عماد موسى-نداء الوطن
طريق القدس طويلة. أطول من طريق الحرير بكثير. تمرّ في افغانستان والبوسنة والهرسك والعراق واليمن وسوريا والأردن ولبنان.
طريق القدس تمر في بيونس إيريس وميونيخ وباريس والمغرب وتونس ومأرب وعمان وصعدة والفلوجة وبغداد وجونية والقصير وطرابلس وبيروت ودرعا وحلب وإدلب.
منذ العام 1967 والعمليات العسكرية لم تتوقف لتحرير مدينة القدس. تفجيرات، معارك، إغتيالات، مواجهات، حروب صغيرة وكبيرة. 99% من النشاط العسكري لاسترداد مدينة القدس، يجرى على بعد عشرات ومئات الأميال عن أسوار المدينة المقدّسة ومن أبوابها المفتوحة (سبعة) والمقفلة (أربعة) ومن المسجد الأقصى.
وعندما يؤتى على ذكر المعارك المظفّرة لاستعادة القدس، لا بد من ذكر المعارك التي خاضها فيلق القدس، منذ ثلاثة عقود ولا يزال، ولا بد من ذكر تفجيرات أفغانستان وآخرها طاول مدرسة بنات، ولا بد من التوقف بإعجاب مستذكرين معارك المخيمات والمواجهات الأخوية بين الفصائل الفلسطينية، في عهد ياسر عرفات والمنتفضين عليه. وفي عهد التعايش المستحيل بين حماس وسلطة محمود عباس.
كل سنة تبدو القدس، لقادة المجاهدين، أقرب.
وكل سنة يبدو “العدو” مأزوماً أكثر.
وكل سنة تُعدّ عدّة الزحف نحو القدس، ويتجدد الوعد بالصلاة في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.
كل سنة تحتفل الضاحية وطهران بيوم القدس، وتشعرنا الخطابات أننا على بعد خطوات من الإنتصار النهائي. وهذه السنة تضاعف الأمل وآن وقت اللقاء، واتضحت الرؤية، وبات الحلم أقرب ما يكون إلى الحقيقة. دخل جبران على خط القدس فأرشد الضائعين التائهين في البيد، من خلال تغريدة اخترقت أشغِفَة الأفئدة. “مدينة القدس تواجه الإحتلال دفاعاً عن الحق بالحياة والوجود الحر… مجدداً أطفال فلسطين وشبابها ونساؤها هم البوصلة”.
عاد جبران المشرقي الإنتماء من روسيا، مبتهجاً بأقواله وطروحاته الإقليمية، عاد مرتاحاً إلى أن بقاء بشارالأسد (بعد فوزه المحسوم)،عاملٌ مطمئن ومشجع، نسي القدس. إستلحق حاله في بيروت وجدد تقديم أوراق اعتماده إلى محور المنتصرين ومقاومي الإحتلال الصهيوني وهو الذي جهر قبل أربعة أعوام “أن لا قضية إيديولوجية مع إسرائيل ومن حقها الوجود بأمان”. كثيرون تعاطفوا مع القدس وأهلها، لكن التعاطف شيء والتملّق لمحور الممانعة شيء آخر. وجبران متملّق باب أول.
اتتخيّلون جبراناً يخبط على صدره ويتفجّع: يا قدس إنّا قادمون. يا قدس قد حان المنون. يا قدس إنّا للعدو (حاضرون). لن نستكين ولن نهون.
بعيداً عن الممانعين والمجاهدين والمنافقين، تحية لزهرة المدائن.