المصدر: المدن
انطلاقاً من حرب الظل المستمرة الدائرة بين إسرائيل والمحور الإيراني، وما تدّعيه تل أبيب من محاولات إيرانية لتهريب المزيد من الأسلحة الدقيقة إلى لبنان، ألقى مركز “ألما للبحوث والتعليم” الإسرائيلي، الذي يراقب الحدود الشمالية وينشر دراسات معمقة حول أنشطة محور الممانعة في لبنان وسوريا، ضوءاً جديداً على ما بات يمتلكه حزب الله من قدرات صاروخية في لبنان، كاشفاً عن مواقع جديدة يستخدمها الحزب إياه في جنوب لبنان.
وكانت إسرائيل قد صعّدت في الشهور الأخيرة هجماتها الجوية على مواقع في سوريا، حيث معسكرات فصائل مدعومة من إيران.
وفي آخر هجماتها، قُتل شخص مدني على الأقلّ فجر الأربعاء 5 أيار، جراء غارات على أهداف عدة في محافظة اللاذقية الساحلية ومحيطها. وقد ذكرت وكالة “سانا” الرسمية أن “الهجوم الذي وقع في وقت مبكر، أصاب بلدة الحفة شرقي اللاذقية ومصياف في محافظة حماة”.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن سكان محليين قولهم: “إن أصوات انفجارات بعيدة سمعت في محيط المدينة، وإن واحداً منها وقع قرب قرية رأس شمرة شمال المدينة وشوهدت النيران في المكان”.
وبعد برهة خرج المشرفون على مركز “ألما” ليكشفوا عبر موقع “تويتر” ما يزعمون أنهم يمتلكونه من معطيات، في إشارة إلى الضربات الجوية الأخيرة، فقالوا: “الغارة الجوية المبّلغ عنها في شمال غرب سوريا، استهدفت في تقديرنا مشروع الصواريخ الدقيقة والأسلحة المرتبطة بحزب الله”.
وفي تقصيها قدرات حزب الله الصاروخية، التي تؤرق القيادات العسكرية الإسرائيلية، أعلن مركز “ألما” عن وضعه خريطة مفصلة لترسانة الحزب إياه، وكشف عن ستة مواقع عسكرية جديدة يستخدمها في جنوب لبنان، وقدم المركز لمحة عن نطاق القوة النارية التي يمتلكها الحزب، ويمكن القول إنها تضاهي لا بل تتجاوز معظم جيوش حلف “الناتو”.
ويقول الرائد طال بيري، مدير قسم البحوث في مركز “ألما للبحوث والتعليم”، الذي أمضى 20 عاماً في استخبارات القوات الإسرائيلية المتخصصة في لبنان وسوريا، في حوارٍ مع شبكة “JNS” الإسرائيلية، حول ما توصل إليه مركزه: “يقدّر حزب الله أنه في صراعه المقبل مع إسرائيل، سيواجه صعوبات كبيرة في التعامل مع الجيش الإسرائيلي في منطقة مفتوحة”.
لذا، “قرر تركيز أنشطته في المناطق المأهولة, وقد بدأ منذ حرب تموز 2006، بتحويل معظم أنشطته إلى المناطق المبنية وحولها”.
تُظهر خريطة “ألما” خطين أساسيين للدفاع أنشأهما حزب الله بهدف إعاقة أي مناورة برية مستقبلية للجيش الإسرائيلي في لبنان, ومن هذه المناطق يخطط الحزب، حسب المركز، لتوجيه صليات كثيفة من النيران في اتجاه التجمعات السكانية الإسرائيلية.
يبدأ الخط الأول، وفق الخريطة المبيّنة أعلاه، عند الحدود الإسرائيلية ويمتد شمالاً حتى نهر الليطاني، ويحتوي على عدد كبير من صواريخ “غراد” و”فجر” بمدى 75 كيلومتراً، ما يضع مستوطنات شمال إسرائيل في دائرة الاستهداف, كما تحتوي المنطقة على نوع ثالث من الصواريخ، يُسمى “بركان”، يمتاز بمداه القصير وقوته النارية المدمرة.
وفي الحديث عن صاروخ “بركان”، الذي بدأ استخدامه في الحرب الأهلية السورية، حين تبنت القوات المتحالفة مع نظام بشار الأسد عقيدة روسية بمحاصرة المناطق التي يسيطر عليها المعارضون، ووضعها تحت الحصار وقصفها بكل أنواع الأسلحة، قال بيري: “البركان مُصمم للاستخدام ضد التجمعات المدنية على الحدود وضد الجيش الإسرائيلي, وتبلغ زنة رأسه الحربي 400 كيلوغرام. ويمكن أن يدمر عدداً من المباني عند اصطدامه بها”.
وأضاف, “تم تدمير قرى بأكملها في سوريا من خلال هذه التقنية، ما مكّن الأسد وحلفائه، بمن فيهم حزب الله، من الاستيلاء على العديد من المناطق”.
وأشار التقرير إلى أن “خط الدفاع الأول في لبنان يحتوي أيضاً على وجود مكثّف للصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف، مثل” ستينغر”.
وأشار أيضاً أن “خط الدفاع الثاني يبدأ عند نهر الليطاني ويمتد شمالاً حتى نهر الزهراني, وفي هذه المنطقة، وفقاً لتقييم “ألما”، تنتشر صواريخ “زلزال” متوسطة المدى، التي يبلغ مداها 200 كيلومتراً، جنباً إلى جنب مع بطاريات أقوى مضادة للطائرات”.
وحول ما يحتويه خط الدفاع الثاني، قال بيري: “هنا أيضاً، على ما يبدو، توجد صواريخ أرض – جو من طراز SA-8، بمدى يصل إلى 60 كيلومتراً”.
وبعدما كشف مركز “ألما” في تقارير سابقة عن 32 موقعاً للصواريخ في بيروت، أشار في تقريره الجديد إلى أن “العاصمة اللبنانية أضحت مليئة بصواريخ فاتح – 110 الإيرانية والسورية الصنع، التي يمكنها الوصول إلى تل أبيب الكبرى”.
وأشار إلى معطيات عن محاولة حزب الله تحويل بعض هذه الصواريخ إلى صواريخ دقيقة التوجيه.
ويذكر التقرير أن “صواريخ متطورة مضادة للسفن نشرت على الساحل في منطقة بيروت، بما في ذلك صاروخ “C-802″ الصيني الصنع، والذي استخدمه حزب الله في عام 2006 لضرب سفينة تابعة للبحرية الإسرائيلية”.
ويضيف أنه من المحتمل أن يكون حزب الله مسلحاً بصاروخ “ياخونت ” روسي الصنع، الأسرع من الصوت، في منطقة بيروت، والذي يمكن استخدامه لاستهداف ميناء حيفا، وقاعدتها البحرية، وكذلك لتحدي البحرية الإسرائيلية.
وتعقيباً على وجود هذا الصاروخ بحوزة حزب الله، شرح بيري: “يمكنهم بهذا الصاروخ استهداف منصة غاز إسرائيلية بحرية. ونعتقد أن “الياخونت” في حوزة حزب الله, وفي هذه الحال يحتمل أن الصاروخ وصل من مستودعات الأسلحة السورية, فالحرب في سوريا فتحت باباً كبيراً لحزب الله لاستيراد أسلحة عالية الجودة من مخازن سورية, وهذا جزء من الترتيب المحلي بين حزب الله والأسد, وبعض هذا يجري بعلم الروس”.
ويتابع التقرير، فيشير إلى أن صواريخ “غراد” و”زلزال” تأتي من منشآت إنتاج في إيران وسوريا, ويهربها فيلق القدس الإيراني إلى لبنان, ولا يقتصر تقرير “ألما” على تسليط الضوء على ترسانة حزب الله في بيروت والجنوب, إذ يُعد وادي البقاع، في شرق لبنان، خلفية لوجستية وعملياتية لحزب الله، فضلاً عن استضافته مصانع الأسلحة التي يبدو أنها تصنع مكونات للصواريخ الموجهة بدقة.
وحسب تقدير بيري، توجد في منطقة سهل البقاع أنظمة دفاع جوي روسية متطورة من طراز “SA-17” و “SA-22″، استوردت بمساعدة سوريا وإيران, واستطرد قائلاً: “نقدر أن يكون لدى حزب الله في سهل البقاع عشرات صواريخ سكود دي Scud-D، التي أتت من سوريا. ونعتقد أن حزب الله تدرب في سوريا على بطاريات الصواريخ هذه، ثم أتى بها إلى لبنان بكميات غير محددة”.
ويرى مدير قسم البحوث في مركز “ألما للبحوث والتعليم”، أنه رغم امتلاك الحزب لترسانة مكوّنة بمعظمها من أسلحة قصيرة المدى، إلاّ أن المحاولة المستمرة لتحويل صواريخ فاتح -110 إلى صواريخ موجهة تشكل تهديداً خطيراً لأنها تمنح الحزب القدرة على استهداف المواقع الاستراتيجية الإسرائيلية بدقة, وبينما ستوقف أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية متعددة الطبقات العديد من التهديدات القادمة، إلاّ أنها لن تكون قادرة على اعتراض كل شيء.