كتب د.علي رباح
قد تتفاجؤون بالعنوان، نعم، أقولها وانا بكامل قواي العقلية والنفسية، ايران تتاجر بفلسطين والقدس ومنذ العام 1979، ولن اتكلم عن الحقبة السابقة، اي منذ نشأة الكيان واحتلاله لأراضي فلسطين على ايدي عصابات الارغون والشتيرن والهاغانا.
انتصرت الثورة الاسلامية في ايران، وبدأت معالم المتاجرة بالقضية، بعد أن كان نظام الشاه فيها صديقاً حميماً لإسرائيل، وحارب كل من حاربها سراً وعلانيةً. وهذه المعالم يمكن تلخيصها بما يلي:
• الغت الجمهورية الاسلامية سفارة الكيان الصهيوني في طهران واستبدلتها بسفارة فلسطين، واستقبلت منظمة التحرير وكل القوى الفلسطينية المناوئة لإسرائيل.
• رفعت شعار تحرير فلسطين، فاكتسبت عداوات غربية، وعربية من تحت الطاولة، لم تكن لتكتسبها لو انها غضت الطرف عن هذه القضية المحورية، وكانت تستطيع ان تقول ايران اولاً وآخراً، وستكون مرتاحة من هذا الحمل الثقيل الذي تنوء به الجبال.
• صدرت الثورة، وهو مصطلح مرعب للكثير من حكام العرب التابعين، وللدول الاستعمارية، وهذا المصطلح، تصدير الثورة، اسيء تفسيره عن سابق اصرار وترصد، فهو بالاصل يعني تصدير المعرفة الثورية والتحرر من القيود، كل القيود السياسية والامنية والاقتصادية والثقافية وغيرها، وبناء الذات المجتمعي على اسس قيمية، تنبع من ذات المجتمع، وبمعزل عن الانتماء الديني والمذهبي، فلا تريد ايران تشييع السنة ولا اسلمة المسيحيين، ولكنها تريد لكل الشعوب ان يتحرروا من السيستم الرأسمالي الاستعماري المقيت الذي يقيدهم ويجعلهم مجرد تابعين، فهي تدرك ان هلاكهم وهلاكها في بقاء هذا السيستم، وأن لا تحرير لفلسطين دون تبلور الفكر الثوري القيمي واعادة شحذه بعد ان همد بفعل تواطؤ حكام العرب.
• تحالفت بندية مع الشرفاء، فهي تنطلق من نقطة اساسية دينية تحكم علاقاتها مع الغير على قاعدة الاحترام والتعاون، وتقدير الاختلافات البينية، فكل طرف في الحلف يبني رؤاه واستراتيجياته بشكلٍ مستقل، وإن كانت الحاكمية على كل الحلف هو التعاون لمواجهة نظام الهيمنة وقاعدته المتقدمة إسرائيل.
• دعمت حركات المقا و مة بالسلاح والمال والموقف والكثير من شبابها (مدربين، مستشارين، شهداء لم يُعلن عنهم)، وهذا يكلفها الكثير، فلو احتفظت بهذا الدعم لنفسها لكان اقتصادها من اقوى اقتصادات العالم، ففي لبنان ما زال دعمها لأبنائه حتى اللحظة، وابوابها مفتوحة لأي كان لولا ان البعض يأبى طلب مساعدتها الاقتصادية والعلمية خوفاً من الغضب الاميركي. وفي فلسطين ما انقطع الشريان المغذي من سلاح ومال وتكفل ايتام الشه داء، ولا تريد من احد جزاءاً ولا شكورا، الا ابتغاء وجه الله واداء تكليفها الذي رماه جانباً بعض العرب، ولم يكتفوا بذلك، بل اتهموها وكل من يحارب اسرائيل ويستفيد من الدعم الايراني بأنه منافق وكافر ومرتد والخ من تهم جاهزة تفبرك في دوائر الاستخبارات الاميركية، وتقدم للببغاوات المشغلة عندهم، واستذكر في هذا المقام كلمة لجدي (رحمه الله) كان يقولها عن بعض العرب دائماً:
” لا بدو يعمل فارس ولا يعمل كديش ينقل الفرسان ولا بزيح من الدرب”
يتبع في مقال قادم، استكمال :” ايران تتاجر بقضية فلسطين والقدس” ..