“الجنرال العنيد” لا يضعف.. وجريصاتي لـ” لبنان 24″: هجوم منظم يتعرض له الرئيس


هتاف دهام-لبنان24
مَن يزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يزداد اقتناعا أن الجنرال العنيد، لا يزال كما هو، لا يضعف أمام الضغوط والافتراءات والاتهامات التي يكيلها ضده من يفترض أنهم حلفاء له من فريق 8 آذار قبل خصومه. يبدي تمسكا بمبادئه في ما خص بناء الدولة والمؤسسات واستقلالية القضاء ونزاهته وكفاءته، وتطبيق الدستور وصلاحيات رئيس الجمهورية التي لن يتنازل عنها في التأليف لكي لا تصبح عرفا يتم اللجوء اليه عند كل استحقاق دستوري وبالتالي سوف يتحمل مسؤوليته كاملة في التشكيل عطفا على ضرورة إقرار القوانين الإصلاحية وإنجاز التدقيق الجنائي المالي مهما اشتدت العواصف في وجهه.

خارج قصر بعبدا، المشهد مختلف، كما يقول من يخالف رئيس الجمهورية في أدائه مع أزمات لبنان على مختلف اوجهها، فمجموعة من اهل القانون والدستور والمجتمع المدني اعدوا دراسة قانونية حضوا من خلالها النواب على القيام بواجبهم وِفق المادة 60 من الدستور باتهام رئيس الجمهورية بخرق الدستور واحالته الى المحاكمة التي سيتقرّر بنتيجتها، اما كفّ يده او اي مصير آخر.

وعدّدت الدراسة القانونية بعض خروقات رئيس الجمهورية من ابرز عناوينها: عدم توقيع مرسوم التشكيلات القضائية، التوقيع على مرسوم التجنيس، خروج الرئيس عن دوره كحكم والمطالبة بحصة وزارية تارة وبتسمية الوزراء المسيحيين وبثلث معطل وبوضع شروط ومعايير على الرئيس المكلف وذلك خلافا للدستور، والتقاعس عن دوره في التوقيع على المرسوم 6433 وعدم حثّ الحكومة على تعيين موعد لاجراء الانتخابات الفرعية، والتماهي كليا مع “حزب الله” على حساب مصالح لبنان، والسكوت عن تصرفات وزير الاقتصاد راوول نعمة بتوجيهه كتاب الى المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار يطلب منه فيه “الغاء الاعمال الحربية والارهابية من دائرة الاسباب التي ادت الى انفجار مرفأ بيروت.

مضبطة الاتهام السابقة الذكر كما يسميها المقربون من الرئيس عون سياسية بامتياز، وتحمل في طياتها تقييدا لرئيس الجمهوريّة في عمله ودوره، واتهامات باطلة، فهؤلاء عندما يشيرون الى مرسوم المناقلات يتغاضون عن أنّ المرسوم العادي هو ما تبقّى لرئيس الجمهوريّة من اختصاص فاعل ومباشر بعد الطائف ليلتزم قسمه بالمحافظة على دستور الأمّة اللبنانيّة وقوانينها، عطفا عن ان الرئيس عون فنّد مآخذه على مشروع مرسوم المناقلات خطيّاً في حينه وما من شيء يُلزمه في ذلك، وأرسل كتاباً بهذا الشأن إلى وزيرة العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى. اما مرسوم التجنيس، فقد اتصل بالرئيس موقعاً من وزير الداخليّة والبلديّات ورئيس الحكومة، وخضع لرقابة المديريّة العامة للأمن العام، ومجلس الشورى لم يبطل المرسوم المذكور.

وفي الشق الحكومي وتسمية الوزراء، وبحسب المقربين من عون ، فإن الرئيس يصدر مرسوم التأليف (المتضّمن كلّ الوزارات والوزراء) بالاتفاق مع رئيس الحكومة و هذه الصلاحيّة غير مقيّدة أيضاً ، علما انه على مجلس النواب أن يتحرّك لفكّ أسر التأليف والحؤول دون تأبيد التصريف، من منطلق أنّ النواب هم الذين سمّوا بأكثريّة 65 نائباً رئيس الحكومة المكلّف.

وهنا، يشدد مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي في حديث لـ “لبنان24” على ان الرئيس عون يتعرض لهجوم منظم من زوايا ثلاث:

الاولى: لانه خارج المنظومة السياسية ونهجها وممارساتها التي أوصلت البلد الى هذه الازمة الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والمالية والنقديّة، مع التأكيد أن الرئيس عون براء من دم هذا الصديق ، فهو عاد من منفاه في العام 2005. دخل الى الحكومات منذ العام 2008 بهدف تنفيذ الاصلاحات وتصحيح المسار وإنشاء البنى التحتية، لكنه اصطدم بهذه المنظومة، التي رفعت سيفها في وجه وصوله بمشاريعه الى خواتيمها المرجوة من منطلق ان الرئيس عون الاقوى في بيئته، ممنوع عليه أن ينجح.

الثانية: غدر الزمن من جائحة كورونا الى انفجار المرفا وتفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية، ومع ذلك تصدى بشجاعة وتصميم وبحكومة تصريف أعمال، ولم يسقط، لتسقط معه نظرية الرئيس القوي كما كان يأمل الخصوم الذين يريدون رئاسات باهتة مستتبعة. ذهب الى المجلس العدلي في قضية انفجار المرفأ ووافق على التحقيق الدولي الميداني.

أما الثالثة، فلأنه “ضرب العصب” الذي يربط كل سياسي مرتكب بمال حرام ولن يتراجع، فهو بالنسبة الى بعض السياسيين تطاول على المحرمات بمطالبته بالتدقيق الجنائي الذي يهدف إلى تحديد المسؤوليات وتوزيع الخسائر بين الدولة ومصرف لبنان و المودعين الذين غرر بهم بفوائد عالية وهندسات مالية فأتوا بمالهم وفقدوه .

 

يدرك الرئيس عون أن القطاع المصرفي من أركان لبنان و الليبرالية الاقتصادية، وهو رافد من روافد قوة هذا البلد وجذب الاستثمارات اليه ، لكنه لن يبقى متفرجا على الانهيار المالي للدولة، فيما يشهد البلد دعما من هنا وهناك لمواد حيوية وغذائية، مع تأكيده أن التدقيق الجنائي المالي شرط أساسي لدعم صندوق النقد الدولي للبنان، كذلك الحال بالنسبة للمبادرة الفرنسية.

 

وتقول اوساط عون ان من يقدم ويبادر إلى كشف الفاسدين ومحاربة الفساد لن يعجب كثيرين. ومع ذلك لا مكان للأحباط عند الرئيس عون الذي يدرك أن الطريق طويلة وعبوات التعطيل متعددة والمحاذير على اشدها، لكنه، كما ينقل عنه زواره، سوف يحافظ على ما تبقى من روافد قوة لبنان التي اهدرتها تلك المنظومة وعليها أن تحاسب، و حينها سيكون البكاء وصريف الاسنان.

Exit mobile version