اللواء
أكد وزير الخارجية الفرنسية جان أيف لودريان ان العقوبات الفرنسية ستتوسع لتصبح أقسى إذا استمر التعطيل، مشددا على ان بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي وستزيد الضغوط على المعرقلين. وأعلن ان السياسيين لم يتحملوا مسؤوليتهم وبدأنا باتخاذ خطوات تمنع دخول المعطلين والفاسدين الى الأراضي الفرنسية. وأشار الى ان «باريس كانت دوما الى جانب الشعب اللبناني وستبقى مجندة من اجل مساندته ودعمه».
انهى لودريان زيارته لبيروت بعد لقاء رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي والرئيس المكلف سعد الحريري وعدد من ممثلي المجتمع المدني، بلقاء مع الصحافة المكتوبة، في قصر الصنوبر في حضور السفيرة الفرنسية آن غريو، قال خلاله: «قبل مأساة 4 آب كانت فرنسا الى جانب لبنان في مواجهة الأزمة التي عصفت به، وخصصت اثر الانفجار اكثر من 85 مليون يورو لمجالات أربعة حددتها وفقا للأولويات، ووفت بتعهداتها في ما يتعلق بإعادة الإعمار والمحافظة على التراث وتأمين الغذاء، ومساندة القطاع الصحي اللبناني ودعم المدارس والقطاع التربوي».
أضاف: «لقد تجندت فرنسا على المستوى السياسي ودعا الرئيس ايمانويل ماكرون، بالتعاون مع الأمم المتحدة، الى اجتماع للمجموعة الدولية مرتين في 9 آب و2 كانون الأول وتم اعلان مبلغ 250 مليون يورو، ولكن بعد 8 أشهر من الجمود وانسداد الأفق يبدو أن لبنان بحاجة الى تجديد حقيقي لممارساته السياسية والمؤسساتية، والمجتمع اللبناني بغناه وتنوعه حاضر لذلك ويمكنه أن ينهل من التعدد الديموقراطي الذي يشكل قوة له».
وتابع: «مقابل التعطيل الذي تمارسه القوى السياسية لمست حيوية المجتمع المدني اللبناني، وقمت بزيارتي لهؤلاء اللبنانيين الملتزمين الذين يعملون للمحافظة على مستقبل لبنان ونموذجه المجتمعي، والتعايش والإنسجام السلمي بين طوائفه وثقافته وهذا ما يشكل قوة وحدة لبنان وفرادته. من هنا إن دعمنا مدارس لبنان اساسي ففيها تشكل المواهب المستقبلية لهذا البلد ويترسخ تماسكه. ولقد ساعدنا نحو اكثر 180 مدرسة وقررنا المحافظة ودعم الصندوق المخصص لمدارس الشرق الذي سيؤمن مجددا نحو اكثر من 22 مليون يورو للمدارس الفرنكوفونية المسيحية في لبنان».
وأردف: أن «التحضير للمستقبل يكمن في الرهان على قوة حيوية الديموقراطية اللبنانية وتجند كل المواطنين والشباب فيه من اجل السماح باعادة تثبيت دولة قادرة على الإجابة على الحاجات والتطلعات المشروعة لشعبها، وان الاستحقاقات الانتخابية سنة 2022 هي استحقاقات أساسية. لقد استمعت باهتمام الى ممثلي عدد من ممثلي احزاب وحركات يحملون مشاريع نماذج سياسية مختلفة، ولقد التقيت نساء لبنانيات استثنائيات منخرطات في مشاريع مواطنة وتضامن مدهشة، ويعود للبنانيين وحدهم باستقلالية وسيادة تامة ان يختاروا ما يريدون لبلدهم، وان استحقاق الانتخابات النيابية سنة 2022 يجب ان تشكل فرصة لنقاش ديموقراطي حول مستقبل لبنان».
أضاف: «من الملح ان يخرج لبنان من المأزق السياسي الحالي وهذه رسالتي الثالثة ولقد عبرت بصراحة عن هذا الأمر خلال لقاءاتي مع الرؤساء الذين قابلتهم من منطلق أنهم معنيون دستوريا بالاتفاق على حكومة، ولاحظت أن الفاعلين السياسيين لم يتحملوا لغاية الآن مسؤوليتهم ولم ينكبوا على العمل بجدية من اجل اعادة نهوض البلد. أنا هنا من أجل تلافي هذا النوع من الانتحار الجماعي، واذا لم يتحركوا منذ اليوم بمسؤولية، فعليهم تحمّل نتائج هذا الفشل ونتائج التنكر للتعهدات التي قطعوها. نحن نرفض ان نبقى مكتوفي الأيدي امام التعطيل الحاصل، ولقد بدأنا باتخاذ خطوات تمنع دخول المسؤولين السياسيين المعطلين والضالعين بالفساد الى الأراضي الفرنسية، وهذه ليست سوى البداية واذا استمر الأمر، فإن هذه الخطوات ستزداد حدة وستعمم وستكمل بأدوات ضغط يمتلكها الاتحاد الاوروبي وبدأنا بالتفكير بها معه».
وتابع: «على الجميع تحمل مسؤولياتهم وبدورنا نتحمل مسؤولياتنا، وعلى المسؤولين اللبنانيين ان يقرروا اذا ما كانوا يريدون الخروج من التعطيل والمأزق الذي أوجدوه، وأعتقد أن الأمر ممكن اذا رغبوا في ذلك. كل ما تقوم به فرنسا هو من اجل اللبنانيين لكي لا يفقدوا الأمل بإمكان وجود دولة عادلة وحكم فعال. نحن هنا لمواكبة اللبنانيين في بناء مستقبل يحددون هم خطوطه العريضة، ولقد التقيت بالأمس لبنانيين قرروا رفع هذا التحدي بعزة وشجاعة، وقلت لهم إن فرنسا ستكون الى جانبهم وستساند تطلعاتهم المشروعة».
أضاف: «لقد قررنا زيادة الضغوط على المعرقلين ولا يمكننا ان نبقى مكتوفي الأيدي امام كل ما يحصل، بدأنا باتخاذ قرارات تمنع دخولهم الى الأراضي الفرنسية وهذا ليس الا بداية».
وهل يؤثر التقارب بين الأطراف المتنازعة في المنطقة مثل ايران والسعودية على الأوضاع في لبنان عموما أجاب: «أعتقد أنه من غير المبرر أن نبحث في مكان آخر عن التفسيرات والأعذار لما يحصل هنا، فالمسؤولية هي أولا في لبنان».
وبالنسبة إلى الانتخابات النيابية، قال: «إنني ألتقي نظرائي في الاتحاد الأوروبي وأقول لهم جميعا وأقولها أيضا في بيروت، بأن احترام المواقيت الديموقراطية في لبنان امر لا مفر منه، ومحاولات تأجيل الانتخابات أمر لن تقبل به المجموعة الدولية وحتما فرنسا».
وقال ردا على سؤال: «لم آت الى هنا للدخول في التجاذبات السياسية، واذا زرت رئيسي الجمهورية والمجلس والتقيت الرئيس المكلف لأنهم يمثلون لبنان والمؤسسات، والمعيار الأساسي بالنسبة إلي هو التزامات تعهد بها المسؤولون اللبنانيون والقوى السياسية اللبنانية هنا في قصر الصنوبر. الالتزام الأول يتعلق بخريطة طريق مع اتخاذ مجموعة من القرارات على الأمد القصير، وقد عبّر كل ممثل عن القوى السياسية شخصيا عن موافقته عليها امام رئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون. ثانيا: التزام تأليف حكومة مهمة مؤلفة من اختصاصيين والجميع وافق عليها شخصيا كما تم التزام التأليف في مدة 15 يوما ومر نحو 9 اشهر ولم يحصل شيء. على اللبنانيين القيام بمسؤولياتهم على ضوء التزامات تعهدوا بها. السؤال هو: هل يعرفون ان يبقوا مخلصين للتعهدات التي قطعوها، واحترام كلمتهم؟».
وقال ان «من التقاهم من المجتمع المدني والمعارضة عبروا عن ارادة للنهوض، وأن الشعب اللبناني يعتز بنفسه ولا يريد ان يتورط مع قياداته والمسؤولين عنه».
وختم: «أنهي مهمتي بتصميم حول متابعة الضغوط على المسؤولين من اجل احترام تعهداتهم وبنفس الوقت أغادر مع شيء من التفاؤل عندما أرى إرادة هذا الشعب الراغب بالتعبير عن قوته وفخره بتحديد مصير لبنان».
جدول لقاءاته
وكان لودريان استهل زيارته للبنان بلقاء الرئيس عون في قصر بعبدا. واستمر اللقاء مدة نصف ساعة.
واكد عون خلال استقباله لودريان، ان تحقيق الإصلاحات، وفي مقدمها التدقيق المالي الذي يشكل البند الأول في المبادرة الفرنسية المعلنة في الأول من أيلول الماضي، وعرض عون للوزير لودريان المراحل التي قطعتها عملية تشكيل الحكومة شارحا المسؤوليات الدستورية الملقاة على عاتق رئيس الجمهورية بموجب الدستور المؤتمن عليه، ومسؤوليته في المحافظة على التوازن السياسي والطائفي خلال تشكيل الحكومة لضمان نيلها ثقة مجلس النواب، مشيراً إلى كلفة الوقت الضائع لانجاز عملية التشكيل، وطلب من الوزير لودريان مساعدة فرنسا خصوصا والدول الأوروبية عموما، في استعادة الأموال المهربة الى الخارج، مؤكدا ان ذلك يساعد على تحقيق الإصلاحات وعلى ملاحقة من اساء استعمال الأموال العامة او الأموال الأوروبية المقدمة الى لبنان، او هدر الأموال بالفساد او بتبييضها وذلك استنادا الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وحمّل الرئيس عون الوزير لودريان تحياته الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، شاكرا اهتمامه الدائم بلبنان وحرصه على مساعدته في المجالات السياسية والاجتماعية والصحية والتربوية كافة.
ثم توجه لودريان الى عين التينة حيث التقى الرئيس بري قرابة النصف ساعة، وغادر من دون الادلاء بأي تصريح.
وعلم ان الوزير الضيف اطلع من بري على اسباب تعطيل المبادرة التي قام بها وكانت مدار تواصل مستمر بين رئيس المجلس والرئيس الفرنسي، كما اكد لودريان بدوره على ان «المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة»، وان «على القادة السياسيين تحمل مسؤولياتهم لتشكيل حكومة باسرع وقت»
وبعد تكهنات تمرجحت بين حصول اللقاء وعدمه، وصل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري قرابة التاسعة مساء إلى قصر الصنوبر للاجتماع بوزير الخارجية الفرنسية، وكان لافتا ان اللقاء اتى معلنا ووسط تغطية وسائل الإعلام، خلافا للقاءات لودريان السابقة التي استهل بها زيارته للبنان، وعند العاشرة والنصف انتهى اللقاء وغادر الحريري من دون الإدلاء بأي تصريح.
وأشار المكتب الإعلامي للرئيس المكلف في بيان مقتضب، إلى أن «الرئيس سعد الحريري التقى مساء في قصر الصنوبر وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان».
وكان لودريان التقى بعد الظهر رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل ومجموعات من ١٧ تشرين والمجتمع المدني.
اللقاء الذي وصفه الجميّل بالـ«ودّي» عُقد تحت عنوان «القوى السياسية التغييرية» ضمّ حزب الكتائب وحركة الاستقلال وعامية 17 تشرين وتقدّم وتحالف وطني والكتلة الوطنية وبيروت مدينتي ومسيرة وطن، واستمر لأكثر من ساعتين.
واستكمل لودريان لقاءاته مع بيار عيسى من الكتلة الوطنية والنائب المستقيل ميشال معوض.
فيما اعتذر الشيوعيون ومجموعة شربل نحاس والنائب اسامه سعد لانه يرفض التدخل في الشؤون الداخلية.