180Post
نشرت مجلة “لوبوان” الفرنسية تحقيقاً “حصرياً” حول “الكنوز المخبأة” لرياض سلامة ودائرة المقربين منه في فرنسا. ووفقاً للمجلة فإنّ حاكم مصرف لبنان وأقاربه اشتروا عقارات في فرنسا بقيمة تناهز 35 مليون يورو. رياض سلامة، حاكم المصرف المركزي الأكثر تأثيراً في لبنان منذ العام 1993، مستهدف حالياً في عدة شكاوى بشأن غسل الأموال في المملكة المتحدة وفرنسا. بدأت متاعبه القانونية في كانون الثاني/يناير 2021 حين فتحت سويسرا تحقيقاً استهدفه وشقيقه رجا سلامة ويده اليمنى في مصرف لبنان ماريان حويك، إحدى المشتركات السابقات في مسابقة ملكة جمال لبنان، للاشتباه بارتكابهم عمليات “تبييض أموال متصلة باختلاسات محتملة في حسابات مصرف لبنان”. تتناول التحقيقات عقداً قام بموجبه حاكم مصرف لبنان في عام 2002 ببيع سندات لبنانية إلى شركة “Forry Associates Ltd” التابعة لشقيقه، ومقرها جزر العذراء البريطانية والتابعة لشقيقه. تلقت الشركة عمولات للعثور على مقرضين، وتم إيداع حسابها في مصرف “HSBC” الخاص في جنيف بأكثر من 334 مليون دولار خلال اثني عشر عاماً، ذهب جزء منها إلى رياض سلامة نفسه، وفقاً لصحيفة “Le Temps” السويسرية اليومية. في الأشهر الأخيرة، تم تقديم شكاوى ضد رياض سلامة أمام المنظمين الماليين والسلطات الجنائية في المملكة المتحدة من قبل هيئتين. إحداها “Accountability Now”، وهي مؤسسة تأسست في سويسرا لمكافحة الإفلات من العقاب في لبنان، تقدمت بشكوى في فرنسا في 16 نيسان/ابريل ضد حاكم مصرف لبنان، من خلال المحامي أنطوان ميزون-نوف. في 30 نيسان/أبريل، تم تقديم شكوى ثانية إلى مكتب المدعي المالي الوطني (PNF) في باريس بشأن عمليات غسيل أموال واحتيال من قبل المحاميين ويليام بوردون وإميلي لوفيفر، نيابة عن منظمة “Sherpa”، المتخصصة في مكافحة الجرائم الاقتصادية وتجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والجنائية في لبنان. وبحسب “Accountability Now”، فإن العقارات التي اشتراها رياض سلامة وأقاربه في أوروبا ستصل إلى 150 مليون دولار على الأقل، نصفها تقريباً في المملكة المتحدة. يبدو أيضاً أن فرنسا وجهة رئيسية لرياض سلامة ودائرة المحيطين به. يُشتبه في أنهم استثمروا ما لا يقل عن 35 مليون يورو في فرنسا لمدة 40 عاماً، معظمها بين عامي 2007 و2014. رياض سلامة، الذي كان يعمل في الفترة الممتدة بين عامي 1973 و1993 في المصرف الاستثماري الأميركي “ميريل لينش” في بيروت وباريس، اشترى في نويي-سور-سين قبل العام 1986 عدة شقق تقع في 90 – جادة فيكتور هوغو بقيمة 5.3 ملايين فرنك. بعد ذلك بعامين، اشترى هو وصهره كمال كرم فيلا في أنتيب مقابل ثلاثة ملايين فرنك. بالشراكة دائماً مع صهره وشريك آخر، أنشأ في العام 1985 شركة تستحوذ على مطعمين في الحي السادس الباريسي مقابل 2.4 مليون فرنك. تقدر القيمة الحالية للأصول المشتراة قبل عام 1993، عندما تولى رياض سلامة منصبه في مصرف لبنان، بحوالي 10 ملايين يورو. تم التبرع بمعظم هذه المساكن لأبنائه في العام 2015. نويي والحي السادس عشر الاستثمارات التي تمت بعد عام 1993 من المرجح أن تكون ذات فائدة للعدالة. تم شراء شقتين جديدتين في نويي (90، جادة فيكتور هوغو) من قبل رياض سلامة عامي 1995 و1998، بقيمة 2.85 مليون فرنك، وهذه المرة عن طريق القروض. جاءت نقطة التحول الحقيقية في استثمارات عشيرة سلامة في أوروبا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مع إنشاء شركة “Forry Ltd”. يتم تنفيذ العمليات في فرنسا عبر شركة “BET SA” في لوكسمبورغ. لا يظهر اسم رياض سلامة في أي مكان في الشركة، لكن مجموعة من القرائن تؤكد أنه هو أو شقيقه يمتلكها. في نيسان/أبريل 2007، تأسست شركتا “CSI” و”ZEL” من جانب “BET SA” التي تأسست قبل شهر واحد فقط، واستحوذت على 99 في المئة من أسهمهما، في مقابل 1 في المئة لرجا سلامة. هدف “ZEL” هو “الاستحواذ على العقارات وإدارتها وتأجيرها، ولا سيما المبنى في 65 – جادة جورج ماندل في الدائرة الباريسية السادسة عشرة”. المدير الوحيد لشركة “BET SA” هو جان غابريال، المتخصص في الشركات الخارجية في لوكسمبورغ، والذي يدير أيضاً شركة أخرى في هذا البلد، وهي شركة “Stockwell Investissement SA”، التي تم إنشاؤها في العام 2015 ، والمساهم الوحيد فيها هو رياض سلامة. يظهر الأخير في النظام الأساسي على أنه “مدير مصرف”، وبالتالي فقد أغفل ذكر أنه حاكم، الأمر الذي يعدل بشكل كبير معايير العناية الواجبة للمصارف. استقال جان غابريال من الشركتين في يوم واحد (18 شباط/فبراير 2021)، وذلك بعد أيام قليلة من إعلان فتح التحقيق السويسري. اتصلت به “لو بوان”، ولكنه لم يرد. اشترت “Stockwell” – شركة السيد سلامة – بشكل ملحوظ مبانٍ تجارية ومواقف سيارات في ميونيخ بقيمة تقديرية تبلغ 10 ملايين يورو. أوكرانية في باريس في العام 2007، قامت “BET SA” بضخ الأموال في شكل قروض (لم يتم سدادها على الإطلاق) إلى “ZEL” ما مكّن “SCI” من الحصول على شقة بقيمة 2.4 مليون يورو في جادة جورج ماندل. لشراء هذا العقار، كان على “ZEL” الحصول على عقد قرض بقيمة 1.5 مليون يورو لصالح مصرف “HSBC”. المصرف نفسه الذي ظهر في التحقيق السويسري، ويمتلك فيه رياض ورجا سلامة حسابات مصرفية شخصية. أتاحت الأموال الأخرى التي تم إقراضها لشركة “ZEL” في العام 2009 إجراء استثمارين جديدين: شقة ثانية بثلاثة ملايين يورو في 65، جادة جورج ماندل؛ وطابق مكاتب في 66، جادة الشانزليزيه. تم شراء طابقين آخرين هناك في العامين 2011 و 2014. وبلغت القيمة الإجمالية للأصول التي اشترتها “ZEL” نحو 14.3 مليون يورو. منذ العام 2010، ساهمت شركة أخرى في تأجير وإدارة مكاتب الشانزليزيه: “Eccifice” المملوكة لآنا كوساكوفا. في العام 2015، ظهرت الأخيرة في النظام الأساسي لشركة “BET SA” بصفتها “مساهماً وحيداً”، وقامت بإعادة شراء نسبة الواحد في المئة التي كانت من حصة رجا سلامة. كانت كوساكوفا أيضاً المساهم الوحيد بين عامي 2004 و2014 في شركة قبرصية تحمل اسم Forri First Overseas Relation for Realty and Investment Ltd، في تشابه غريب مع اسم شركة “Forry Associates Ltd”. الشركة قيد التحقيق بتهمة غسل الأموال في سويسرا. تظهر المعلومات المتوفرة في سجل لوكسمبورغ لأصحاب المصلحة المستفيدين أن “المرأة الأوكرانية العازبة البالغة من العمر 45 عاماً” تظهر على أنها “المساهم المنتفع” في “BET SA”، وبالتالي فإن لها حق الحيازة والاستخدام، ولكنها ليست المالك الفعلي لشركة “BET SA”. آنا كوساكوفا، التي تدير مكاتب الشانزليزيه، مقيمة في 65، جادة جورج ماندل، (شقة اشترتها “BET SA”)، وبالتالي يبدو أنها تستفيد من خدمات تتجاوز مجرد علاقة عمل بسيطة. لم تتوقف عشيرة سلامة عند هذا الحد. في العامين 2011 و2013، اشترى رجا سلامة ، الذي يعرف بأنه “استشاري”، من خلال ابنائه الذين تتراوح أعمارهم بين 29 و35 عاماً (مصرفي، وموظف في مصرف، وطالب)، ثلاث شقق واستوديو بقيمة خمسة ملايين يورو في عنوانين مختلفين. اشترى رجا سلامة وزوجته حصصاً من كل من هذه العقارات على سبيل الانتفاع، أو حصلوا عليها من تبرعات الأبناء. العضو الأخير في “الثلاثي السويسري”، ماريان حويك، المستشارة المقربة من رياض سلامة، اشترت أيضاً نقداً في عام 2013 (حين كانت تبلغ من العمر 33 عاماً) شقة بقيمة 1.8 مليون يورو في 23، جادة ميسين في الدائرة الثامنة، وفقاً للمعلومات الواردة في شكوى المحامين ويليام بوردون وإميلي لوفيفر. زعمت المشاركة السابقة في مسابقة ملكة جمال لبنان أنها تتقاضى راتباً شهرياً قدره 8000 دولار. أخيراً، تم شراء شقة أخرى في الحي السادس عشر بقيمة 2.2 مليون يورو في العام 2012 من قبل نور سلامة، ابنة الحاكم، وزوجها السابق شفيق أبي اللمع، المستشار المقرب من رياض سلامة. في الشركات الفرنسية الأخرى التي تم إنشاؤها في السنوات الأخيرة، يبرز ابن شقيقة رياض سلامة، المحامي مروان عيسى الخوري، والذي يتم وضعه بانتظام على رأس الهياكل في الخارج التي تستحوذ على ممتلكات وذلك نيابة عن السيد سلامة. وبحسب ويليام بوردون فإنّ “العقارات في فرنسا ليست سوى الجزء المغمور من جبل جليدي أكبر بكثير” في دفاعه، يقول رياض سلامة إنه عند وصوله إلى مصرف لبنان، كانت لديه ثروة بقيمة 23 مليون دولار (19 مليون يورو)، بما في ذلك راتبه من “ميريل لينش” بجانب ميراثين. ومع ذلك، تشير الشكوى التي قدمها مكتب بوردون إلى “عدم التناسب بين الدخل الرسمي لرياض سلامة وأهمية أصوله المحتفظ بها بشكل مباشر أو غير مباشر في فرنسا ودول أوروبية أخرى”. وبحسب ويليام بوردون فإنّ “العقارات في فرنسا ليست سوى الجزء المغمور من جبل جليدي أكبر بكثير”. في اتصال مع “لوبوان”، رد المحامي الباريسي لرياض سلامة، بيار أوليفييه سور، بالقول إن حاكم المصرف المركزي اللبناني استثمر الأموال التي حصل عليها قبل توليه منصبه في مصرف لبنان، ما سمح له بـ”القيام باستثمارات كبيرة”، وإنه لم يستخدم إطلاقاً أموال مصرف لبنان للاستثمار بصفته الشخصية ولا نيابة عن أطراف ثالثة. ويشرح النقيب السابق للمحامين في باريس إنه “لم يكن هناك قط جيب أيمن، وجيب أيسر بين المصرف وبينه (سلامة)”. كذلك، قدم المحامي في شباط/فبراير 2021 شكوى في ليون بتهمة التحايل بعد تقرير من مجموعة “Cristal Crédit” الفرنسية التي تسربت في العام 2016 ، والتي أفادت بأن ثروة رياض سلامة تقارب ملياري دولار في حسابات مختلفة تم فتحها في الملاذات الضريبية. يقول حليم برتي رئيس الخدمة الصحافية في مصرف لبنان إن حاكم المصرف المركزي يتقاضى أعلى راتب في الدولة، وأن راتبه أفضل من راتب رئيس الجمهورية. يبدو من ملف المدعي العام السويسري أن الأخير لا يزال ينتظر معلومات من السلطات اللبنانية حول راتب السيد رياض سلامة.