وزير خارجية هنغاريا ضيّع طريق الخارجية وبكركي.. فذهب لعند باسيل


اندريه قصاص -لبنان24

يبدو أن وزير خارجية هنغاريا بيتر سيارتو لا يزال يعتقد أن جبران باسيل لا يزال وزيرًا للخارجية، فأضاع عنوان الوزارة الفعلي فوجد نفسه في مركزية “التيار الوطني الحر” في مبنى “ميرنا الشالوحي”.

لم يكن ينقص اللبنانيين من يأتي من وراء الحدود ليحرّضهم على بعضهم البعض، وبالتالي لم يكن ينقص باسيل من “يكبرّ” له رأسه ويزيده نرجسية وغرورًا، ليقول له “لن نقبل أبدا بأن تفرض عقوبات على أكبر حزب لبناني يمثل المسيحيين، وسنتحدث بذلك دائما لتكون المقاربة متوازنة وعادلة”، وكأن زلزال 17 تشرين الأول لم يكن، وكأن هذا التاريخ لا يدخل في حساب الوزير المجري، وكأن التاريخ توقّف عند أقدام ما إعتبره أكبر حزب لبناني، من دون أن يكّلف خاطره، ولو من باب الحشرية، ليعرف كيف أصبح هوى الناس بعدما سُرقت أموالهم في العهد المنبثق من هذا الحزب الكبير، وبعدما أشرفوا على الجوع بفضل السياسات “الحكيمة” التي إتخذت في السنوات الأربع الماضية.
فكما أضاع الوزير المجري “العنوان الفعلي “لوزارة الخارجية، رغم زيارته البروتوكولية الى الوزير شربل وهبة، يبدو أنه أضاع أيضًا ما كان يجب أن يتحّلى به من حدّ أدنى من المنطق السليم ليكتشف، ولو متأخرًا، أن الناس قد أصبحت في مكان فيما أحزاب السلطة، ومن بينهم “أكبر حزب لبناني” في مكان آخر، وأن هموم هؤلاء الناس الذين قُتل منهم من قُتل وأصيب من أصيب ودُمرت منازل نصف سكان بيروت، هي غير هموم أهل السلطة، الذين ينامون على “سبع خرزات من ظهرهم”.

فإذا كان لدى هذا الوزير فعلًا غيرة على مصير المسيحيين في لبنان فكان حري به أن يصعد إلى بكركي ويقصد المرجعيات الروحية المسيحية، التي هي أدرى أكثر من غيرها بمصلحة اللبنانيين عمومًا ومصلحة المسيحيين خصوصًا، لأن كلام الوزير سيارتو تضمّن تحريض فئة من اللبنانيين على فئات أخرى، وهذا ما لا يمكن القبول به، أيًّا تكن المبررات والدوافع. فلو لم يسمع هذا الوزير هذا النوع من الكلام من محدّثه لما كان طلع به إلى الرأي العام، خصوصًا أن باسيل كان يعرف مسبقًا ردّات الفعل على هذا النوع من الكلام التحريضي، فأستبق الأمور، في محاولة للقوطبة، وقال “المجر عموما والوزير سيارتو كانا دائما بجانبنا وبجانب قضية التنوع في لبنان والمنطقة، وهما واعيان وداعمان لقضية الوجود المسيحي في لبنان والشرق، وكانا في كل اللقاءات الدولية والمنتديات واقفين وداعمين لمسألة الحقوق والحريات والدور الواجب الحفاظ عليه للمسيحيين داخل لبنان وفي دول المنطقة. لم يقصرا معنا مرة في التعبير عن هذا الأمر من دون خجل أو مواربة، وإني أضع هذه الزيارة اليوم في الإطار نفسه وفي المسار نفسه القائم بيننا، لا أكثر ولا أقل، وأريد أن أقطع أي تفسير آخر سيبدأ تداوله في الاعلام من قبل المشككين والمغرضين”.

صحيح مشككون في صحة النوايا، ولكن نترك الحكم على تعبير “مغرضين” للرأي العام، الذي سيعيد الجميع إلى أحجامهم الطبيعية في الإنتخابات النيابية المقبلة، والتي سيحاولون تعطيلها بشتى الوسائل، لأنهم يعرفون ما ستكون عليه نتائجها.
هكذا وبكل بساطة، ومن سابق إنذار، يحضر إلينا من يسمح لنفسه بأن يعلمّنا كيف تكون مصلحة المسيحيين، التي هي في النهاية بالتشارك المتساوي مع الآخرين من مكونات الوطن.

Exit mobile version