التوغل العسكري التركي في العراق : اسبابه و ذرائعه و مواجهته.

  د. جواد الهنداوي *||  لا تحظى تركيا بنفوذ سياسي في المنطقة ، وخاصة في محور المنطقة المقاوم للهيمنة الامريكية الاسرائلية او للوجود العسكري الامريكي الاسرائيلي 🙁 العراق ،سوريا ،لبنان ، اليمن ) ، مُقارنةً بأهمية النفوذ السياسي الايراني في الوقت الحاضر ، و بقدر النفوذ السياسي الايراني والنفوذ السعودي مستقبلاً ، و بعد أنْ تضع حرب اليمن اوزارها ، و بعد أنْ تبدأ العلاقات الرسمية السعودية الايرانية و تتطّور .  أظنُّ ، لدرجة اليقين ، بأنَّ تحسّن و تطّور العلاقات الايرانية -السعودية ستزيد من مساحة وعمق النفوذ السياسي للمملكة العربية السعودية في المنطقة وخاصة في دول محور المقاومة . في أمن واستقرار المنطقة تطورها و ازدهارها ، وسيربح الجميع في هذه المعادلة ، وتتظافر الجهود وسيكون التنافس إيجابياً ، وليس سلبياً بين الدول . يدركُ الاتراك بأنَّ دخولهم على المنطقة و اهتمامهم بها جاء متأخراً ، و بعد مجئ حزب العدالة والتنمية الى السلطة في ٢٠٠٢/١١/٢٢ ، قبل هذا التاريخ ،كان اهتمام تركياً منصّباً على تحقيق هدف انضمامها الى الاتحاد الاوربي . يستغلُ الاتراك اليوم ما تعيشه دول و شعوب المنطقة ، من حالة فوضى وحروب وعقوبات وحصار ، ويفرضون وجودهم ،ليس من خلال نفوذ سياسي فاعل ، وانما من خلال وجود عسكري في العراق وفي سوريا وميليشياوي في شمال لبنان ، و بوادر لهذا الوجود في اليمن . تركيا تتسابق مع الزمن ، و تعّوض تأخرها في نفوذها السياسي مقارنة مع ايران ، بتدخل عسكري واضح وصريح ومستفز ومخالف لميثاق الامم المتحدة والقوانين الدولية .زيارة وزير الدفاع التركي لقاعدة عسكرية تركية في شمال العراق او في اقليم كردستان ، وتفقده لجنود القاعدة ، وتصريحاته التي تستهين بالدولة الاتحادية و بحكومة الاقليم لا تشكلُّ فقط خروقات لسيادة و كرامة العراق ، و انما تؤسس لاستراتيجية عدائية و احتلالية طويلة الامد لاراضي العراق . حكومة الاقليم ، والكفيلة بالحفاظ على سيادة ارض الاقليم و ارض العراق ، معنيّة اكثر من الحكومة الاتحاديّة في تداعيات هذا التواجد و استمراريته و تطوراته . ومن المستغرب الصمت العربي كدول و كجامعة عربية ، وهم الذين تباكوا على وحدة العراق ، ونادوا بعدم التدخل في شؤون العراق ، و يعربون عن مخاوفهم من التدخل الايراني في العراق ! اليوم ، وعلى مرآى و مسامع الجميع ، وزير تركي يدخل الاراضي العراقية ، دون تنسيق و دون سمة دخول ، ويتفقد قواته المحتلة في العراق ، و يعلن عن نيّة تركيا لانشاء قاعدة عسكرية جديدة ! لنتصّور موقف امريكا لو كان ذات السيناريو ، ولكن ايراني في البصرة او في ديالى ، على الحدود الايرانية العراقية ، ويقوم وزير ايراني بتفقد جنوده في قاعدة ايرانية ! كيف ستكون المواقف و ردود الافعال ؟   لم ينحسرْ التواجد العسكري التركي في العراق ، بل هو في تمدد و اتساع ، ولم يُعدْ سّراً او بتحفظ او بخجل ، وهو تواجد استراتيجي ،اي مرهون بعدم استقرار المنطقة و العراق ، و دالٌ على اقبال العراق و المنطقة لتغيرات سياسية جغرافية مهمّة ، وتركيا لا تريد تبقى بعيدة عن الميدان و المشهد ،ساعة الانقضاض . و لا اظّن رسمْ و تنفيذ سياسة تركيا تجاه العراق وتواجدها العسكري تتمّان دون تنسيق تركي -امريكي ،او  ناتوي – تركي – امريكي .   أمّا ذرائع تركيا وتبريرها لهذا الغزو ، نصفها  ،كما يقول المثل الشائع ، ” العذر اقبحُ من الفعل ” . تدفع تركيا ،لتبرير غزوها ، بأحقيتها في الدفاع عن امنها القومي ، و محاربتها لحزب العمال الكردستاني الارهابي ، ولضمان حدودها ومدنها من هجمات ارهابية ! بَيدَ ان تركيا دعمت و  تدعم بالسلاح و بالمال وبالتسهيلات جماعات ارهابية في العراق و في سوريا ، و تخالف القانون الدولي وتنتهك سيادة الدول بتدخل عسكري مسلّح ، و بتطهير عرقي لمناطق في سوريا ، وتسعى الى تتريك مدن و قرى في سوريا .   الصمت العربي و الدولي على التجاوزات العسكرية التركية في المنطقة هو تشجيع لها بالتمادي ، حسناً فعل العراق ،باستدعاء السفير التركي من قبل وزارة الخارجية العراقية  ، و ابلاغه  بموقف العراق وتنديده. وارى من الضروري ان يقوم العراق بتحرك دبلوماسي تجاه الدول العربية وخاصة سوريا والمملكة العربية السعودية لتبني موقف عربي موحد ،مستنكراً للتدخل ومطالباً تركيا بالانسحاب من العراق ومن سوريا . ارى ضرورة تفعيل دور الجامعة العربية كي تأخذ دورها وتتبنى موقف سياسي واضح .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا
Exit mobile version