“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
رفع الحديث في الكواليس السياسية عن ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ في أقرب وقت ممكن، شرط امتلاكها القدرة على وضع خطط إنقاذية لمساعدة لبنان على النهوض، من منسوب القلق على المستوى العام، وذلك نظراً للتقاطع في هذا الطرح ما بين أطراف ومرجعيات سياسية ودينية، بالإضافة إلى سفراء وموفدين عرب وأجانب كان آخرهم وكيل وزارة الخارجية الأميركية السفير دايفيد هيل، بعدما حاولوا على مدى الشهرين الماضيين إعادة تحريك مياه التشكيل الراكدة.
وقد زاد من واقعية طرح حكومة الإنقاذ، ما سُجّل أخيراً من عزلة مالية مرتقبة على أثر فضيحة تهريب المخدّرات ضمن شحنات تصدير منتجات زراعية ومواد أخرى إلى الممكلة العربية السعودية واليونان وسلطنة عمان وسلوفاكيا وغيرها من البلدان، مما استدعى صدور قرار من الرياض بوقف استيراد الخضار والفاكهة من بيروت، كما منع عبور هذه السلع من السعودية إلى دول خليجية أخرى.
وعلى الرغم من انطلاق المعالجات بشكل سريع، وفي كل الإتجاهات السياسية والأمنية من أجل ضبط وملاحقة شبكات التهريب ومصانع “الكابتاغون” التي ضربت صورة لبنان من خلال ما حصل في الساعات ال48 الماضية، فإن معلومات ديبلوماسية، تحدّثت عن مسار شاق يجب أن يقوم به لبنان، وبشكل خاص الأجهزة الأمنية فيه، من أجل مواجهة هذه القضية، خصوصاً وأن ما بذلته هذه الأجهزة على مدى السنوات الماضية لم يؤدِّ إلى الهدف المنشود، وهو إحباط التهريب، كما تصنيع المخدرات على الأراضي اللبنانية، ذلك أن المهرّبين كانوا يعمدون إلى اللجوء لأساليب مختلفة في كل مرة تنشط فيها العمليات الأمنية ضدهم.
كذلك، تجد المعلومات، أن حكومة تصريف الأعمال لن تكون قادرة على اتخاذ التدابير الآيلة إلى الخروج من حال الإرباك والتخبّط الذي أصاب الواقعين الإقتصادي والصناعي نتيجة فقدان مصدر الدولارات الطازجة التي كانت تأتيهم من تصدير المنتجات الزراعية والصناعية إلى الخارج، وبشكل خاص إلى دول الخليج.
وبالتالي، فإن ما جرى توضيحه بالنسبة لوصول المخدرات، وخصوصاً شحنة الرمّان “المفخّخة بالكابتاغون” إلى بيروت، ومنها إلى السعودية، من دون أي رقابة أمنية لبنانية واضحة المعالم عليها، يشي بأن ما حصل ليس عفوياً، وإنما يندرج في إطار تكريس التباعد ما بين بيروت والرياض من خلال تخريب العلاقات واستغلال الواقع الحالي بعد إجراءات المنع السعودية، في تحريض الشارع اللبناني على المملكة والإمعان في تصويرها في موقع الرافض لأي دعم خليجي إلى لبنان، ومقاطعة عملية تأليف الحكومة من خلال رفض التدخل في هذا الملف.
ولذلك، تؤكد المعلومات نفسها، أن التحرّك الذي سينطلق اليوم انطلاقاً من الإجتماع الطارئ الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا لمتابعة هذه القضية، لن يكون كافياً كون الرياض تطالب بإجراءات عملية وليس كلامية من أجل متابعة ووقف عمليات التهريب إلى أراضيها، كما إلى دول مجلس التعاون الخليجي، ذلك أنها ترى في هذه العمليات وجهاً من وجوه الإستهداف لأمنها ومجتمعها.