أدلى الوزير السابق سليم جريصاتي بالتصريح الآتي: “تنادى كتبة، وجلهم ليس من أهل القانون، واثنان أو ثلاثة منهم ملمون بالعلم الدستوري إلماماً موجهاً وفئوياً وسياسياً، فوضعوا ما أسموه وثيقة اتهام دستوري بحق رئيس الجمهورية، وقد انطلقت الدراسة مما يئدها في مهدها من أن خرق الدستور هو مفهوم سياسي وليس قانونياً أو جزائياً”.
وقال: “الخفة والتسييس والغرضية والثأرية والمقاربة الشخصانية لا تعين الموضوعية في شيء عند وضع الدراسات العلمية، حتى أن واضعي الدراسة يعيبون على الرئيس أنه يملأ كل مساحة رمادية في الدستور يكون فيها له التزام ودور، فيزيل عنها الشحوب وخطر إلغاء النص بالتقادم Par désuétude، في حين أنهم ينادون، في مقدمة مضبطتهم الوهمية، إلى تفادي إلغاء النصوص بالتقادم، حتى يصل بهم الأمر إلى اعتبار نظامنا في ظل الرئيس ملكياً مطلقاً،أما ما تبقى من الدراسة فيتمحور حول دحض مفهوم الميثاقية وتحوير أقوال الرئيس الراحل بشارة الخوري والبطريرك الراعي وسواهما من خارج سياقها، وتنظير ممل ومغرض، فيه كل الحنين إلى ولايات رئاسية باهتة وممارسات في الحكم والسلطة أودت بنا إلى الأزمة الراهنة المركبة والموروثة والمتناسلة والقاسية والتي تشد على خناق البلاد والعباد. أما في التفصيل، فنكتفي بذكر بعض الأمثلة مما ورد في الصفحة 19 وما يليها من الدراسة (ما يعني أن قبل الصفحة 19 كلام بكلام لجهلة معذورين بسبب الجهل، والجهل محل في المسيحية والإسلام):
1- يزعم واضعو “المضبطة الوهمية” أن صلاحية الرئيس بتوقيع المراسيم العادية هي صلاحية مقيدة حتى في حال عدم تقييدها في الدستور. مثاله: على الرئيس أن يوقع حتماً مرسوم المناقلات القضائية، بحجة أن المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي تلزم وزير العدل بالتوقيع على مشروع المرسوم. نعم بكل بساطة يقيدون صلاحية غير مقيدة في الدستور في حين أن المرسوم العادي هو ما تبقى لرئيس الجمهورية من اختصاص فاعل ومباشر بعد الطائف ليلتزم قسمه بالمحافظة على دستور الأمة اللبنانية وقوانينها. هذا ونذكر الموقعين على المضبطة الوهمية، ومن نادوا إلى خيمتهم بالتوقيع، أن الرئيس فند مآخذه على مشروع مرسوم المناقلات خطيا، وما من شيء يلزمه في ذلك، وأرسل كتاباً بهذا الشأن إلى وزيرة العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وهي مآخذ محورية وركنية لا تتوافر فيها أي مقاربة إسمية صراحة أو إيحاء. راجعوا وتمحصوا إن وجدتم إلى ذلك سبيلاً.
2- أما مرسوم التجنيس، فقد اتصل بالرئيس موقعاً من وزير الداخلية والبلديات ورئيس الحكومة، وخضع لرقابة المديرية العامة للأمن العام، ومن فمكم ندينكم بأن مجلس الشورى لم يبطل المرسوم المذكور. ونكتفي في هذا الخصوص في معرض ذمكم وجهلكم.
3- الحصة الوزارية يا سيدات وسادة أو انفراد الرئيس بتسمية الوزراء المسيحيين هما زعمان مخالفان للواقع، ذلك أن الرئيس يصدر مرسوم التأليف (المتضمن كل الوزارات والوزراء) بالاتفاق مع رئيس الحكومة، والإصدار عملية جوهرية لا يصح من دونها أي مرسوم، فضلاً عن أن هذه الصلاحية غير مقيدة أيضاً، وقد سبق لتكتل برلماني وازن أن تقدم بمشروع قانون تعديلي للدستور بربط إجراء الاستشارات النيابية والتأليف بمهلة زمنية محددة، فيكلف الرئيس من يسميه النواب رئيساً مكلفاً لتأليف الحكومة ضمن هذه المهلة المحددة، ويعرض رئيس الحكومة المكلف توليفته الحكومية على الرئيس ضمن مهلة محددة أيضاً. السيدات والسادة، رأيتم القشة في عين صلاحية رئاسية، وتغاضيتم عن رؤية الجمل في عين أسر التأليف وتأبيد التصريف في أحلك الظروف التي يمر بها وطن الأرز.
4- نعم، على مجلس النواب أن يتحرك لفك أسر التأليف والحؤول دون تأبيد التصريف، من منطلق أن النواب هم الذين سموا بأكثرية 65 نائبا رئيس الحكومة المكلف.
5- إن أخطأ وزير وعاد عن خطئه في مراسلة المحقق العدلي، يسائل واضعو المضبطة الوهمية الرئيس عن ذلك ولا يفقهون إلى من أشار إلى الوزير بتصحيح المسار الذي سلكه عن حسن نية بناء لاقتراح هيئة الإشراف على شركات الضمان.
6- أما ما تبقى من مضبطة الاتهام، فعود إلى بدء، أي إلى التسييس والغرضية والثأر الرخيص والجهل المكين، وكلام عام عن الممانعة والولاية والتبعية والرئيس القوي والرئيس الضعيف”.
وختم: “حقاً إن الجهل محل، ويستحق المغفرة، على ما علمنا السيد المسيح والرسول العربي، ذلك أنكم لا تدرون ماذا تفعلون، وماذا تقوضون، حتى إن نزّلنا لكم الملائكة، ما كنتم لتؤمنوا إلى أن يشاء الله، إلا أن أكثركم يجهلون”.