين. ورأى المتحدّث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن “الخسائر في الأرواح في الجانب الإسرائيلي والخسائر في الأرواح في الجانب الفلسطيني هي أمر نأسف له بعمق”، معتبراً أن “مقتل أي مدني هو أمر مؤسف للغاية، سواء كان فلسطينياً أو إسرائيلياً”.
وكرّر برايس التنديد بإطلاق “حماس” للصواريخ، معتبراً أنّها “هجمات إرهابية فظيعة”، مدافعاً عن حق الدولة العبرية في الدفاع عن نفسها. لكنّه أكد أيضاً أن “من حق الفلسطينيين الحصول على الأمن”. وفيما تشاور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هاتفياً مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكينازي “مكرّراً هذه الرسالة المهمّة بوجوب احتواء التصعيد”، قال برايس: “نُواصل الدعوة إلى الهدوء، نُواصل دعوة جميع الأطراف إلى احتواء التصعيد والتزام ضبط النفس في ما يقومون به”.
بدوره، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان أن التصعيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين “يجب أن يتوقف فوراً”، معرباً عن “قلق كبير” لتطوّرات الوضع. وجاء في البيان أيضاً: “تعمل الأمم المتحدة مع كلّ الأطراف المعنية لنزع فتيل (التفجير) على وجه السرعة”، بينما يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة جديدة طارئة حول الشرق الأوسط اليوم، فيما حذّر مبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط تور وينسلاند من أنّ العنف المتصاعد بين إسرائيل و”حماس” سيُفضي إلى “حرب شاملة”، داعياً الطرفَيْن إلى “وقف إطلاق النار فوراً”.