البدلة الرسمية لا تناسب الحركة الثورية

كتب مبارك بيضون

حالة من التشرذم والانقسام داخل صفوف الأخوة في فلسطين، يوماً بعد يوم تكبر القضية وتصمد وتواجه بالدم والأسر وقوافل الشهداء. ولكن أهل السياسة لا يفهمون معنى القضية التي ما زالت تربك هؤلاء الذين يرتدون البدل الإيطالية مع ربطة عنق تلتف حول أعناقهم مانعة إياهم من البوح بأي كلام، أو فعلٍ يعطي القضية الفلسطينية حقها. فأصواتهم مخنوقة لا تصل صناديق الاقتراع إلا بإذن مسبق من راعيهم وعلى حساب القضية الفلسطينية النازفة والمحاصرة والثائرة بأصوات أسراها.

بعد اعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس تأجيل الإنتخابات بعيد منتصف الليل رفضت كل الفصائل المنضوية تحت جناح منظمة التحرير هذا القرار خاصة بعد إصدار المرسوم الرئاسي بأن تكون هذه الانتخابات على 3 مراحل، الأولى هي مرحلة الانتخابات التشريعية في 22 من أيار المقبل، وبعدها الرئاسية في 31 تموز ويليها انتخابات المجلس الوطني في 31 آب.
علت الاصوات المعترضة ولاسيما حركة حماس التي أسفت لقرار السلطة الفلسطينية بتعطيل الإنتخابات، وحملتها تداعيات هذا القرار. خاصة ان هذه الانتاخابات الاولى التي تجري منذ 15 عاما وبرعاية دولية سبقتها عقبات بين اعضاء المنظمة من جهة والفصائل المقاومة من جهة أخرى، وأشارت الحركة الى ان هذا القرار هو انقلاب على مسار الشراكة مؤكدة على ان المقدسيين أثبتوا قدرتهم على فرض إرادتهم على المحتل، وهم قادرين على فرض إجراء الانتخابات كذلك.

أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي علقت عضويتها في المنظمة طالبت السلطة بعدم رهن قرارها بشأن الانتخابات بموافقة الاحتلال لإجرائها بالقدس، بل أن تسعى لفرضها كشكلٍ من أشكال إدارة الاشتباك حول عروبتها، فالانتخابات فيها أو في أي مكانٍ في فلسطين لا يحتاج لإذنٍ إسرائيلي. ولفتت الجبهة الى مدى جديّة الفريق المتنفّذ والمُهيمن على منظمة التحرير حول إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة وبناء المنظم.

هذه الأراء الرافضة تصب في خانة رفض هيمنة حركة فتح على المنظمة في ظل الانقسامات التي تصب لصالح جيش ااإحتلال فجاء تأكيد حركة المقاومة الشعبية على إنه لا يجب إعطاء الاحتلال ذريعة لتأجيل الانتخابات او التدخل في الشؤون الداخلية لشعبنا، بظل الإجماع الوطني على طي صفحة الانقسام، وتحقيق المصالحة، وعدم الانصياع للتهديدات الإسرائيلية في استعادة الوحدة الوطنية.

الى ذلك جاء موقف حركة الجهاد الاسلامي متناغمًا مع الحركات الجهادية المتشابهة في المسار والمصير مؤكدة على إن قرار تأجيل الانتخابات اتخذ منذ أيام واجتماع المنظمة هو اجتماع شكلي وهو لزوم الاخراج، مشددين على ان موقف الحركة هو بناء الوحدة الفلسطينية عبر مواجهة العدو والتصدي لمخططاته وعبر بناء مرجعية وطنية تتحلل من الاعتراف بالعدو والشراكة معه.

كل هذه الاعتراضات والمواقف تصب لصالح الذين لا صوت لهم، ولا يهابون انتخابات السلطة التشريعية، ما دامت المسافة بعيدة بين حالة ثورية وأخرى سياسية تكتيكية على وقع ادارة جيش الاحتلال، فكلاهما متناقضان بالفعل والحقيقة والجوهر، وكأن صراخ هؤلاء بوجه جيش الاحتلال لا تناسب أصواتهم في صناديق الاقتراع الفارغة في التغيير والبعيدة عن التضامن والشرخ. فالحاجة اليوم لهجمة واحدة موحدة مع صراخ الآهات النابذة للذل والعار والاحتلال.

Exit mobile version