ناصر قنديل-البناء
– يؤكد الناشطون في القدس أن المواجهات الدائرة هذه المرة في القدس تختلف عن سابقاتها لجهة فرص التصعيد، فالمستوطنون ازدادوا توحشاً ودموية، وهم يستشعرون أن المشهد المحيط بكيانهم لا يوحي بالأمل رغم التطبيع الخليجيّ، وتمتلئ المواقع التابعة للجهات التي تقود الجماعات المتطرّفة من المستوطنين بالدعوات لخوض ما يسمّونه بحرب الاستقلال الثانية، تشبيهاً للوضع بما كان عليه عام 1948، ويتحدّثون عن ضرورة “تنظيف القدس وتطهيرها” من الفلسطينيين، باعتبار ذلك إكمالاً للمهمة التي نفّذها مؤسسو الكيان في القدس الغربية قبل أكثر من سبعة عقود. وبالمقابل فإن المقدسيين ليس أمامهم سوى المواجهة دفاعاً عن بيوتهم وحقوقهم البسيطة في الحياة، وهم يستذكرون كيف خاضوا معارك البوابات الإلكترونية وربحوها، ويقرأون هشاشة الكيان السياسية أمام أعينهم، وتحولات المنطقة، وتصاعد قوة محور المقاومة، وانسداد فرص التسوية السياسية، والتحقق من أن شرط إحيائها هو تخلّي الفلسطينيين عن أي مطلب في القدس.
– يصيف الناشطون المقدسيّون الى الصورة، عاملين فلسطينيين، الأول هو انسداد فرص الوصول لتسوية حول حصار غزة بعد سنوات من المعارك والوساطات، وصعوبة تفهم أبناء القطاع لتحمل استمرار الحصار في ظل شعورهم بفائض القوة لدى فصائل المقاومة، وتساؤلاتهم عن كيفية توظيفه في فك الحصار، والثاني هو انهيار منظومة التعاون الأمني بين سلطة رام الله وكيان الاحتلال، رغم بقاء هياكلها على المستوى القياديّ، ما أتاح هوامش واسعة لحملة التضامن التي تشهدها مدن وبلدات الضفة الغربية، والمواجهات التي تشهدها، بما ضم انتفاضة القدس إلى مشهد فلسطيني أوسع، يتمثل بمواجهة ممتدة على مساحة الضفة الغربية من جهة، وحرب محدودة على غلاف غزة، من جهة مقابلة، وكل منهما قابل للتوسّع هذه المرة.
– يجمع الناشطون أن صاروخ ديمونا كان له فعل السحر في إطلاق مناخ معنويّ على ضفتي فلسطين والاستيطان، حيث يخيّم القلق والارتباك على المستوطنين في تقبل الرواية التي قدّمتها القيادة العسكرية، ويتداولون الخشية من أن يكون الصاروخ إيذاناً بمرحلة جديدة لا يكون فيها لكيانهم تلك المهابة العسكرية التي عرفوها في الماضي، وما ينتج عن ذلك من تجرؤ فلسطيني على المزيد من التحدي، وبالمقابل استشعر الفلسطينيون بأن الرسائل التي حملها الصاروخ قد وصلتهم، وأن كل سردية جيش الاحتلال لا تعنيهم، وأن هناك شعورا فلسطينياً عاماً بأن موازين القوى تتغير، وبأن فرض توازن جديد داخل فلسطين وخصوصاً حول القدس بات بمطال اليد.
– خلال خمسة عشر يوماً، سيأتي يوم السابع من أيار، الذي يحلّ فيه اليوم العالمي للقدس، في آخر جمعة من شهر رمضان، الذي سيحييه الفلسطينيون، والمقدسيّون بوجه الخصوص، كما كل مرة، ولكن في ظروف الانتفاضة هذه المرة، وسيشهدون ما يجري في مدن العالم تحت عنوان التضامن مع القدس بصفته دعماً لانتفاضتهم، ويتوقعون أن تكون المواجهات المقبلة في كل فلسطين ملحميّة في هذا اليوم، وقد تمتد حتى أيام عيد الفطر بعد أسبوع، حيث يحيون صلاة العيد في المسجد الأقصى، وما يقوله الفلسطينيون، بحماس وفرح، يردّده محلّلو الكيان وتتداوله مواقع المستوطنين بخشية وقلق، بحيث تتهيأ الجبهات كلها، للحظات شديدة التوتر، ومناخ انفجار كبير.
– الأسئلة الكبرى التي تفرض نفسها تتصل بما سيكون عليه الحال عندها، على جبهة غزة، وجبهة المواجهة المتصاعدة بين كيان الاحتلال ومحور المقاومة على خط حرب السفن بين إيران والكيان، وحرب الغارات والصواريخ بين سورية والكيان، وقد بدأتا تصبحان جبهة واحدة مع استهداف، سفينة النفط الإيرانيّة في بانياس والردّ المتوقع، فهل نبلغ الخامس والعشرين من أيار ولبنان يحتفل بعيد التحرير، والمنطقة على برميل بارود، عنوانه القدس هذه المرّة؟