نبيه البرجي-الديار
هذا زمن سفربرلك…
مسؤول في البنك الدولي قال لأحد ملوكنا، أحد ملوك لبنان»، أكثر من دولة ذهبنا اليها كما لو أننا ذاهبون الى جهنم. في لبنان، الذهاب الى… ما وراء جهنم»!!
لم تهتز شعرة في تاج صاحب الجلالة. لا خيار أمامنا سوى أن نبحث عن دولة بديلة. لا ندري لماذا نحن خائفون من توطين اللاجئين الفلسطينيين، ومن توطين النازحين السوريين. هؤلاء وجدوا ضالتهم في لبنان. هنا «الفردوس الأسود».
اللبنانيون لا يدرون أين يجدون ضالتهم. لا سلطة اجرائية، ولا سلطة تشريعية، ولا سلطة قضائية. ما لنا الا… المفوضية العليا للاجئين!!
موريس دوفرجيه، عالم السياسي الفرنسي، لاحظ مدى العلاقة الجدلية بين تحلل الدولة وتحلل المجتمع. عندنا لا دولة ولا مجتمع. على امتداد ثمانية عقود من الميثاق الوطني، وعلى امتداد ثلاثة عقود من وثيقة الوفاق الوطني، ماذا فعلت السلطة سوى أنها حولت الدولة التي ابتدعها الانتداب الفرنسي الى شبكة من المافيات، وسوى أنها حولت المجتمع الى شبكة من المرتزقة؟
في اسرائيل، ثمة معاهد بحث تضع تصوراتها حول مستقبل المنطقة. في نظرها أن لبنان الذي أحدث فيها زلزالاً داخل الدولة، كما داخل المجتمع، يعيش المرحلة الأخيرة من الانحلال.
اذاً، المتاهة. احدى الدراسات تتساءل «ما اذا كان علينا أن نستقبل، في السنوات القليلة المقبلة، مئات آلاف اللاجئين اللبنانيين؟». اذا بقينا في تدهورنا الراهن، قد نتحسر على سفربرلك، حين كان آباؤنا يبحثون عن حبة الشعير في روث المواشي. أكثر من مؤرخ كتب عن الفئران التي كانت تقتات من جثث الجوعى. أيضاً عن الأهل الذين كانوا يأكلون أولادهم.
لذلك نقول لضيوفنا الأعزاء، أسراب الجراد التي تستوطن أيام سفربرلك في لاوعيها مثلما تستوطن في لاوعينا»، اننا نعتذر لأن الجراد البشري أكل الأخضر واليابس في بلادنا. لم يترك لكم، ولنا، أي شيء». لا بد أن الجراد رثى لحالنا على حالنا.
العرب، أشقاؤنا العرب، يحاصروننا لأننا فتحنا أبوابنا لآيات الله. أين أنتم لنفتح لكم أبوابنا، ولنفتح لكم صدورنا. ألا يصل اليكم صراخنا؟
هكذا يعاقبوننا لأننا «تحت الوصاية الايرانية». الوصاية الايرانية فقط؟ ماذا عن الوصايات الأخرى؟ ألا يستقبل ديفيد شينكر، أو ديفيد هيل، أو ديفيد ساترفيلد، على أنه المبعوث الشخصي للسيد المسيح. يبارك من يشاء ويلعن من يشاء…
تغريدة قطب سياسي حذرت من صفقة قرن أخرى تدق على أبوابنا. يا صاحبنا انها تدق على كل الأبواب. توقعات القطب تبدل «تراجيدي» في المسار التاريخي للبلد. هل من أحد يستطيع أن يدلنا على المسار التاريخي لهذا البلد ؟ في اعتقاده أن الأميركيين والايرانيين لا يتفاوضون حول الاتفاق النووي. هذه مسألة روتينية ويمكن حلها خلال ساعات. انهم يتفاوضون حول اعادة ترتيب الأدوار في المنطقة. في هذه الحال، لماذا لا يحاصر العرب أميركا ما دامت تبدو وكأنها تلهث وراء آيات الله؟
يفترض بالرئيس سعد الحريري أن يزيح، ولو لبرهة ظل الرئيس فؤاد السنيورة، ويبدي امتنانه لـ«الوصاية الايرانية» بعدما كان قد سمع من حكيم بيروتي دعوته له لكي يحزم حقائبه اذا ما بقي دونالد ترامب في البيت الأبيض لأن بهاء ينتظر وراء الباب.
بهاء الحريري وزع أخيراً عشرة آلاف حصة غذائية على فقراء طرابلس. وعلى الشاشة التي يقتطع أجزاء من هوائها (وهواها) يوزع مليون ليرة على كل من يعرف أن البيت الأبيض لا البنتاغون مقر الرئيس الأميركي، وأن الكعبة في مكة لا في تشانغهاي..
هذا بلد المسخرات الكبرى. لا دولة ولا مجتمع. أين ننصب خيامنا؟ انه سفربرلك الآخر. أرصفة كثيرة، أبواب كثيرة، موصدة في وجهنا. هنيئاً لأشقائنا اللاجئين والنازحين. البيت بيتكم. لا بيت لنا. هل تتسع لنا خيامكم ومخيماتكم؟!