إياكم والخطأ الذي «لن نتساهل أو نتسامح معه»، قالها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للاسرائيليين بوضوح أمس، فيما أعلنت المقاومة الاستنفار في صفوفها ابتداء من السبت، وبمستويات متنوعة، وبوضعية انتشار وجهوزية لمواكبة المناورات الضخمة التي سيبدأها جيش العدو الأحد
هذه القدرات وضعها نصر الله في تصرّف الدولة اللبنانية في ملفّ ترسيم الحدود البحرية. «الدولة يجب أن تتحمّل مسؤوليتها التاريخية للحفاظ على حقوق الشعب اللبناني، ولا تتنازل، وتعرف أنّها تستند إلى قوّة حقيقية. لبنان ليس ضعيفاً ولا تقدر الولايات المتحدة أو إسرائيل على أن تفرض عليه خيارات لا يُريدها»، داعياً إلى أن تكون «المصلحة الوطنية هي الحاكم المُطلَق بعيداً عن المصالح الشخصية». وكرّر نصر الله موقف حزب الله من موضوع ترسيم الحدود: «لن أخوض بالأسباب لأنّه بحث يطول، ولكن مصلحة لبنان والمقاومة أن نبقى نحن بمنأى عن التدخل وترك الموضوع للحكومة».
خطاب نصر الله أتى في مناسبة يوم القدس العالمي، وهو «يوم التعبير عن الموقف الثابت…»، مشيراً الى ثبات الشعب الفلسطيني «وتمسّكه بحقّه وعدم تخلّيه عن القدس وحقوقه المشروعة، وهذا الأساس»، لأنّ أهمية تمسك الفلسطينيين «يُعطي مشروعية لكلّ محور المقاومة في مساندته للقضية». الفلسطينيون لم يتخلّوا عن أرضهم، وقد انضم إلى نضالهم «قطاع غزة بصواريخه ومقاومته. تطور خطير لمصلحة الشعب الفلسطيني والمقدسيين، ويفتح آفاقاً في المقاومة. فدائماً كان همّ العدو فصل غزّة عن المعركة من خلال تهديدها وحصارها». انطلاقاً من هنا، دعا نصر الله قادة الفصائل إلى «مواصلة هذا النهج لأنّه سيُغيّر جزءاً من معادلات الصراع وقواعد الاشتباك لمصلحة القدس والشعب الفلسطيني».
كلّ حوار يُقوّي محور المقاومة ويُضعف جبهة العدو
يتزامن يوم القدس العالمي هذا العام مع «ثبات محور المقاومة» بجميع جبهاته. البداية مع إيران، «الدولة الأقوى في المحور». ولفت نصر الله إلى أنّه منذ أكثر من 40 سنة «هناك جهود غربية وإقليمية لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية وإعادتها إلى أحضان أميركا والمعسكر الغربي – الإسرائيلي، وقد فشلت». كما فشلت الرهانات الأميركية – الإسرائيلية في حرب على إيران، «وهي ستواجه العقوبات المفروضة عليها إمّا برفعها أو بالعودة إلى الاتفاق النووي. خلاف ذلك، إيران ماضية في مواجهة العقوبات وتحصين قدراتها الذاتية». إيران «عبرت مرحلة الخطر، ما يُفسّر بعض التبدلات في المواقف الإقليمية». فحالياً، هناك حوار إيراني – سعودي في العراق، وتبدّلت مواقف السعودية تجاه الجمهورية الإسلامية، «وهذا يصبّ في مصلحة محور المقاومة». وطمأن نصر الله إلى أنّه «في أحلك المواجهات، لم تبِع إيران حلفاءها وأصدقاءها، ولم تُساوم عليهم. من هذه الزاوية نؤيّد كلّ حوار ونرى أنّه يُقوّي محور المقاومة ويُضعف جبهة العدو. من يجب أن يقلق هم أصدقاء أميركا والذين يرتزقون على المواقف السياسية. إسرائيل وبعض دول الخليج قلقانين ومكترين قلق».
النقطة الثانية في محور المقاومة هي سوريا، التي «بشكل عام وضعت الحرب فيها أوزارها وهي مقبلة على انتخابات رئاسية والعديد من الدول العربية والعالمية فتحت قنوات اتصال معها»، مشدداً على أن «الاستحقاق الأخطر هو الاقتصادي ولكن هذا ما يواجهه أيضاً لبنان والعراق واليمن وإيران وفلسطين والكثير من شعوب المنطقة، وهناك تصميم على الصمود في المعركة».
أما في العراق، «فالعراقيون يواجهون محاولات إحياء داعش وقد فشل حتى الآن استهداف قوى المقاومة». وفي اليمن، «الشعب مُنتصر ومُتقدّم». لذلك، استخلص نصر الله أنّ «محور المقاومة تجاوز مرحلة استهدافه. خرجنا من المعركة أكثر قوة من أي زمن مضى». يُضاف إلى ذلك التغيرات الدولية، لا سيّما تبديل الإدارة الأميركية وتغييرها لأولوياتها «ما سيترك انعكاساً على منطقتنا خصوصاً إذا تدحرجت كرة الانسحابات العسكرية من أفغانستان إلى شرق الفرات والعراق وتخفيف الوجود في الخليج. هذا يُقلق عملاء وحلفاء أميركا، وأولهم الإسرائيلي». واعتبر نصر الله أنّ الأهم في كلّ التبدلات في المشهد، ما يجري داخل كيان العدو نفسه من «تصدّعات في جدار الحصن الإسرائيلي». عناوين التصدّع عديدة، ومن مظاهرها «الأزمة السياسية الداخلية، تحدّثُ مُحلّلين إسرائيليين عن وجود قلق داخل مُجتمع العدو حقيقي من توجّه الكيان نحو حرب أهلية، وصول صاروخ الدفاع الجوي السوري إلى مقربة من ديمونا، القلق من إمكانية عودة العمليات في الضفة الغربية، واقع الجيش الإسرائيلي وقوّاته البرية وحالة الضعف. الأمراض بدأت بعد عشرات السنين من قيام الكيان الغاصب، كلّ علامات الوهن والضعف والمرض بدأت تظهر بشكل واضح، في الوقت الذي يتجدّد فيه شباب الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة».