يأتي قرار القاضية أماني سلامة الشجاع بحجز عقارات مدراء المصارف ليعيد سريعاً بعضاً من التوازن المفقود لقضاء خسر الكثير من مصداقيته في مسرحية الأيام الماضية. القاضية سلامة نجحت في قرار قضائي واحد أن تحقق عدالة كبرى بالحكم فعلاً باسم الشعب اللبناني، من دون أي ظهور إعلامي. وهو ما لم يحققه قبلها مئات من القضاة في لبنان!
لا شك أن جشع المصارف ومدرائها كان العنصر المباشر لسرقة أموال المودعين. فالاستثمارات الخاطئة في الفوائد المرتفعة في سندات الخزينة واليوروبوند وغيرها، بالاضافة الى الربح السريع في الهندسات المالية وتسهيل تهريب الأموال الى الخارج، وبخاصة أموالهم الشخصية وكافة الأموال المنهوبة… بدلاً من تأمين تمويل البنى التحتية والصناعة والطبقة المتوسطة في خلق الوظائف… كلها أمور تجعل من المصارف مسؤولة عن فقدان الشعب اللبناني لأمواله! ومن الجيد حجز أموال وعقارات المصارف ومدرائها… وحتى استعمالها للتعويض عن القليل من أموال المودعين التي يجب بالضرورة استعادتها! كل ذلك، مع ضرورة استكمال المسؤوليات الجزائية لهم ولحاكمية مصرف لبنان وللحكومات المتعاقبة ولقادة أحزاب السلطة في لبنان!
وما يؤمل اليوم هو فتح ملفات الصناديق والمجالس التي أدارت البلاد، وفتح ملفات المتعهدين الذين نهبوا مليارات الدولارات من أرزاق المواطنين في مشاريع مشبوهة. وفتح ملفات الكهرباء وسوليدير والمرفأ… وكل الادارات التي شهدت هدراً وفساداً أوصلت البلاد الى ما هي عليه اليوم! بالاضافة الى تحقيق العدالة في قضية تفجير بيروت ومرفأ بيروت.
إن قرار القاضية سلامة هو نموذج للثورة القضائية التي تنتظرها الثورة! ونموذج لاستقلال القضاء عن السلطة السياسية. على أمل أن تنتقل هذه العدوى في الشجاعة الى كامل الجسم القضائي. وتكون العدالة فعلاً قد نزعت العصبة عن عينيها وبدأت ترى لتنصف الناس، ليربح المظلوم على الظالم. الأمل ممكن ومطلوب بعملية أيادٍ بيضاء على الطريقة اللبنانية. وهي عملية تحتاج الى قضاة قادرين ولديهم الرغبة بوضع دمائهم على أكفهم لاستكمال ثورة تحويل لبنان من دولة المزرعة الى دولة المواطنة والقانون! ومشوار الألف ميل يبدأ اليوم بأمان كثيرة ليصل يوماً بالسلامة!