بكر ابوبكر
المصريون استطاعوا الخروج من قسوة الظروف بالنكتة، والكدّ، والثقافة
والهنود خرجوا منها بالتحليق في سماء خيال السينما، ثم النموّ.
وشعوب مثل اليابان وسنغافورة وماليزيا وكوريا والصين… كسرت السلبية ومركبات الفشل والسلبية بالتوجه نحو الصناعة والاختراع والابداع.
وأمة العرب والمسلمين كأمة كانت قد وجدت ضالتها بالرسالة الخالدة، بما تحمله من ثقافة ونمو وصناعة وابداع، ثم أدارت لها الظهر، فكسرت ظهرها والعنق!
لسبب قادتها ظُلّامها،ومترفيها وعيّاريها.
في عدد من أنظمة شعوبنا العربية اليوم مَن وجدوا ضالتهم بالتقاتل والتشاتم، والذيلية للآخر.
ومِن قادة أمتنا -المنكوبة بهم- مَن وجدوا خلاصهم! بالذبح على الطائفة أو القبيلة وبالمغالبة والقهروتكميم الأفواه، إرضاء للذات المتعالية والأنا المتسامية، أو افتِتانا بالأخضروالكرسي الوثير!
وهناك من القادة العرب من وجدوا ضالتهم بالارتماء في أحضان الإسرائيلي وتقبيل قدميه، وتعفير وجوههم بتراب رجليه!
لم يكتفوا بالتقبيل والتعفير، بل وإظهار الندم!
ومن مظاهر الندم “العربي الانعزالي” البكاء على أطلال “أوشفتز” باعتبار أنهم أي الانعزاليين العرب قد قتلوا يهود أوربا الذين لا صلة لهم بفلسطين لا من قريب ولا من بعيد!
رغم أن ما حصل كان قبل أن تَظهر عديد دول العرب على ساحة الدفع اللانهائي من أموال الأرض أو تجارة العبيد.
أن تدفع قسوة الظروف الناس، بعض الناس، أو عديد القادة نحو اليأس أو البطر والظلم والتجبر فهذه سِمة الشخصيات قصيرة النفس، وسِمة القادة الفاسدين والفاشلين، وغير المؤمنين.
في المقابل فإن الأمم الحيّة تشمخ، وتلملم جراحها، وتطرد قادتها المرذولين والفاشلين، وتكتشف أوتخترع طريقها لتجاوزمحنتها، ومن هنا تكون البداية
وهكذا هم العرب الفلسطينيون بمجملهم.
إن النزوع نحو التشاؤم، ورؤية السواد يخيّم على المحيط والعالم لا يمثلُ صفةً كليّة للشعب أي شعب.
وإنما هي مشاعر ذاتية شخصية قد تعكس نفسها بنطاق واسع أو ضيّق بحسب مقدرة الشخص أوالجماعة على هذا التمدد أو الاتساع.
وعليه فلا يحق عامة أن يتم وصم شعوب بالانحدار أو الضعف أو الدونية او الغباء كما كان يفعل النظام الأوربي المستعمِرالعنصري والقاتل في مواجهة الآسيوي والإفريقي وسكان الأرض الجديدة الاصليين التي سميت أمريكا.
الصفات السلبية عامة هي مما قد يكون لصيقًا بالشخص ذاته، أو بالنظام وجلاوزته، أوبمدى تاثيره في جماعته، وكلما ركب الشخص مركب أعناق الناس كلما زادت سلطة تأثيره فيصبح عديد الناس –تحت الضغط-على دين ملوكهم وإن دعوا عليهم بالموت!
الفلسطينيون بمجملهم شعب حباهُ الله بقضية!
قضية فلسطين مِنحة ربانية للأمة كلها-إن فُهِمت ووعيت- وللفلسطينيين حتى زوال الظلم والاحتلال والنحيب!
لم يكن الصبر والمجابهة والرباط والنضالية والإبداع اختراعًا فلسطينيا عربيا بمقدار ما كان منّة سماوية فهي بالنسبة لنا (المنّ والسلوى) في حين رآها البعض نقمة.
نحن المقصود بنا اليوم حقًا وعدلًا: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى..) (57 البقرة).
فإن كانت قضية فلسطين نقمة أو نعمة فهي ضمن رؤية الاستخلاف، ومعنى الحياة تمثل مدخلًا للتغيير الذاتي، ومدخلَا للتطويرالجماعي والبناء والصناعة والتقانة والنضالية والنهضوية، أو هكذا يجب أن نراها ويراها الرواد بروح الإيجابية والعطاء الدائم.
فلسطين المركز وفلسطين القضية بالنسبة لنا يجب أن تكون مدخلنا نحو جهاد الذات والآخر، بالعلم والتفوق والاختراع والابداع والثبات والنصر، على عكس مفاهيم الإحباط والنكوص الانعزالي والفشل، أوالتباكي أو الجلد للذات، أو اليأس المفضي للانتحار.