بالشكل نحن امام دوامة تشكيل حكومة من عدمها ، وبالظاهر يبدو هذا الامر عالق بتفاصيل الأرقام والاسماء والحقائب ، على ان كل ذلك لم يعد له لون او طعم حتى بالنشرات والكتابات الإخبارية ..
كل ما قيل عن مبادارات واتصالات وضغوط تدفع نحو ولادة حكومة ما هو الا سراب ووهم ، امام واقع يفوق مسألة وجود حكومة ، على الرغم من اشتداد الانهيار الاقتصادي الذي يقترب سريعا من الكارثة الكبرى ، فهل تكون الحكومة هي الحل بالتأكيد كلا لكن وجود اَي حكومة في هذه الظروف من شأنه على الأقل تأجيل الكارثة او إدارة الانهيار بشكل افضل ..
لكن كما قلنا الحكاية اكبر من حكومة ، وأكثر من تحديد مصير الانتخابات النيابية والرئاسية ،على رغم من ان هذه الأسباب أساسية وحاضرة على طاولة ولادة اَي حكومة جديدة ومن يتحكم بقرارها في حال وقوع الفراغ القادم على مختلف المؤسسات الدستورية والتنفيذية والتشريعية والقضائية وربما الأمنية ..
لكن هناك من يرى أسباب اكبر من تلك وهي تتعلق بنظام سياسي ومالي جديد لا يشبه او له صلة بنظام ما بعد الطائف وبعد خروج القوات السورية عام ٢٠٠٥ ..
نظام يلوح بأفق وذهن اغلب القوى والمكونات السياسية ، ويعتبره الكثير منهم انه معركة حياة او موت ، خصوصا وأن شروط إنتاجه ووجوده تتطلب تغييرا جذريا وربما شبه كليا بالتركيبة التي تعاقبت على الحكم منذ ثلاث عقود، وهذا اكثر من رغبة عند قوى دولية واقليمية تعمل على تحقيقه بإدارة وتقاطع كبير بينها ..
لذلك بات شبه مؤكد ان نصف الانهيار وأكثر وكل ما هو حاصل وله صلة بالواقع اللبناني الحالي داخليا وخارجيا ، يهدف الى إلغاء او تحجيم منظم و ممنهج لزعامات تقليدية ومكونات سياسية أساسية كممر إلزامي لخلق نظام سياسي جديد في لبنان ..
وهذا الامر تعلمه جيدا هذه الزعامات والمكونات وتبني كل سياساتها على تحسين اوراقها محليا وخارجيا لتكون جزء منه ولا تسمح ان يسحقها بعقوبات خارجية وانهيارات داخلية قد تصل الى حد انحلال الدولة وليس الفراغ بمؤسساتها فحسب..
وعليه يبدو ان هذا النظام المرتقب ستكون ادوات صناعته المحلية ضعيفة جدا على حساب صناعته بشكل اقوى وافعل اقليميا ودوليا، وبالتالي لن يعرف شكل ومضمون ومكونات هذا النظام الا من خلال وجه المنتصر اقليميا او حلول التسوية الشاملة والواضحة بين اطراف الصراع الاقليمي ، ليبقى الثابت الوحيد بكل الأحوال وكيف ما كانت الوجهة والنتيجة هو ان هناك قوى وزعامات تقليدية ستغيب او تحجم بالنظام القادم الذي متوقع له ان يحكم لبنان ١٥ عام مبدئيا ..
للحديث تتمة
عباس المعلم / كاتب سياسي