“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
تبدو العقوبات الأوروبية التي يستمرّ التلويح بها من قبل الإتحاد الأوروبي بعيدة، على الأقلّ بحسب الإجتماع الأخير لوزراء خارجية الإتحاد، الذين لم يتّفقوا بعد على طبيعة هذه العقوبات، التي سيتم فرضها على معرقلي تأليف الحكومة في لبنان، كما على لائحة الشخصيات والمسؤولين الذين تُوجّه إليهم أصابع الإتهام بضرب كل عمليات التوافق على صيغة حكومية لا تحتوي على أية شروط أو “فيتوات” على أي طرف، ولا تلاقي التوجّهات الخارجية، كما الداخلية، بتكوين سلطة قادرة على مواجهة الإنقلاب الذي يحصل، في ظل تفريغ المؤسّسات اللبنانية من مضمونها، وبالتالي، الوصول إلى حال من الشغور الرسمي الكامل على كل المستويات.
وفي هذا المجال، تسأل أوساط ديبلوماسية أوروبية، ما إذا كان هناك من كلمة سر أو قرار بمنع تأليف حكومة في لبنان أولاً، ومنع أي محاولات لإصلاح الوضع المالي ثانياً، والوقوف في وجه الفتنة الزاحفة بين اللبنانيين ثالثاً، والإنهيار الشامل للهيكل اللبناني رابعاً.
وتعتبر هذه الأوساط، أن كل المسؤولين المعطّلين لتشكيل الحكومة، كما الداعين إلى تشكيلها، مروراً بالوسطاء وبالحياديين المنكفئين عن أي دور، يبشّرون اللبنانيين يومياً بالإنهيار وبالحرب والمجاعة، ولكن من دون أن يذهبوا إلى اتخاذ أي تدبير من شأنه أن يمنع اللبنانيين من تجرّع هذه الكأس.
وتشير إلى أن تناسل الأزمات والملفات الخلافية، يوحي بأن هناك عوامل خفيّة تدفع نحو ترك الوضع ينزلق إلى المجهول، من دون أن تلوح في الأفق أية بوادر على وجود إرادة، وبشكل خاص لدى “الفاعلين” على الساحة اللبنانية، بتنظيم أي تحرّك سياسي من شأنه لملمة الوضع بالحدّ الأدنى، من أجل الحفاظ على انتظام عمل المؤسّسات الرسمية والدستورية.
ومن هنا، فإن رسالة البابا فرنسيس الواضحة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، قد حملت نصيحة بالغة الدلالة، حيث اعتبر أنه من غير الممكن أن يفقد لبنان هويته، كما أن يخسر تجربة التعايش التي تجعله نموذجاً في المنطقة، إذ تشير الأوساط إلى أن هذه النصيحة الفاتيكانية، هي بمثابة دقّ ناقوس الخطر من قبل المجتمع الدولي، وليس فقط من الفاتيكان، وذلك قبل انفجار الوضع عشية سقوط كل المبادرات الخارجية والداخلية لجمع المسؤولين على خطة عمل واحدة، تمنع غرق لبنان في الشلل والتعطيل، الذي سيقود حكماً إلى مرحلة من الإضطرابات الإجتماعية الخطيرة، والتي بدأت تظهر بوادرها في الآونة الأخيرة في الشارع.