صراع عون – الحريري… لن تصلح التسويات ما أهلكتْهُ المصالح!
ايناس كريمة -لبنان24
تزداد حدّة الأزمة المعيشية على وقع تسارع عجلة الانهيار الاقتصادي والتي انطلقت منذ أكثر من سنة، إذ ان القدرة الشرائية للّبنانيين تنخفض تدريجياً يوما بعد يوم بالتوازي مع ارتفاع سعر صرف الدولار وما يتبعه من تزايد في اسعار السّلع الغذائية وغيرها، الأمر الذي حصل بالتزامن مع التلويح برفع الدعم.
كل هذا يحصل في لبنان من دون أن تسعى القوى السياسية الى الاتفاق على تشكيل حكومة إنقاذ لتنظيم الانهيار وتخفيف حجم الاعباء على المواطنين في هذه المرحلة الدقيقة. ولعلّ الأخطر من ذلك أن عملية تعطيل التشكيل تحدث تحت مظلة الحجج الدستورية والسياسية والشعارات الكبرى والعناوين الفضفاضة ما بين فريق وآخر.
فإلى متى يمكن الاستمرار في معركة شدّ الحبال بين رئيس الجمهورية ميشال عون ومن خلفه التيار “الوطني الحر” وبين الرئيس المكلّف سعد الحريري؟
رغم ان الشعار الذي يرفعه الحريري يبدو نظرياً مُحقاً، إذ أنه من غير المقبول السماح لأي فريق بمخالفة الاصول الدستورية عبر المطالبة بالثلث المعطل والتعدي على صلاحيات رئاسة الحكومة، الا ان هذا الواقع كان من الممكن الاشتباك حوله في ظلّ أوضاع طبيعية في البلاد، اما وأن لبنان قد دخل اليوم في حالة طوارىء بعد التدهور الاقتصادي وما نتج عنه من تفاقم في الاوضاع المعيشية، فإن تغليب التجاذبات بات يؤثر سلباً على المصلحة الوطنية التي يجب إعلاؤها لإنقاذ لبنان من الأزمة الراهنة. فهل يدرك “دولته” أنّ الخلاف بينه وبين عون سيجعل من لبنان الخاسر الأكبر؟ هذا الوطن الواقف على شفير الهاوية قد يسقط في أية لحظة وحينها لن “تُصلح التسويات ما أهلكته المصالح”!
هذا الامر ينطبق أيضاً على رئيس الجمهورية ميشال عون الذي بدأ لعبة التحديات وانحدر عن مسار الأولويات متجاهلاً الاوضاع التي آلت اليها البلاد من دون أن نعلم ما إذا كان عون يعاقب اللبنانيين مُنتقماً “لأحد ما”، حيث أن سلوكه مؤخراً البعيد كل البعد عن المسؤولية وعن احترام الدستور بات يشكّل علامة استفهام كبيرة، فأحوال الناس أصبحت “تصعب على الكافر” وليس ثمة من يملك ترف الوقت للمناورة بهدف تحقيق مكاسب سياسية. فهل يُعقل أن يكون حلم النائب جبران باسيل بالنسبة لعون أهم من الوطن وأبنائه؟
ماذا تنتظرون “يا جماعة”؟ وإلى متى ستبقى الحلول في لبنان مرهونة إما بالفوضى التي ستؤدي حتماً الى انفجارٍ أهلي يتبعه مشهد الانجرار الى فخّ الدماء، أو بتسوية إقليمية ودولية كُبرى تحدّد مصيره؟ لماذا لا تسعى الاطراف المتنازعة الى تنازلات متبادلة للملمة اجزاء البلاد المتناثرة قبل فوات الأوان؟
أيها الجنرال الرئيس، لم تكن يوماً التنازلات من أجل المصلحة الوطنية هزيمة سياسية وانما انتصارا عظيما لا يبدو أن “العهد” يتقن الامساك بأطرافه. قد قالها رئيس مجلس النواب نبيه برّي: البلاد أصبحت “تايتنك”، فيا دولة المُكلّف، قُد عاجلاً هذه السفينة أو اقفز منها، فإن غرقنا نحن أتظنّون انكم ناجون؟