“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
في ظل الضجيج السياسي والأمني الحاصل في المنطقة، وتحديداً في ما يتعلّق بالجهود التي تقوم بها إيران لفكّ عزلتها النووية، بالإضافة إلى المساعي التي تبذلها من أجل إبرام تسوية سياسية ما مع المملكة العربية السعودية في الشأن اليمني، يبرز دور لبنان كواحد من أكثر الدول تأثّراً بهذا الضجيج نظراً لوجود طرف أساسي فيه هو “حزب الله” المعني بشكل أساسي أيضاً، بكل هذه الأحداث، إنطلاقاً من موقعه ودوره المُتقدّم في محور “المقاومة” سواء من الناحية العسكرية مع ما يُشكّله من تهديد لعدد من الدول، أو لجهة المسافة الجغرافية القصيرة التي تفصله عن إسرائيل عدو هذا “المحور” الأبرز في المنطقة.
يبدو واضحاً أن العراقيل التي تعمل عليها إسرائيل لمنع تقدّم المباحثات الأميركية ـ الإيرانية في شأن الملف النووي، بدأت تظهر إلى العلن بشكل أصبحت فيها الأمور أوضح بكثير من سنوات خَلَت كانت لا تخرج فيها التهديدات والتصريحات الإعلامية عن حدود المنابر والغرف السياسية، وقد ظهرت نتائج العراقيل الإسرائيلية هذه في عملية اغتيال العالم النووي الإيراني مُحسن فخري زاده، وباستهداف سفن إيرانية وآخرها اعترافها بالوقوف وراء استهداف مفاعل “نطنز” النووي.
ما سَلَف، مؤشّر واضح بأن إسرائيل قد وضعت لبنان في دائرة الحدث الإقليمي، وبالتالي لن يكون الصاروخ السوري الذي سقط عن طريق “الخطأ” على مسافة كيلومترات قريبة من مفاعل “ديمونا” النووي في إسرائيل، خارج سياق الردّ على العراقيل الإسرائيلية، واللافت في هذا الشأن، أن الأيام المُقبلة لن يكون فيها لبنان أقلّ حضوراً على مسرح الأحداث في المنطقة، خصوصاً في ظل الحديث حول اقتراب موعد المناورة العسكرية الضخمة التي سيُجريها الجيش الإسرائيلي، والتي سيكون للبنان حصّة وافرة من مجرياتها إلى جانب قطاع غزّة.
وتعقيباً على استعداد إسرائيل لإجراء المناورة، بحسب ما ذكرت جريدة “يديعوت أحرنوت”، وذلك في ظل التوتر الجاري بين إسرائيل وكل من لبنان وسوريا ومن قبلهما إيران، يُضاف إليها كلام لمسؤول بالإستخبارات المركزية الأميركية بأن “إسرائيل ستكون المخرّب الخارجي الأكبر لسير المحادثات بين طهران والرياض، وأن تل أبيب تسعى جاهدة لتخريب المفاوضات الهادفة إلى إحياء الإتفاق النووي مع إيران”، وتؤكد مصادر مقربة من “حزب الله” أن “إسرائيل تُجنّد كل طاقاتها السياسية والعسكرية والأمنية من أجل إرباك الوضع في المنطقة، والإلتفاف على أي اتفاق ترى فيه تهديداً لمصالحها، وعندما ترى أن مصلحتها تقتضي زعزعة الأمن والإستقرار في لبنان، فلن تتوانى عن تنفيذ خططها، حتّى ولو اضطرّت إلى الإعلان عن ذلك بالعلن”.
وتُضيف المصادر نفسها، أنه “قبل عودة المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية، وقبل الكشف عن مفاوضات سرية بين إيران والسعودية، لم يكن هناك سبب يستدعي قيام إسرائيل بعمل ما في المنطقة أو استهداف لبنان، لكن في ظلّ عودة الحراك الإيراني، وخصوصاً في حال نجاح هذا الحراك مع ما له من انعكاسات معنوية بالنسبة إلى حلفاء إيرن وعلى رأسهم “حزب الله”، فإننا قد نشهد مغامرات إسرائيلية قد تكون محدودة، لكنها بكل تأكيد لن تبقى دون ردّ، سواء في الداخل الإسرائيلي أو في أي مكان أخر. ولذلك لا يجب أن نُسقط من الحسبان الصاروخ السوري الذي يُمثّل رسالة واضحة لإسرائيل، وإنذار أوّلي لما يُمكن أن تكون عليه الأمور لاحقاً”.
أما بالنسبة إلى المناورة الإسرائيلية التي يُحكى عنها، فتُشير المصادر إلى أن ثمّة توجيهات واضحة من قيادة “حزب الله” لـ”المقاومة” للقيام بالخطوات “اللازمة بالتزامن مع المناورة العسكرية التي سيُجريها الجيش الإسرائيلي خلال الأسبوعين المقبلين، والخطوات هذه تقضي باعتماد الأسلوب ذاته الذي تمّ اعتماده خلال المناورة السابقة التي نفّذتها إسرائيل، والتي نفّذ خلالها الحزب عملية انتشار واسعة استعداداً لأي خرق أمني، والتي كشف فيها عن نظام صاروخي جديد. والسؤال الآن، يتعلّق بنوعية السلاح الجديد الذي يُمكن أن يُعلن عنه الحزب خلال المناورة الإسرائيلية المُقبلة”.