كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: يشكل مشروع “الكابيتال كونترول” محطة أساسية لجهة إعادة تنظيم العلاقة بين المصارف والمودعين سواء على صعيد حفظ الحقوق وتحديد سقف السحوبات والتحويلات، والحد من الاستنسابية التي تعتمدها بعض المصارف في التعاطي مع الزبائن وتؤدي الى إشكالات شبه يومية، خصوصا وأن المصرف الذي لا يلتزم ببنود المشروع وبسقف السحوبات بحديها الأعلى والأدنى سيتعرض لعقوبات قاسية.
لم يعد “الكابيتال كونترول” بعيد المنال، وقد بات واضحا أنه ليس مشروعا خياليا غير قابل للتنفيذ على غرار مشاريع “المورفين” التي تعلن عنها الدولة لتهدئة غضب هنا أو ثورة هناك، بل بات جاهزا بعد دراسات ونقاشات معمقة ضمن لجنة فنية إنبثقت عن لجنة فرعية في لجنة المال ضمت ممثلين عن المصارف وعن مصرف لبنان والنائب نقولا نحاس الذي يمسك بهذا الملف منذ البداية، حيث سيتم إحالة المشروع بعد عيد الفطر مباشرة الى لجنة المال وهي شبه متوافقة عليه، ومن ثم الى لجنة الادارة والعدل، قبل أن يتم تحويله الى الهيئة العامة لاقراره وبدء العمل به، وهذا الأمر يحتاج بحسب النائب نحاس الى شهرين على الأكثر.
يقول النائب نحاس لـ”سفير الشمال”: “الكابيتال كونترول” هو لتنظيم سحوبات وتحويلات أموال المودعين في المصارف، خصوصا أن قانون النقد والتسليف وكذلك الدستور يؤكدان أن الأموال هي حق للمودعين وغير مسموح لأي كان التصرف بها، لكن عندما تأتي ظروف إستثنائية يُسمح بوضع ضوابط على السحوبات والتحويلات لكن ذلك يكون خلال وقت قصير لا يتعدى السنة يمكن أن يتجدد لمرة واحدة.
يرى نحاس أن “الكابيتال كونترول” لا يمكن أن يكون مستقلا عن خطة إصلاحية ـ إنقاذية كونه عبارة عن عمل متكامل يعالج أسباب الأزمة التي نعيشها وأدت الى التعثر في القطاع المصرفي والى التعثر في النقد وفي القطاع المالي الأمر الذي أجبر الدولة للجوء الى هذا المشروع.
يضيف نحاس: يهدف المشروع الى الحفاظ على قيمة النقد وسعر الصرف بحدوده الممكنة وأن يوقف الانهيار لأن سعر الصرف يحدد القدرة الشرائية للمجتمع الاقتصادي والمواطنين وأن يحافظ على حقوقهم ويضع ضوابط بين المودع والمصارف ومنعها من أن تلحق به خسائر كبيرة خصوصا إذا لم تؤمن له بعض التحويلات الضرورية.
يلفت نحاس الى أن خطة حكومة حسان دياب لم تبصر النور، علما أن هذه الحكومة إرتكبت خطيئة كبرى عندما أعلنت إفلاس لبنان قبل إطلاق الخطة المبنية على كثير من الأوهام بما فيها قضية النهوض الشامل، والاتيان بثلاثين مليار دولار من الأموال المنهوبة والأموال المهربة وصندوق النقد وهي كلها إقتراحات غير قابلة للتنفيذ. ومما زاد الطين بلة هو أنه عندما جمعنا كل الفرقاء في لجنة المال كان هناك خطأ في الأرقام وقد أقر صندوق النقد بذلك.
واللافت بحسب نحاس أن الخطة لم تستبدل بخطة أخرى، ثم إستقالت الحكومة ولم يحصل شيئ وكأن لا داعي للاستعجال فيما الوضع ينهار، لذلك إذا فإن لبنان يحتاج الى حكومة “مهمة” مثلما قال الرئيس الفرنسي ماكرون تضع إطارا للاصلاحات وإطارا لخطة النهوض الحقيقة المدعومة من الخارج (سيدر، صندوق النقد الدولي، صناديق أخرى) ليكون “الكابيتال كونترول” في موقعه الجيد، وفي حال لم تتشكل حكومة فإن الأمور ستتجه نحو الأسوأ على كل صعيد.
يشير نحاس الى أنه تم تقديم عدة مشاريع حول “الكابيتال كونترول” كان الخلاف واضحا حولها، لافتا الى أن ذلك دفع لجنة المال الى الاجتماع حيث شكلت لجنة فرعية إنبثق منها لجنة فنية مؤلفة منه (النائب نحاس) وممثلين عن مصرف لبنان وعن المصارف، وعملت هذه اللجنة لأشهر ووضعت كل القواعد الأساسية وأخذت بعين الاعتبار إقتراحات صندوق النقد وكل الأفكار والتوصيات الأخرى.
ويكشف نحاس أن اللجنة الفرعية تضع اللمسات الأخيرة على المشروع الذي يلحظ أمرين تم التوافق عليهما: شروط السحوبات، والسقوف بحديها الأعلى 20 مليون ليرة والأدني 12 مليون ليرة، إضافة الى إمكانية السحب بالدولار ضمن شروط يحددها المصرف المركزي، وملاحقة أي مصرف يتلكأ لدى الهيئة المصرفية العليا وفقا للمادة 280 والتي قد تصل الى توقيفه عن العمل.
وعن المسار الذي سيسلكه هذا المشروع لكي يبصر النور، يقول نحاس: بعد العيد سيصار الى تحويله الى لجنة المال وربما لن يأخذ وقتا طويلا لأن هناك توافقا مسبقا عليه، من ثم الى لجنة الادارة والعدل وبعدها الى الهيئة العامة لمجلس النواب، وأعتقد أننا نحناج الى فترة شهرين على الأكثر لكي يبصر النور في حال سارت الأمور بشكل جيد.
ويختم نحاس: “الكابيتال كونترول” حلقة من عدة حلقات، وهو ليس بناء متكاملا، بل مدماك يبنى عليه، لكن إذا لم يكن هناك حكومة تتبنى خطة نهوض متكاملة فلن يحدث شيئ.
المصدر: سفير الشمال