الحزب يخسر غطاءه: التيار 15 % من المسيحيين فقط

جوزفين ديب

يبدو أنّ الأرقام ليست في صالح التيار الوطني الحرّ هذه الأيام. هذه خلاصة الاستطلاع التي خلص اليها مدير شركة “ستاتيستكس ليبانون”، ربيع الهبر.

إذ تظهر آخر إحصاءاته أنّ “التيار” سيخسر مقعد الأشرفية في أيّ انتخابات ستجرى حالياً، حتّى لو تحالف مع حزب الطاشناق ومناصري الراحل مسعود الاشقر لأن كل القوى الاخرى ستتكتل ضدهم. ويضيف الهبر أن المعركة قاسية في المتن لدرجة ان التيار قد يخرج بمقعد واحد في المتن. على أن الخسارة الكبرى ستكون في كسروان، معقل العونيّين، وموطئ وجدانهم الماروني، والتي أعطت بلادها وقراها “تسونامي” مسيحي لميشال عون، يوم عاد من المنفى الفرنسي، فقدّم نفسَه “الأقوى مسيحيّاً” بعد حصوله على مقاعدها كلّها. ومنها خرجت نظرية “السبعين في المئة من المسيحيّين” في العام 2005.

تغيّرت الأحوال مع الأعوام، ولم يعد في إمكان عون أو باسيل القول إنّهما يمثّلان الأكثرية المسيحية يؤكد الهبر. وربما هذا هو سبب الرئيس لإحجام “العهد” عن إجراء الانتخابات النيابية الفرعية، ورغبته في إلغاءها. فهو يتحسّس حجم خساراته الشعبية منذ انتفاضة 17 تشرين الأوّل 2019 حتّى اليوم.

أرقام الهبر أجريت لمناسبة استشراف نتائج الانتخابات الفرعية على عشرة مقاعد، بعد استقالة ثمانية نوّاب ووفاة نائبين.

تغيّرت الأحوال مع الأعوام، ولم يعد في إمكان عون أو باسيل القول إنّهما يمثّلان الأكثرية المسيحية يؤكد الهبر. وربما هذا هو سبب الرئيس لإحجام “العهد” عن إجراء الانتخابات النيابية الفرعية

وحصل “أساس” على معلومات عن إحصاءات قام بها حزب الله حول شعبيّة التيار في الشارع المسيحي. فأتت النتيجة مخيّبة جدّاً لآماله. إذ تدحرجت نسبة التمثيل من 70 في المئة عام 2005 إلى 30 في المئة في الانتخابات الماضية، وصولاً إلى حوالي 15 في المئة حالياً. مع استطاعة التيار استعادة جزء من شعبيته في ظروف سياسية مغايرة.

يقول متابعون إنّ خسارة “التيار” لن تكون أبدا لصالح “القوات اللبنانية”. فيما تعجز الكتائب عن تطوير حجم تمثيلها على الرغم من مواقف رئيسها سامي الجميل “الثوريّة”. أمّا مجموعات المجتمع المدني المتعدّدة فهي لم تكسب حتّى الساعة ثقة المسيحيّين الذين اعتادوا الاصطفاف خلف الأحزاب المسيحيّة التقليدية.

خسارة “التيار” شعبيته ستنعكس حكماً على حجم تمثيله في أيّ انتخابات نيابية مقبلة، فرعيةً كانت أم عامّة. ويستتبع ذلك خسارةَ حزب الله الأكثرية عبر خسارة حليفه مقاعد نيابية. ليس هذا فحسب، بل سيخسر المظلّة المسيحية التي تغنّى بها منذ تفاهم مار مخايل عام 2006.

يدرك حزب الله هذا الواقع المستجدّ الذي لن يكون لصالحه في معركة موازين القوى وتداعياتها من أجل رسم المشهد السياسي المقبل. يقودنا هذا الكلام إلى مشهد الاشتباك السياسي في البلاد حول انتزاع الأغلبية النيابية من حزب الله وحلفائه.

وعليه تشير المعلومات إلى أنّه، كما غيره من القوى السياسية، أصبح أقرب إلى التوجّه لتأجيل الانتخابات النيابية بحجج كثيرة ستكون كلّها مشروعة في الأيام المقبلة. أوّلها جائحة كورونا، وثانيها عدم وجود اعتمادات كافية لإجراء الانتخابات، وثالثها عدم قدرة القوى الأمنية على مواكبة الوضع الأمني، بسبب تفاقم أزمتها المالية أيضاً.

 

مآزق العهد والحريري وحزب الله

يتعامل فريق رئيس الجمهورية على أساس أن لا خسائر تضاهي خسائره سيما مع الحصار الدولي عليه. لذلك يتمسّك بمقولة “عليّ وعلى أعدائي”. فبعد تفجير الرابع من آب تحديداً، خسر العهد آخر فرصه للنجاة لثلاثة أسباب:

– أوّلها: حصول الانفجار خلال فترة وجوده في السلطة.

– ثانيها: أنّ بعض المسؤولين المباشرين عن المرفأ هم من فريقه السياسي.

– ثالثها: تأثير الأزمة الاقتصادية على المزاج السياسي العامّ. وهي تفاقمت بعد التفجير وطاولت المسيحيّين بشكل كبير.

خسارة “التيار” شعبيته ستنعكس حكماً على حجم تمثيله في أيّ انتخابات نيابية مقبلة، فرعيةً كانت أم عامّة. ويستتبع ذلك خسارةَ حزب الله الأكثرية عبر خسارة حليفه مقاعد نيابية. ليس هذا فحسب، بل سيخسر المظلّة المسيحية التي تغنّى بها منذ تفاهم مار مخايل عام 2006.

أما بيت الوسط فأجواؤه تشير إلى أنّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري محبط ومربك، خصوصاً بعد تلقّيه رسالة من الفرنسيين مفادها أنه لم يعد خارج دائرة الاستياء الفرنسي. بل إن الموقف الفرنسي تجاه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على أنّه المسبب الاول لعرقلة تشكيل الحكومة، تطور إلى حد اعتبار الحريري أيضا مسؤولاً عن جزء من الازمة، عبر ادخال الخلاف الشخصي مع باسيل في الاعتبارات الحكومية. وبالتالي يبدو أن خيار الاعتذار لم يعد ببعيد عن الحريري. فالحريري يبدو محرجا أمام جمهوره بعدما نجح إلى حدّ كبير بشدّ عصبه في مواجهة فريق عون وباسيل في الوقت الذي سينعكس أي تنازل حكومي بشكل سلبي على صناديق الاقتراع في أي انتخابات مقبلة.

من جهته يبدو حزب الله الأكثر ارتياحا. فهو كما تشير معطياته الحكومية ليس مستعجلا على شيء. فإذا تشكلت حكومة “كان بِهِ”، وإذا لم تتشكل فلا مشكلة جدية لديه. فهو متقدم على الجميع بتحصين بيئته المباشرة، عبر بطاقات تموينية تخفّف من حدّة الأزمة المعيشية المرجح تفاقمها في المقبل من الأيام.

ارتياح حزب الله ينسحب بالطبع على نتائج صناديق الاقتراع في بيئته. إلا أنّ قلقه الأكبر هو في أزمة حلفائه المسيحيين والتي ستنعكس حكما على شكل المجلس النيابي المقبل.

لن يكون صعباً على القوى السياسية رغم اختلافاتها أن تتقاطع على تأجيل الانتخابات النيابية العامة. لكن كما تشير معلومات أساس فإنّ رسالة دولية حادّة وصلت إلى المعنيين في لبنان، مفادها أنّ أبواب جهنم ستفتح عليهم في حال امتنعوا عن إجراء الانتخابات تحت أي ذريعة كانت.

فهل يستجيبوا؟

Exit mobile version