لماذا تتصاعد ظاهرة هُروب الطيّارين التّايوانيين بطائراتهم الحربيّة واللُّجوء إلى الصين؟ وهل ستنطلق شرارة الحرب العالمية الثّالثة على أرضيّة الأزَمَة التايوانيّة المُتفاقمة حاليًّا؟ ولِمَن ستكون الغلبة في نهاية المطاف؟

 

تُولِي إدارة الرئيس جو بايدن الديمقراطيّة أولويّةً قُصوى لمُواجهة النّفوذ الصّيني المُتصاعِد في مِنطقة شرق آسيا، ولهذا تعمل هذه الأيّام على تأسيس تحالفٍ عسكريّ تحت زعامتها يَضُم بريطانيا وفرنسا واليابان وألمانيا وأستراليا والهند للتّصدّي لهذا النُفوذ في المُحيطين الهندي والهادي، ويتوقّع الخُبراء الاستراتيجيّون أن تكون تايوان نُقطَة الاحتِكاك الرئيسيّة، والعُنصر المُفَجِّر للحرب العالميّة الثّالثة في حالِ استِمرار وتفاقم الحرب الباردة المُستَعِرَةِ حاليًّا.

الرئيس الصيني تشي جين بينغ أكّد في خِطابه أمام المُؤتمر الوطنيّ لنوّاب الشّعب في آذار (مارس) الماضي على مبدأ الصّين الواحدة، ومُواجهة أيّ توجّه انفِصالي لرئيسة تايوان تساي إنغ وين التي فازت مُؤخَّرًا بولايةٍ ثانية، بينما يُؤيّد الرئيس بايدن هذا الاستِقلال وتسعى حُكومته لتزويد تايوان بطائراتٍ ومنظوماتِ صواريخ دفاعيّة بمِليارات الدّولارات، ودعم الحُكومة التايوانيّة لإنتاج وتطوير صناعة الطّائرة المُقاتلة “F.SE Tiger II” التي صنعت حتّى الآن 300 منها تمامًا مثلما فعلت طِهران.

وما يزيد من قلق إدارة بايدن من تصاعد النّفوذ الصّيني في مِنطقة شرق آسيا وبحر الصين، تنبّؤ بعض الدّراسات الاستراتيجيّة الأمريكيّة بضمّ الصين لتايوان في عام 2027 على أبعد تقدير وبالغزو العسكريّ إذا لَزِمَ الأمر، والتّمهيد لهذا الغزو بإرسالها طائرات مُقاتلة وقاذفات ذات قُدرة نوويّة لاختِراق الأجواء التايوانيّة.

مجلّة “ميلتري ووتش” المُتخصّصة في الشّؤون العسكريّة كشفت عن تصاعد ظاهرة انشِقاق طيّارين تايوانيين بطائراتهم الحربيّة واللّجوء إلى الصين، ومن المُفارقة أنّ طيّارًا يعمل في شركة الخُطوط الجويّة التايوانيّة المدنيّة هرب بطائرته الجامبو إلى بكّين طالبًا اللّجوء السّياسي، حسب ما قالته المجلّة في عددها الأخير.

هذه الانشِقاقات تَعكِس حالةَ اليأس والقلق التي تسود حاليًّا، ونحنُ هُنا ننقل عن المجلّة نفسها، ويعود ذلك إلى عدم الاطمِئنان لمُستقبل تايوان، وتَصاعُد القِوى العسكريّة الصينيّة المدعومة باقتِصادٍ قويّ سيحتلّ المرتبة الأُولى عالميًّا في السّنوات الخمس القادمة.

القِيادة الصينيّة قمعت قبل عامين التّوجّهات الانفِصاليّة “الديمقراطيّة” في جزيرة هونغ كونغ، المُستَعمرة البريطانيّة السّابقة، وتتّجه حاليًّا لقمع نظيرتها في تايوان، وتسعى لتأسيس تحالفٍ رباعيّ صينيّ روسيّ كوريّ شماليّ إيرانيّ، لمُواجهة الحِلف الأمريكيّ الجديد طور التّأسيس.

إذا اندلعت نيران المُواجهة الأمريكيّة الصينيّة فإنّ احتِمالات فوز أمريكا فيها تبدو محدودةً، ليس لأنّ الصين طوّرت ترسانةً مُتطوّرةً جدًّا من حامِلات الطّائرات والغوّاصات والصّواريخ الدّقيقة المُتقدّمة جدًّا، وإنّما أيضًا لأنّها تُقاتِل في دائرة مُحيطها الجُغرافيّ، ولأنّ أمريكا لم تَفُز في حُروبها في شرق آسيا، ومُنِيَت بهَزيمةٍ كُبرَى في فيتنام.

سيطرة الصين على تايوان، وهو احتِمالٌ يبدو الأكثر ترجيحًا في السّنوات المُقبلة، سيعني نهاية الإمبراطوريّة الأمريكيّة، تمامًا مثلما كانت حرب السّويس نهاية الإمبراطوريّة البريطانيّة التي لم تَغِب عنها الشّمس في حينها.. واللُه أعلم.

“رأي اليوم”

Exit mobile version