جبريل ديوب
بعيداً من الأعين داخل مجموعات مغلقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تجمع السوريين، ينشر لؤي العلي (اسم مستعار)، رسائل متتالية، عن عروض مغرية للراغبين بالسفر بأمان من السويد إلى سوريا عبر خطوط طيران “أجنحة الشام” المحظورة أميركياً والممنوعة من ممارسة أعمال تجارية في أوروبا أو رحلات عارضة تسيرها شركات طيران صديقة.
يقدم لؤي معلومات مفصلة عبر الفضاء الرقمي عن تاريخ السفر وأسرع السبل وأفضل الأسعار وتفاصيل رحلة الذهاب إلى العاصمة السورية دمشق من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، حيث تتوقف رحلات الركاب السوريين الآتين من السويد. ومن هناك ينقلون إلى مطارات سورية جواً مع “أجنحة الشام” أو براً عبر حافلات.
ومن هناك ينقلون إلى مطارات سورية جواً مع “أجنحة الشام” أو براً عبر حافلات باستخدام هوياتهم الشخصية التي تعينهم على الإفلات من رقابة السلطات السويدية التي تستطيع مراجعة الأختام في جوازات سفرهم.
وينشر لؤي الأوراق المطلوبة لإتمام ما يوصف بإجراءات تسوية أوضاع المطلوبين في سوريا للأفرع الأمنية، حتى لو أن عليهم نشرات بحث أمنية أو خارجين من البلد بطريقة غير شرعية، دون المرور بمعابر النظام الحدودية.
التذاكر تشترى مباشرة من مكاتب سياحة وسفر منتشرة في مدن سويدية تبيع تذاكر طيران من ضمنها تذاكر “شام وينغز”. كما تسير “شام وينغز” منذ سنوات رحلات من السويد إلى سوريا عبر مطارات دول وسيطة متحالفة مع النظام السوري مثل موسكو وبيروت بحسب ما يكشف هذه التحقيق الاستقصائي الذي استغرق عاماً.
تابع الفريق الصحافي 8 مكاتب سياحة وسفر تعمل كواجهة غير رسمية لشركة “أجنحة الشام” داخل الأراضي السويدية، والرحلات التي تسيرها هذه المكاتب التي تبيع تذاكر طيران من ضمنها شركة “شام وينغز” (أجنحة الشام) والمدرجة على قوائم العقوبات الأميركية.
لا تكتفي هذه المكاتب بالترويج لشركة “أجنحة الشام” وتأمين مصدر دخل ثابت لها. بل وتستخدم هذه المكاتب ضمانات مؤكدة تسمح لأي سوري يرغب بالعودة إلى سوريا، بأن يفعل ذلك من طريقها وتوفير كل المعاملات الحدودية والأمنية اللازمة من خلال خدمة “أعدني إلى سوريا” .
تشير الأرقام الأخيرة لمكتب الإحصاء المركزي السويدي إلى وجود أكثر من 150 ألف سوري مقيم، ما يضعهم في عداد أكبر جالية مهاجرة في السويد وناطقة باللغة العربية ليشكل فرصة جيدة لشركات الطيران لنقلهم إلى بلادهم مباشرة أو عبر التوقف في محطة أخرى.
وجود هذا العدد الكبير من السوريين في السويد، أدى إلى البدء بنشاطات خدمية موجهة لهم بالدرجة الأولى وباللغة العربية، وعلى رأسها مكاتب سياحة وسفر توفر مختلف الخدمات للراغبين بالعودة إلى سوريا.
هذه العمليات تؤمن مصدر دخل مالي للشركة الممنوعة من استخدام مطارات دول الاتحاد الأوروبي بحسب لائحة مفوضية الاتحاد الأوروبي رقم 452/2014 لـ”أجنحة الشام” المعتمدة في سوريا، حيث لا يجوزللشركة إجراء عمليات النقل الجوي التجاري تحت مسؤولية شهادة المشغل الجوي (AOC) الخاصة بها إلى داخل أراضي الاتحاد الأوروبي أو خارجها، بحسب رد رسمي من وكالة سلامة الطيران الأوروبية EASA في بروكسيل.
المكاتب الثمانية (في مدن يونشوبينغ، سودرتاليا، ستوكهولم وغيرها من باقي المدن)، تقدم نفسها باعتبارها وكيلاً رسمياً للشركة، بحسب ملصقات دعائية بالعربية على واجهات المكاتب وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
وتحتاج شركة “أجنحة الشام” إلى موافقة المفوضية الأوروبية و ترخيص للعمل في الاتحاد الأوروبي، من وكالة سلامة الطيران الأوروبية EASA في بروكسيل، وهو ما لم تحصل عليه بحسب رد حصلنا عليه من الوكالة.
عند البحث في قواعد البيانات المُتاحة في السويد لدى هيئة المواصلات الحكومية لم نصل إلى أي مستند يشير إلى وجود نشاط مُسجل لشركة “أجنحة الشام” أو وجود وكيل رسمي معتمد من قبل مصلحة النقل البري والجوي والبحري. كما وصلنا رد رسمي من الهيئة يؤكد عدم إعطاء الشركة ترخيص عمل.
ويؤكد المستشار الاقتصادي في “مركز جسور للدراسات” خالد التركاوي أن النظام السوري والبنك المركزي يستفيدان من عمل هذه الشركات في السويد التي تدر لشركة “أجنحة الشام” ما لا يقل عن 10 في المئة من سعر كل تذكرة، وهي تباع بحدود 700 يورو للذهاب والإياب.
تأسست شركة “أجنحة الشام للطيران”، عام 2007 وفق القرار رقم 868 بإدارة رجل الأعمال السوري عصام شموط، وشريكه محمد علاء شموط، بحسب وثيقة التأسيس الصادرة عن المؤسسة العامة للطيران المدني عام 2007. وهي مدرجة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2016 على قائمة عقوبات الولايات المتحدة الأميركية التي اعتبرتها كياناً خاضعاً لسيطرة النظام السوري حال مالك الشركة عصام شموط. وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن العقوبات التي شملت شركة “أجنحة الشام للطيران”، جاءت نتيجة لمساعدتها النظام السوري وميليشياته وقوات الحرس الثوري الإيراني مادياً ولوجستياً وتكنولوجياً، واعتبرتها كياناً خاضعاً لسيطرة النظام السوري.
ينشر مكتب “نادر للطيران” الذي يُدير وكالة بيع تذاكر طيران إلى سوريا، من ضاحية سودرتاليا جنوب العاصمة ستوكهولم وبشكل يومي على صفحته مواعيد الرحلات المقبلة. وأحياناً ينتقل إلى مطار العاصمة ستوكهولم لإجراء بث مباشر ومقابلات مع المسافرين إلى سوريا عبر وكالته.
.
تواصلنا هاتفياً مع واحد من هذه المكاتب كمسافرين وطلبنا معرفة كيفية شراء تذكرة سفر إلى سوريا (ذهاب وإياب) مع “أجنحة الشام” لسيدة خرجت من سوريا بطريقة غير شرعية.
قدم الموظف المسؤول عن الحجوزات عرضاً مفصلاً عن أفضل تواريخ السفر. وأكد وجود ضمانات لجميع المسافرين بالسماح لهم بالدخول إلى سوريا حتى وإن كان خروجهم منها غير شرعي.
وأضاف: “من خرج من سوريا بطريقة غير شرعية يمكنه السفر معنا من مطار ستوكهولم أرلاندا إلى بيروت من طريق شركة أجنحة لبنان، ومن ثم عبر أجنحة الشام إلى دمشق عبر القامشلي، وفي حال كان الشخص قد خرج بطريقة شرعية يمكنه الذهاب معنا من مطار كوبنهاغن في الدنمارك، أو مطار ستوكهولم إلى مطار شيريميتيفو شمال موسكو ومن ثم عبر أجنحة الشام إلى دمشق”.
وحول طريقة الدفع أكد الوكيل: “يمكن الدفع بأي طريقة تراها مناسبة، سواء دفع السويش (وهو تطبيق تحويل الأموال عبر الهاتف المعروف في السويد بـSwish) أو يتم الدفع في المكتب أو أي طريقة مناسبة”.
في الثاني والعشرين من شهر أيار/ مايو من العام الماضي أعلنت شركة “أجنحة الشام للطيران” تسيير رحلات من سوريا إلى ألمانيا والسويد لنقل السوريين الموجودين ضمن سوريا والحاملين إقامات أحد البلدين، مع استمرار تعليق الرحلات الجوية إلى بقية الدول الأوروبية.
وقالت الشركة، عبر صفحتها في “فايسبوك”، إنها تُسيّر الرحلة من دمشق إلى فرانكفورت وستوكهولم وإن الحجز لهذه الرحلات غير متوفر عبر الانترنت بل من خلال مكتب الشركة في دمشق ومكاتبها في العالم.
في آب/ أغسطس 2020، غادر داود وهو شاب سوري في عقده الثالث يعيش في السويد إلى بلده الأصلي سوريا عبر مطار ستوكهولم- أيرلندا لتمضية عطلة الصيف.
حجز رحلته عبر وكيل شركة “أجنحة الشام” في السويد إلى روسيا عبر شركة طيران وسيطة ومن روسيا إلى لبنان عبر شركة أجنحة لبنان ومنها إلى دمشق.
أكد أنه دفع للمكتب 6300 كرونة سويدي نقداً (630 يورو) ثمن الرحلة (ذهاب – إياب)، ورتب المكتب لي الرحلة بشكل كامل وصولاً إلى دمشق”.
وصل غياث دياب (اسم مستعار) مع عائلته إلى السويد عام 2015، من سوريا مروراً بمصر ومن ثم عبر قوارب مطاطية أوصلته إلى المياه الإقليمية الإيطالية، بعدها تولى خفر السواحل الإيطالي إيصاله إلى البر الإيطالي، ليقوم بعد ذلك بترتيب المرحلة الثانية من الرحلة إلى السويد.
اضطر إلى العودة إلى سوريا بعد الحصول على حق الإقامة في السويد لتوقيع وكالة قانونية لأخته لتتمكن من التصرف بالأموال والعقارات. ويضيف: “بصراحة لم أتخيل أن الموضوع بسيط إلى هذه الدرجة، مقابل مبلغ مقطوع، تمكنت من حجز بطاقة طيران ذهاب- وإياب”
حملات ترويج منظمة
يقول خبير مواقع التواصل الاجتماعي فضل عدم الكشف عن اسمه أنه ومن خلال رصد ومتابعة نشاط هذه المكاتب على المنصات الرقمية الشائعة، لالتقاط العملاء المحتملين يومياً، يظهر للعيان أن لها استراتيجية وخطة واضحة في إنشاء المحتوى، ونشره وإدارته على المدى الطويل.
تنشر فيديوات ترويجية بتكرار ثابت، تحمل رسائل تشجع السوريين المقيمين في السويد على وجه الخصوص بالعودة إلى سوريا، لتمضية إجازة أو زيارة الأهل والأقارب. يتضمن العرض الترويجي التقاط صور واضحة من صالة المغادرة رقم 5 داخل مطار ستوكهولم، وتصميم رسوم توضيحية تناسب الفئة المستهدفة.
تضمن هذه المكاتب لأي سوري يرغب بالعودة إلى سوريا، بطريقة نظامية بغض النظر عن طريق الخروج الذي سلكوا سواء عبر المعابر الحدودية الرسمية أو بالتهريب.
كذلك يتضمن المحتوى المنشور باللغة العربية إجابات على أسئلة حول طريقة الخروج من السويد من دون علم السلطات السويدية، والأشياء التي سيتم تضمينها في سعر الرحلة، وخطوط الرحلات عبر موسكو وبيروت أو يريفان، وكيفية التنقل من بيروت إلى دمشق.
ويتقاطع كلام الخبير مع ما ينشره مكتب “أونو” الذي يعرف نفسه بأنه من شركة سياحة سويدية تأسست عام 2015، مقرها الرئيسي في مطار أرلاندا ستوكهولم، مبنى “المغادرون”، وتركز دائماً على الخدمات التي تستهدف الجالية العربية في الدول الاسكندنافية والدول الأوروبية المجاورة.
يقدم حجز تذاكر و رحلات إلى العاصمة السورية دمشق كما يوفر خدمة “أعدني إلى سوريا“. في المقابل يقدم “نادر ترفل” عرضاً مغرياً لتوصيل الركاب إلى منزله في أي بقعة من أرض الوطن.
مردود اقتصادي للنظام
يعتبر الباحث في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية سقراط العلو في مقابلة أن النظام السوري يستفيد “مادياً من الموضوع من طريق دخول لاجئين من أوروبا إلى سوريا وغالبيتهم تجار ما زالوا يستوردون بضائع من سوريا لبيعها للمقيمين في أوروبا من السوريين ممن يستهلكون بضائع سورية وبخاصة المواد الغذائية”.
ويتم شحنها عبر تلك الرحلات وشركات طيران وسيطة عبر استخراج شهادات منشأ مزورة لتجنب العقوبات الاقتصادية، بحسب ما يقول.”يستفيد النظام السوري بطريقة غير مباشرة من بقاء أجنحة الشام لأنها تدفع ضرائب وتوفر عائد مبيعات بالعملة الأجنبية، ما يمكنها من المحافظة على موظفيها. أما المرابح المباشرة فتأتي من دخول مغتربين إلى سوريا والأعمال التجارية التي يقومون بها”.
على رغم أن هذه المكاتب التي تبيع تذاكر الطيران ملزمة بموجب القانون بترتيب ضمان سفر آمن، إلا أنها لم تفعل ذلك وهو ما يعتبر مخالفة لقانون ضمان السفر (2018: 1218) والدستور السويدي 2018: 2018: 1218 – الصادر عن البرلمان السويدي وذلك بحسب المسؤول الصحافي في وكالة الخدمات القانونية والمالية والإدارية الحكومية التابعة لوزارة المالية في السويد (Kammarkollegiet). وهي الوكالة المسؤولة، عن تسجيل وكلاء السفر الذين يقدمون خدمات بيع تذاكر الطيران والتأكد من ترتيب ضمان سفر كبير بما يكفي لتغطية جميع متطلبات المسافرين في حال ألغيت الرحلة أو توقفت بسبب إفلاس منظم الرحلات أو تخلّف الشركة عن سداد التزاماتها.
راجع فريق التحقيق قائمة المكاتب المسجلة في قاعدة البيانات التابعة للهيئة وتبين أن جميع هذه المكاتب غير مسجلة في Kammarkollegiet، كذلك لا ذكر للشركة أو للبلد، سوريا، على لوائح شركة سويدافيا، التي تمتلك وتدير وتطور مجموعة المطارات الوطنية الأساسية في السويد من بينها مطار العاصمة ستوكهولم، والذي تتخذه مكاتب “أجنحة الشام” كقاعدة لعملياتها الجوية في السويد من خلال شركات طيران حليفة مثل “أجنحة بيروت”.
يقول الدكتور في الاقتصاد، والباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، كرم شعّار إن “هناك منفعة مباشرة للنظام السوري إذ تدفع شركة أجنحة الشام مبلغ 45 ألف ليرة سورية (15 دولاراً) عن بيع كل تذكرة وهو دخل مالي مباشر من تشغيل الشركة إضافة إلى فائدة ثانية تتمثل في نقل مقاتلين وأسلحة إلى سوريا”.
وبشكل دوري تسير شركة “أجنحة الشام”، 11 رحلة دولية إلى مطارات في الشرق الأوسط من بينها رحلة أسبوعية على الأقل نحو موسكو، ومنها يكمل المسافرون رحلاتهم إلى الدول الأوروبية، وبحسب الشعّار، فإن الشركة تدفع مبالغ مالية للنظام السوري كنسبة عن بيع كل تذكرة، وهو ما يشير إلى أن أجنحة الشام تشكل مصدر دخل مالي للنظام السوري يقدر بنحو 50 ألف دولار شهرياً.
وتعزز ما أكده الشعّار تقارير ووثائق سابقة تؤكد أن “أجنحة الشام”، تشكل جزءاً من الشبكة اللوجستية التي يستخدمها النظام السوري، كجسر جوي سري لنقل متعاقدين عسكريين روس خاصين إلى سوريا، ومساعدة المخابرات العسكرية السورية في نقل أسلحة ومعدات ومرتزقة، لدعم نظام بشار الأسد في قتاله المستمر ضد المعارضة.
تجاهلت شركة “أجنحة الشام” طلبنا للتعليق.
ويؤكد المستشار الاقتصادي في مركز جسور للدراسات خالد التركاوي أن الشركة تمول جزءاً من عمليات النظام السوري عبر تشكيل شبكة تواصل بين سوريا والدول الأخرى، التي يريد النظام السوري التحرك من خلالها و نقل الأفراد التابعين له، وضمان سلامتهم. وسلامة نقل البضائع، وأي شي يخطر على البال، بما فيه أشياء ممنوعة بحسب تعبيره.
ويضيف: “هذه الشركات تموّل البنك المركزي السوري من خلال القطع الأجنبي الذي تدخله إلى سوريا، من طريق البضائع التي تنقلها، إضافة إلى عمليات النقل الخاصة التي تنفذها”.
كيف تتم العملية؟
في السويد عند البدء بنشاط تجاري فردي يتوجب على الشخص التسجيل لدى مصلحة الضرائب والحصول على الموافقة على ضريبة F ، لكن في حال الرغبة في تأسيس شركة مساهمة مغفلة، عندها عليه التسجيل لدى هيئة تنظيم الشركات. إذ يسمح قانون الشركات في السويد، للأفراد بتأسيس شركات وإدارتها.
لكن في حالة أردت إجراء مبيعات للسلع أو الخدمات، يجب أيضاً أن تكون مسجلاً في ضريبة القيمة المضافة. حيث يجب الإبلاغ عن ضريبة القيمة المضافة شهرياً أو ربع سنوياً أو سنوياً في إقرار ضريبة القيمة المضافة المنفصل بحسب مصلحة الضرائب السويدية.
وبعد اطلاعنا على سجلات هيئة تنظيم الشركات، تبين أن من بين هذه المكاتب شركات فردية، تُدار من طريق الهاتف، وصفحات “فايسبوك”، وتملك مكاتب أحياناً داخل شقق. وتقدم هذه المكاتب للزبائن خدمة الدفع من طريق تطبيق تحويل الأموال المعروف بـSwish.
وينقسم نظام الدفع عبر “السويش” في السويد إلى نوعين:
الأول موجه إلى الشركات، حيث تحصل الشركة المُسجلة على رقم Swish يبدأ بالرقم 123 لتلقي الأموال من خلاله، ويمكنها تلقي المدفوعات ثم رؤية الدفع في الحساب المصرفي فقط، وبالتالي يصعب إثبات الأمر، لغياب أي وثيقة أو مستند.
النوع الثاني موجه للأفراد، إذ يحق لكل شخص مقيم في البلد، ويملك حساباً مصرفياً تفعيل خدمة “السويش” على رقم الهاتف الشخصي المحمول، حيث تحصل على أموال بسرعة وسهولة وأمان، إذ يدخل المال إلى الحساب الشخصي على الفور من دون تأخير.
تهرب ضريبي!
لكن هل يمكن هذه المكاتب التهرب ضريبياً، واستخدام “السويش” الشخصي بديلاً لـ”سويش” الشركة؟ سؤال حاولنا الإجابة عليه عبر إجابات المنسق الوطني في مصلحة الضرائب السويدية، كوني سفينسون، الذي يعمل بشكل أساسي على تنسيق عمل المصلحة ضد الدخل المالي غير المبلغ عنه، والتأكد من أن الشركات تقوم بالإبلاغ عن جميع إيراداتها.
وفي رد رسمي لفريق التحقيق أكد سفينسون، “من الواضح أننا لسنا في وضع يمكننا من خلاله التحقق من كل شركة طوال الوقت، إنما لدينا دور مهم”.
وعند سؤاله عن شركات السياحة والسفر وحول كيفية السيطرة على عملها في السويد، يكشف سفينسون أن مصلحة الضرائب تقوم بعدد كبير من عمليات الفحص الفوري بين الشركات السويدية كل عام. ويضيف: “لدينا أيضاً قسم للإبلاغ عن المخالفات حيث بإمكان الأشخاص اللجوء إلينا وإعلامنا بالمخالفات المشتبه بها. إضافة إلى ذلك، فإننا نبذل جهوداً مستهدفة مختلفة نحو الصناعات المختلفة حيث نرى أن هناك حاجة”.
لم نصل في قواعد البيانات المُتاحة في السويد لدى هيئة المواصلات الحكومية إلى أي مستند يشير إلى وجود نشاط مُسجل لشركة “أجنحة الشام” أو د وكيل رسمي معتمد من قبل مصلحة النقل البري والجوي والبحري. كما وصلنا رد رسمي من الهيئة يؤكد عدم إعطاء الشركة ترخيص عمل.
تواصلنا مع “هيئة وكالة سلامة الطيران الأوروبية” والمعروفة بـاياسا (EASA) التابعة للاتحاد الأوروبي (EU) والمسؤولة عن المهمات التنظيمية والتنفيذية في مجال سلامة الطيران المدني وهي تقوم بإصدار الشهادات والتنظيم والتوحيد القياسي كما تقوم بالتحقيق والمراقبة. وحماية البيئة في النقل الجوي في أوروبا.
في رد رسمي، نفت الوكالة إعطاء أي ترخيص رسمي لشركة “أجنحة الشام” المُسجلة في سوريا، لاستخدام مطارات الاتحاد الأوروبي لتنفيذ رحلات تجارية إلى سوريا أو العكس.
وحول العواقب التي يمكن أن تخضع لها الشركات أو أصحاب الأعمال إذا شاركوا في عدم الإبلاغ عن كل الدخل أو الإيرادات، يكشف سفينسون، أن الشركة قد تضطر إلى دفع رسوم جزائية إضافية بنسبة 40 في المئة من الضريبة التي فشلت في الإبلاغ عنها، إضافة إلى دفع مبلغ الضريبة الفعلي. ويؤكد: “الأخطاء الجسيمة يمكن أن تكون جنائية أيضاً، وعند الاشتباه في ذلك، نقوم بإبلاغ هيئة الجرائم الاقتصادية السويدية بالقضايا. وجدنا مخالفات محاسبية أو مخالفات ضريبية أو محاولات لعرقلة الرقابة الضريبية. في حالة الإدانة، تتراوح العقوبة بين الغرامة والسجن لمدة ست سنوات. إضافة إلى ذلك ، يمكن أن يتم المنع من إدارة الأعمال التجارية”.
ذهب مع الريح
بعد إعادة سيطرة النظام السوري على مدينة حلب شمال سوريا، عاد لاجئون سوريون إلى المدينة التي حوصرت عامين. وعلى رغم أن المعارك العسكرية ما زالت متواصلة بخاصة في محافظة إدلب القريبة، لكن كثيرين يغتنمون الفرصة الآن.
تواصلنا مع محمود وهو شاب سوري يعيش في السويد بصفة لاجئ وعاد إلى مدينته حلب للزيارة. يقول في اتصال هاتفي من معبر الدبوسية بين سوريا ولبنان قبل دخوله البلاد بساعات: “أعلم أن الحرب ما زالت مستمرة، لكن علي ببساطة أن أعود إلى عائلتي”.
وقال : “تواصلت بواسطة رقم واتس آب، حصلت عليه من شخص نصحني بالتواصل، مع وكيل يمثل شركة أجنحة الشام في السويد لترتيب رحلة العودة إلى سوريا”.
ويضيف: “طلب مني وكيل أجنحة الشام تحويل مبلغ 10 آلاف كرونة سويدية (ألف يورو)، إلى رقم هاتف شخص ثالث يعمل معه. لكن لم أحصل على أي إيصال أو فاتورة، كان مجرد عقد شفوي، بأن هذا المبلغ يشمل سعر تذكرة الذهاب إلى بيروت، ومن ثم إلى مدينة حلب. إضافة إلى إنجاز المعاملات مع موظفي الهجرة والجوازات على الحدود، لأنني كنت خرجت من سوريا بطريقة غير شرعية عبر الحدود السورية- التركية عام 2013”.
لغاية اليوم لم نستطع التواصل مرة أخرى مع محمود الذي عبر الحدود في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.
تواصلنا مع عدد من المكاتب التي تم توثيقها لمواجهتهم بالأدلة والوثائق عبر البريد الإلكتروني، ولكن لم يتم الرد حتى تاريخ نشر التحقيق.
كما تم التواصل عبر البريد الإلكتروني مع شركة “أجنحة الشام” التي طلبت مزيد من المعلومات حول الفريق الصحافي الذي يعمل على التحقيق ومكان النشر.
وبعد تزويدهم بالمعلومات المطلوبة لم تجب الشركة على الأسئلة الموجهة لهم.
في معرض السؤال عن قانونية سفر السوريين المقيمين في السويد بصفة لاجئ إلى سوريا من دون إخطار مصلحة الهجرة، قالت المسؤولة الإعلامية في وحدة الاتصال والعلاقات العامة في مصلحة الهجرة السويدية، أنيكا دالكفيست، إن “هذا الموضوع معقد للغاية، ويعتمد على الأساس القانوني الذي مُنح الشخص بموجبه تصريحاً. لذلك لا يمكننا التعليق على وضع هؤلاء الأشخاص، تحديداً في السويد، فيما إذا كانت رحلتهم إلى سوريا تؤثر في وضعهم هنا، من دون معرفة من هم، لمعرفة الوضع القانوني الذي يتمتع به هؤلاء الأشخاص في السويد. وهذا يتطلب الحصول على توكيل رسمي منهم للوصول إلى معلوماتهم الشخصية. هذه المعلومات مغطاة بالسرية، ولا يمكننا الإفصاح عنها”.
يقول سفينسون: “نحن نفعل ما في وسعنا بالموارد المتوفرة لدينا. ولكن هناك الكثير من الأموال التي تتدفق من خلال صناعة السفر ، وقد يكون من الصعب علينا الكشف عن أوجه القصور إذا لم نتلق معلومات محددة حول هذا الموضوع حتى نتمكن من بدء التدقيق”.