بولا مراد- الديار
يتوق رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل الى تحسين علاقاته العربية كما الاقليمية والدولية لاستعادة حظوظه الرئاسية المعدومة حاليا. أدرك رئيس «الوطني الحر» متأخرا ان خوض مواجهة مفتوحة داخليا وخارجيا بوجه الجميع تحت عنوان «الكل فاسد وسارق والتيار والعونيين وحدهم نظيفي الكف واوادم» ادت الى تشدد الاحزاب والمجموعات التي تعارضه وقيام تكتل كبير ضده لم يطح فقط حظوظه الرئاسية، انما ايضا عهد الرئيس ميشال عون الذي يستمر في تلقي الصفعات والطعنات من كل حدب وصوب، ما استدعى استنفارا رئاسيا ايضا لتحسين علاقات لبنان بالخارج ومحاولة فك الحصار المحكم المفروض على البلد، من دون ان تظهر اي مؤشرات ايجابية حتى الساعة توحي بامكانية نجاح هذا المسعى.
وليس خافيا المسعى الرئاسي لرأب الصدع مع المملكة العربية السعودية والذي توكل به الوزير السابق سليم جريصاتي واسفر قبل فترة عن زيارة قام بها السفير السعودي وليد البخاري الى قصر بعبدا بعد اشهر من المقاطعة. الا انه وبحسب المعلومات، تبين ان المسعى توقف عند تلبية البخاري دعوة الرئيس عون الى القصر الجمهوري، في ظل عدم وجود حماسة سعودية ل»تعويم» العهد. فرغم العلاقة غير السوية مع الرئيس المكلف سعد الحريري، فذلك لا يعني اتخاذ الرياض الرئيس عون والتيار الوطني الحرحليفين لها.
ولعل تطورات الايام القليلة الماضية شكلت المؤشر الاوضح على مضي السعودية بسياسة حصار لبنان وذلك مع اعلان وقف استيراد الخضر والفاكهة، وهو قرار اعتبرته مصادر في قوى ٨ آذار قريبة من حزب الله «قرارا سياسيا بامتياز، باعتبار انه لطالما كانت الرياض تضع يدها على شحنات ممنوعات قادمة من لبنان وسواه وهي شحنات اكبر بكثير من شحنة الرمان الأخيرة، ما يجعل الحديث عن قرار سياسي بمقاطعة الخضر والفواكه اللبنانية واقعيا، ويندرج باطار المضي بالحصار المفروض على لبنان الى مستويات جديدة، وبخاصة ان القرار يتزامن مع عملية رفع سقوف سواء من السعودية او ايران او الولايات المتحدة الاميركية ما دام الاطراف ال٣ يجلسون اليوم حول طاولات التفاوض ما يحتم عليهم زيادة الضغوط لتحصيل مزيد من المكاسب».
وبدا استنفار رئاسة الجمهورية لمعالجة الازمة المستجدة مع السعودية متوقعا، تماما كما لهجة الرئيس عون ومواكبته اليومية للتحقيقات والاجراءات المتخذة لحث المملكة على التراجع عن قرارها. فاذا كان الرئيس عون وباسيل قد وصلا الى قناعة ان المقاطعة والجفاء السعودي تجاه لبنان ينطبقان تلقائيا على باقي دول الخليج، فهو يعي ايضا ان حجم الخسائر المالية التي سيتكبدها لبنان نتيجة القرار السعودي الجديد كما نتيجة اي قرار مماثل تتخذه دول اخرى سيكون «هائلا» وبالتالي سيحبط اي محاولة لانتشال العهد مما يتخبط فيه في الربع الاخير منه.
ولا شك ان قيادة «الوطني الحر» لا تزال تتابع ملف العقوبات الاميركية على باسيل وان بعيدا عن الاضواء. وهي تسعى عبر شخصيات محسوبة عليها قريبة من الادارة الجديدة لاعادة النظر فيها ولا تزال تدرس خيارات التصدي لها عبر القضاء الاميركي من دون ان تصل الى قرارات حاسمة بعد في هذا المجال. وان كان عدم تراجع ادارة الرئيس جو بايدن عن العقوبات التي سارت بها ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب، اصبح امرا محسوما.
اما اوروبيا، فلا يزال باسيل يحاول عبر اكثر من طريقة وقناة التصدي لاي عقوبات جديدة تفرض عليه، باقتناعه بأن ذلك سيعني ضربة قد تكون قاضية لمشواره السياسي، بعدما تبين له ان الدعم الشعبي المسيحي لم ولن يكون كافيا لضمان نجاح مشروعه السياسي وبخاصة ان تجربة الرئيس عون لا تزال شاخصة امامه وان طرح «التوجه شرقا» لم يكن نافعا له لأن هذا الشرق لم ينجح في فك الحصار المفروض على لبنان لاسباب شتى.
وتدرج مصادر سياسية الترويج لطرح تمديد ولاية الرئيس عون في خانة سعي العهد لتأمين الظروف المناسبة لخلافة باسيل لعون، في ظل وجود قناعة عامة ان هذه الظروف غير متوافرة، والارجح لن تكون متوافرة عند موعد الاستحقاق الرئاسي عام ٢٠٢٢.