ايناس كريمة-لبنان24
بين “احتمال” اعتذار الرئيس المكلّف سعد الحريري عن التشكيل ونفي أوساط تيار “المستقبل”، استعاد الحراك الحكومي بعضاً من حيويته في الأيام الماضية وذلك بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيڤ لودريان الى بيروت، لكن الأكيد ان كُل ما سُرّب عن الاعتذار، إما مجرّد شائعات أو مناورات سياسية بعيدة عن الواقع، إذ ان “الحرتقات” الاعلامية والحزبية صمت ضجيجها اليوم ليبقى الحريري رئيساً مكلّفاً “ثابتا” ويصبح “الاحتمال” بعيدا!
مما لا شك فيه أن “خبريّة” الاعتذار شكّلت مادة دسمة في الأيام الفائتة ودفعت بالقوى السياسية الداخلية والاقليمية والدولية نحو استعادة نشاطها والتركيز على تفعيل المبادرات التي من شأنها أن تؤدي الى تشكيل الحكومة اللبنانية. فما الذي يجعل من اعتذار الحريري سبباً لكل تلك “الكركبة” الحاصلة منذ أيام؟
لعلّ أهمية الرئيس سعد الحريري الأساسية في هذه المرحلة تكمن في أن جميع القوى الدولية والاقليمية المعنية بلبنان تدرك أن لا بديل عنه حيث لا تقبل اي شخصية سُنية وازنة بترؤس الحكومة في ظل الانهيار الاقتصادي الحالي وما ستواجهه من تحدّيات في المرحلة المقبلة لا سيما على مستوى القرارات “اللا شعبية” التي ستضطر الى اتخاذها، الأمر الذي سيرفع نسبة احتمال انفجار الشارع مجددا بعد اعلان قرار “رفع الدعم”.
وبالرغم من التوتر الذي يسود علاقة الحريري بالمملكة العربية السعودية غير أن الاول لا يزال الاكثر إقناعاً للمجتمع الدولي وتحديدا للفرنسيين وبعض الدول العربية في ظلّ انكفاء الشخصيات السنية من الزعامات “الثقيلة” عن المنافسة على منصب رئاسة الحكومة أو حتى السعي له.
بالمقابل فإن “الثنائي الشيعي” لا يزال متمسكاً بالحريري، وبعيدا عن نشاز” التيار الوطني الحر”، يبدو أن “حزب الله” و”حركة امل” متفقان على استمرار دعمه سياسياً للحفاظ على التوازن الداخلي في لبنان والوصول الى ولادة الحكومة.
وبالعودة الى التيار “الوطني الحر”، فإن العارف بالأزمات السياسية في لبنان يستطيع أن يستنتج بسهولة أن كل ما يصدر عن التيار البرتقالي من تصعيد اعلامي ودعوات للحريري للاعتذار ليس سوى “استعراضات سياسية” لإخفاء هشاشة “العهد”، حيث أن الرئيس المكلف بات ضرورة مُلحّة اكثر من السابق لا سيّما بعد بقاء رئيس الجمهورية ميشال عون ومن هم وراءه وحيدين في مواجهة الضغط الشعبي، وأن أي حكومة “بديلة” شبيهة بحكومة دياب ستُسقط آخر ورقة توت وتعرّي القليل مّما تبقّى من “العهد”.
من جهة اخرى، فإن علاقات الرئيس سعد الحريري الدولية والاقليمية تجعل منه الاكثر قدرة على إدارة مرحلة الانهيار وتأمين التسهيلات المادية، النقدية والعينية، عبر الدول الصديقة. من هنا قد يكون الحريري، ورغم بعض الاصوات في المجتمع المدني المعارضة للسلطة والتي جمعت جميع الرموز السياسية في مركب واحد، هو الخيار الوحيد والأنسب لهذه المرحلة ولا بديل عنه لقيادة حكومة إنقاذ تكفل إخراج لبنان من مستنقع الأزمات.