هل من خوف على اللبنانيين في الخليج، وهل يتوقف الطيران بين الخليج وبيروت؟ (دالاتي ونهرا)
منير الربيع|المدن
يعبّر القرار السعودي منع دخول أو عبور الخضار والفاكهة اللبنانية أراضي المملكة – وقد أيدت القرار غالبية دول الخليج – عن مدى التلازم بين السياسة والاقتصاد بمندرجاته المالية والتجارية. ويضفي القرار المزيد من الأبعاد والتعقيدات السياسية التي ترخي بأثقالها على الواقع المعيشي والاقتصادي والاجتماعي اللبناني.
السوابق تتجدد
والقرار عينه مرتبط وثيقاً بلا شك بشروط وفروض عربية ودولية على الدولة اللبنانية، وعلى أي حكومة يفترض تشكيلها: قيام لبنان بخطوات وإجراءات حقيقية وجديّة لوقف ممارسات التهريب، وإنجاز إصلاحات تتجاوز البعد التقني والإجرائي والإداري في إدارات الدولة.
مسائل كثيرة طرحها سابقاً المجتمعان العربي والدولي، ستثار مجدداً، وهي تتعلق بضبط الحدود والمعابر والمرفأ والمطار، ويمكن اختصارها بعبارة “الالتزام بتطبيق مندرجات القرارات الدولية”، بناء على الموقف الذي أعلنه السفير السعودي وليد البخاري من قصر بعبدا قبل أيام.
والمتهم حزب الله
ويأتي القرار السعودي والمرَحب به خليجياً، في توقيت لبناني حرج جداً: وضع لبنان كلّه في خانة مجتمع خاضع برمته لسيطرة حزب الله. فالاتهامات الأولية والسريعة تتوجه فوراً إلى الحزب إياه، وهي تُربط بسلاحه وقوته وحماياته مثل هذه الممارسات. ذلك أنه المسيطر على الحدود والمعابر. وهي حتماً ستؤدي إلى تزايد الضغوط بشأنها في المرحلة المقبلة، ليكون إيجاد حلّ لها أمراً أساسياً عند الذهاب إلى أي تسوية. وبدونها يبقى لبنان “دولة مارقة”.
وما جرى خليجياً يعطي انطباعاً بأن هذه العمليات الخارجة على القانون، أصبحت ممأسسة. والمسؤول عنها هو الدولة اللبنانية الخاضعة لسيطرة حزب الله، ولم تعد مسؤوليتها تقتصر على طرف ينضوي تحت جناح الدولة.
هل من إجراءات لاحقة؟
وما فعلته المملكة العربية السعودية هو نتيجة وليس سبباً. ويبقى السؤال الأساسي: ما هي الخطوة المقبلة؟ وهل تلجأ دول خليجية أخرى إلى مثل هذا الإجراء؟ وهل هناك قرارات تتعلق بصادرات لبنانية أخرى؟ وهل من خوف على اللبنانيين العاملين في الخليج؟ وهل تندفع الأمور نحو وقف خطوط الطيران بين بعض دول الخليج وبيروت؟ فهذه كلها خطوات كان التفكير بها جدياً جداً في العام 2016، إبان الإجراءات العقابية الخليجية التي اتخذت، إثر تورط حزب الله بحرب اليمن.
وليست المرّة الأولى التي تلجأ فيها دول الخليج إلى مثل هذا الإجراءات. فأولها كانت في العام 2016، عندما لم يلتزم لبنان بمبدأ “النأي بالنفس”، بل انخرط حزب الله في حرب اليمن. وحينذاك اتخذت المملكة العربية السعودية قراراً بوقف برنامج دعمها لبنان وتقديمها مساعدات للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. ودعت إلى مراجعة شاملة للعلاقة مع لبنان. وجرى أنذاك نقاش خليجي حول احتمال سحب السفراء من لبنان، وسواه من إجراءات عقابية من بينها وقف السفر.
مشكلة الحريري – باسيل
لم تعد المسألة، إذاً، تتعلق بتشكيل الحكومة، بل ببرنامجها وما يمكن أن تنفذه. وهناك تساؤلات خليجية كثيرة حول التعويل على حكومة على شاكلة ما تطرحه القوى السياسية اللبنانية: قيامها على أركان الصراع وتوزيع الحصص والمغانم.
وخليجياً هناك حاجة جدية لحكومة لبنانية تثبت فعلاً إرادتها في إنجاز الإصلاح. أما القوى اللبنانية فلا تزال غارقة في آلية توزيع الحصص، وخصوصاً استمرار الصراع بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.
فهذا جبران باسيل لا يتوقف عن اللعب على وتر رفض السعودية لترؤس الحريري الحكومة في هذه المرحلة. وهو يستند في كلامه هذا على ما نقل عن لسان الأمير محمد بن سلمان لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، حول عدم موافقة السعودية على تولي الحريري الحكومة.
وفي المقابل، يبدي حزب الله تمسكه بالحريري. وهذا ما لا يكل باسيل في استخدامه ضد الحريري سعودياً.