ناصر ناصر
فجّر انتشار شريط فيديو الأسبوع الماضي يظهر فيه فلسطيني غاضب وهو يوجه صفعة لمستوطن حريدي يعتبره الفلسطينيون رمزاً لليهودي المحتل ، ويحسِبونه مع من اعتادوا على سلب ونهب ممتلكات الفلسطينيين في القدس ، والاعتداء باقتحام المسجد الأقصى المبارك برعاية وحماية شرطة الاحتلال ، فجرّ هذا الشريط أوضاع المدينة التي يحاول الاحتلال تكريسها كأمر واقع ظالم للفلسطينيين ، وتحديداً في محيط المسجد الأقصى وباب العامود والبلدة القديمة ، وكشفت الأحداث مدى الإمكانات الكامنة والطاقات الهائلة المتجددة لدى شعبنا الفلسطيني في القدس وغزة والضفة ، والتي ما نفدت رغم الحصار ووقوف شعبنا وحيداً حتى من بعض قياداته الرسمية العاجزة في مقابل تجدد الدعم الأمريكي الهائل للاحتلال .
كما أظهرت هذه الأحداث حجم الحقد والتطرف الذي وصل اليه الصهيوني المحتل بآخر نسخه الكريهة وهي منظمة “لاهافا” العنصرية المتطرفة ، حيث انتشرت هتافات “الموت للعرب ” ورسائل الواتس أب على مجموعات عضو الكنيست من الصهيونية المتدينة بن غفير والتي تدعو لحرق العرب وتجهيز الزجاجات الحارقة ، وقد وصل حقد هذه المجموعات لمهاجمة مظاهرة اسرائيليين من اليسار يتضامنون مع الضحايا الفلسطينية ، في مقابل هذا أصرت الشرطة الرسمية المعروفة بقمعها الغاشم للفلسطينيين المدنيين على عدم منع مظاهرات اليمين العنيفة رغم طلبات وتحذيرات سابقة .
لقد كان لإنطلاق صواريخ غزة معنىً وطنياً جدياً من الدرجة الأولى ، فالمقاومة الفلسطينية تكتب بمدادٍ من نور وقذائف أن القدس خطٌ أحمر ، وأن هذا لايعني بحال الاقرار بسلطة المحتل عليها أو منحه حق الفيتو على قرارات أهلها المشروعة ، او السماح له بمصادرة حقوقها الطبيعية والانسانية والسياسية في العبادة والحركة والتعبير عن الرأي والانتخابات، فالحقوق تنتزع انتزاعاً ، ولا تنتظر موافقة المحتل ، وهذا مايفعله المقدسيون وسائر أبناء شعبنا يومياً بمقاومتهم ورفضهم لإجراءات وممارسات الاحتلال .
لقد أدركت اسرائيل ومن خلال صواريخ غزة ما تحاول كسره وإضعافه دون نجاح ان القدس ليست وحدها والشعب كله من خلفها ، والمقاومة على استعداد لخوض حربٍ حقيقية من أجل القدس والمسجد الأقصى دون خوفٍ أو وجل من خطوة كوخافي الأخيرة و” المبشرة ” بالتصعيد ، حيث ألغى كوخافي زيارته الهامة في موضوع النووي الايراني الى واشنطن وأمر الجيش بالاستعداد للتصعيد كما ذكرت وسائل الاعلام الاسرائيلي قبل قليل .
من المرجح ان تتخذ هذه الأحداث شكل الجولة المحدودة ، والتي قد تحقق هدفين : الأول عام والثاني خاص . أما الاول فهو ردع الاحتلال عن اتخاذ المزيد من الإجراءات التعسفية بحق أبناء شعبنا ومقدساته في القدس . أما الثاني فهو إعادة أوضاع منطقة باب العامود الى ما كانت عليه قبل العام 2017 ، أي دون مواقع الشرطة القمعية الأربعة ودون الفواصل الحديدية الثابتة.
قد تحاول اسرائيل نقل مركز الأحداث الى قطاع غزة والابتعاد قدر الإمكان عن القدس وعن قدرتها في المزيد من التفجير وهي بهذا كالمستجير من الرمضاء بالنار ، فالمقاومة في غزة قادرة على المواجهة الذكية دون خلطٍ للأوراق ، كما أن الفلسطينيين في القدس واعون ومدركون وسيستمرون حتى تحقيق أهدافهم المشروعة ، ولن يكون ذلك قبل 28-4 القادم .