خلص اجتماع بعبدا امس الى تأكيد جديد يثبت بما لا يقبل مجالاً للشك بأن “لبنان لم يعد بلداً انما جثة متحللة اصابها الاهتراء الكامل”، ولولا القرار السعودي بوقف استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية، لما عرف كبار القوم ان قرار مجلس الوزراء الصادر في تموز 2020 والقاضي بشراء اجهزة “سكانر” والتي حجز الاعتماد لشرائها لم يحرك المعنيون ساكناً من اجل اجراء المناقصات حتى تأتي الى لبنان ويتم تركيبها على المعابر البرية والبحرية والجوية.
ولولا القرار السعودي ايضاً، ما كانت القيادات اللبنانية عرفت بأن الجهات المعنية في لبنان تعطي موافقات على انشاء شركات وهمية، يتم استخدامها في تصدير الممنوعات من والى لبنان، الا ان الاخطر هو، ان لبنان تحول في الساحة الاقليمية الى ورقة يتم التلاعب بها كيفما اتفق بلا وازع او رادع، بدليل ان عشرات عمليات تهريب الممنوعات كان يتم كشفها بالتنسيق بين لبنان والسعودية، الا ان هذه الشحنة القادمة من سوريا، ربما فضّل الجانب السوري ان يهاتف السعودية مباشرة للابلاغ عنها وكأن كميناً سورياً نُصب للبنان إذا كانت المعلومات التي تحدثت عن هذا الأمر صحيحة ومؤكدة.
وفي المعلومات ايضاً، والتي عرضت في الاجتماع، تبين ان شحنة الرمان قدمت من سوريا وأُفرغت في البقاع وبقيت هناك لايام قبل نقلها ببرادات الى مرفأ بيروت ومنها الى باخرة الشحن الى السعودية، وان اللافت هو بأن الصناديق التي اتت من سوريا كانت مختومة وبقيت مختومة بما يعني ان شحنة الكبتاغون تمت تعبئتها في سوريا، واخذت شهادة المنشأ غرفة الصناعة والتجارة والزراعة اللبنانية وصدّقت عليها وزارة الزراعة اللبنانية، وان علامة الاستفهام الكبرى هي على الشركة المصدرة وهل هي وهمية، وهناك خيوط كشفت ويعمل على معرفة امتداداتها لان المعطيات تقول بأن الشبكة هي سورية ولبنانية وسعودية، والاخطر هو انعكاس ذلك على الصادرات الصناعية وهذا ما اثير ايضاً في اجتماع بعبدا”.
واكد رئيس الجمهورية ميشال عون على ضرورة التشدد في مكافحة عمليات التهريب ومن يقف وراءها، مشدداً على حرص لبنان على المحافظة على افضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة وحماية الامن والاستقرار فيها وعلى عدم تعريض سلامتها وابنائها لاي خطر. ودعا الى إتمام عملية شراء أجهزة “سكانر” المقررة منذ تموز 2020 والتي صدر مرسوم بشأنها، لوضعها على المعابر وذلك في اسرع وقت لمساعدة المراقبين في الجمارك على القيام بالمهام المطلوبة منهم.
من جهته اكد رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، ان “الدولة اللبنانية ستقوم بواجباتها لجهة مزيد من التشدد لملاحقة شبكات تهريب المخدرات”، معرباً عن حرص لبنان على أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية ومع كل دول الخليج والدول العربية وقال: “نحن بالتأكيد مع المملكة في محاربة شبكات التهريب بفروعها اللبنانية والسعودية وخيوطها الممتدة في العديد من الدول، ومع ملاحقة المتورطين، سواء كانوا لبنانيين أو سعوديين، أو من أي بلد”، متمنياً تعاون الاجهزة في البلدين وفي كل الدول العربية، لملاحقة وتفكيك شبكات التهريب.
وبعد الاجتماع، تلا مدير عام رئاسة الجمهورية انطوان شقير المعلومات الرسمية مشيراً الى ان المجتمعين عرضوا الملابسات التي رافقت القرار السعودي والاجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة تداعياته، وخلصوا الى الآتي:
– اولاً: التأكيد على حرص لبنان على متانة العلاقات الاخوية مع المملكة العربية السعودية، وادانة كل ما من شأنه المساس بأمنها الاجتماعي او بسلامة الشعب السعودي الشقيق، لا سيما تهريب المواد الممنوعة والمخدّرة الى اراضيها، خصوصاً ان لبنان يرفض رفضاً قاطعاً ان تكون مرافقه البرية والبحرية والجوية، طريقاً أو معبراً لمثل هذه الجرائم المشينة والمضرّة بحق الانسانية.
– ثانياً: الطلب إلى المدعي العام التمييزي استكمال ومتابعة ما يلزم من تحقيقات لكشف كل ما يتصل بعملية تهريب المواد المخدرة في شحنات الخضار والفاكهة التي دخلت الاراضي اللبنانية، والجهات التي تقف وراء تصديرها إلى المملكة العربية السعودية، وانزال اشد العقوبات بالفاعلين والمخطّطين والمنفّذين والمقصّرين وفقاً للقوانين والأنظمة المرعية الاجراء، على أن يصار إلى اطلاع المسؤولين السعوديين على نتائجها في اسرع وقت ممكن.
– ثالثاً: الطلب الى القوى العسكرية والامنية والجمارك والإدارات المعنية التشدد وعدم التهاون إطلاقاً في الاجراءات الآيلة الى منع التهريب على انواعه من الحدود اللبنانية والى اي جهة كانت، لا سيما منها الشحنات المرسلة الى دول الخليج، والتأكد من خلوها من اي بضائع ممنوعة.
– رابعاً: الطلب الى المصدرين اللبنانيين الإلتزام بقواعد التجارة الخارجية المبنية على مصداقية البضاعة المصدرة لجهة منشأها ونوعها وكمياتها بالإضافة الى المعلومات المتعلقة بها والتدقيق في المنتجات التي يتم تصديرها حفاظاً على سمعة لبنان من جهة ومن جهة أخرى على نظافة منتجاتهم الزراعية والصناعية وخلوها من اي مواد تعاقب عليها القوانين المرعية الاجراء.
– خامساً: الطلب إلى وزير المالية متابعة تنفيذ المرسوم رقم 6748 تاريخ 30/7/2020 المتعلق بالنظام الإلزامي لمعاينة ومراقبة الحاويات والبضائع والمركبات في المرافق الحدودية اللبنانية، لا سيما إطلاق مناقصة عمومية لإنشاء هذا النظام تحت الأوضاع الجمركية كافة بعد ان تم اعداد دفاتر الشروط اللازمة.
– سادساً: تكليف وزير الداخلية والبلديات التواصل والتنسيق مع السلطات المعنية في المملكة العربية السعودية لمتابعة البحث في الإجراءات الكفيلة بكشف الفاعلين ومنع تكرار مثل هذه الممارسات المدانة.
– سابعاً: تكليف وزراء المالية والإقتصاد والتجارة والصناعة والزراعة مراجعة الآليات والإجراءات التي تتبع في عملية التجارة الخارجية وإقتراح التعديلات اللازمة على النصوص القانونية المعمول بها حالياً لضمانة حسن وسلامة الصادرات اللبنانية بالتنسيق مع اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة.
– ثامناً: تكليف وزير المالية وضع تقرير مفصّل بالحاجات والمستلزمات والتجهيزات اللازمة لتحسين آداء وجهوزية المديرية العامة للجمارك.
أخيراً تمنى المجتمعون من المملكة العربية السعودية اعادة النظر في قرار منع دخول المنتجات الزراعية اللبنانية الى السعودية او عبور اراضيها وشدّدوا على ان لبنان كان وسيبقى الشقيق الحريص على سلامة أشقائه العرب”.