إقتراحات لمساعدة لبنان على تخطّي الأزمة المالية والإقتصادية الراهنة النظام سيّئ… لكن الحلول موجودة
يعتقد الكثيرون أن ما يحصل في لبنان هو إرادة متعمدة لتدهور وتراجع الوضع الإقتصادي والإجتماعي، وأن السلطات اللبنانية تتقاعس عن معالجة الأزمة الاقتصادية والسياسية الخطيرة في البلاد، والتي تهدد حصول المواطنين على مختلف الخدمات. وفي ظل غياب تام لوضع أي خط٘ة إصلاحية من قبل المعنيين في الدولة، إجتمعت نخبة من الإقتصاديين والخبراء في الشؤون المصرفية والتجارية في حلقة webinar التي نظمها مركز المشرق للشؤون الإستراتيجية “LISA” حيث تم النقاش باسباب الأزمة وعرض حلول لتخطيها.
الأسباب الأساسية
قسم عضو مجلس إدارة “جمعية رجال الأعمال اللبنانيين” جان طويلة أسباب هذه الأزمة، بالتالي:
1 – التعث٘ر عن تشكيل حكومة لوقف هذا الإنهيار الشامل، أو بالأحرى عدم الرغبة في تشكيلها.
2 – الإستمرار في طبع العملة، ما يفاقم التضخم المفرط وخسارة العملة الوطنية لأكثر من 85 % من قيمتها وإرتفاع الأسعار بنسبة 160% بظرف سنة واحدة.
3 – القيود على عمليات سحب العملات الأجنبية مع ما يرافقها من خسارة المودع لأكثر من 75% من أمواله نتيجة الهيركات على الودائع.
4 – فقدان كامل الثقة بالدولة اللبنانية وليس فقط على صعيد الشعب اللبناني إنما أيضاً على صعيد المجتمع الدولي.
بدوره يؤكد عضو المجلس الإقتصادي والإجتماعي عدنان رمال أن “السياسات الإقتصادية في لبنان ترتكز على سياسة نقدية ريعية تعطي مجالاً للخدمات على حساب الإقتصاد المنتج، علماً أن إقتصاد أي بلد لا يمكن أن يقوم على الريع من دون إنتاج فعلي، وخاصة في حال لبنان اليوم. اذ نحن أمام قطاع مصرفي مفلس ولا يمكن إعادة الثقة إلا بإستقطاب مصارف دولية وعربية وعالمية قادرة على الإستمرار في لبنان”. مضيفاً: “صحيح أن الهدف من الدعم كان نبيلاً ولمساعدة الفئة من الشعب الأكثر فقراً، ولكن إستمراره لفترة طويلة أدى الى ترسيخ دعم الإحتكار والتهريب والفساد والهدر”.
لا خطة إنقاذ إقتصادي قبل إصلاح العجز في الدولة
بالإضافة إلى ما تقدم يعتبر الخبير الإقتصادي نقولا شيخاني، أن هناك ثلاث مشاكل أساسية يجب إصلاحها قبل البدء بأي خطة إنعاش إقتصادي، وهي:
1 – عجز الدولة اللبنانية، وهو من أهم العوامل التي تؤدي الى تضخم الليرة اللبنانية جراء طبع المزيد من العملة الوطنية لتسديد ما يقارب 5 مليارات دولار على مدار 30 سنة.
2 – تضخم سعر الليرة اللبنانية، التي يمكن أن تقودنا الى تضخم مفرط.
3 – ميزان المدفوعات، الذي وصفه بالـ”الإناء المثقوب”، الذي يخسر حوالى 15 مليار دولار كل سنة.
“فمن هنا يمكننا وقف العجز المالي والبدء بوضع خطط إقتصادية التي من شأنها أن تحد من التدهور الإقتصادي الحاصل”.
حلول وإقتراحات
في الوقت الذي أكد فيه الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك الحاجة إلى خطة إقتصادية تعالج عجز ميزان المدفوعات والعجز التجاري وعجز الميزانية، وتتناول الإصلاحات السياسية والقضائية والقطاعية والمالية، رأى ان “الاولوية هي لمعالجة المكون المالي”. فاقترح خط٘ة أعدها مع زميله جيرار شارفية لمساعدة لبنان على تخطي الأزمة المالية، وهي “خطة إنقاذ مالي” وليست “خطة إقتصادية”.
تنطلق الخطة من المشاركة الفعالة لصندوق النقد الدولي والدول الأعضاء في مجموعة دعم لبنان. وتعالج الخسائر المحاسبية من خلال توزيعها بالطريقة الفضلى لتمكين الإقتصاد من النمو مرة أخرى. ويقسم معالجة الخسائر المقدرة بمبلغ 84 مليار دولار على النحو التالي:
1 – تخفيض بنسبة 50% على المبلغ الأساسي لسندات اليوروبوند (16 مليار دولار)، أو بناءً على خيار حامل السندات، إستبدال سندات اليوروبوند بسندات بدون كوبونات لمدة 10 سنوات والتي يمكن أن تستفيد من السداد المبكر ذي الأولوية من عائدات النفط والغاز في حال وجدت. يتم إحتساب دين الدولة بصافي القيمة الحالية لسندات Zero Coupon، ويتم تعديله سنوياً للفائدة المستحقة حتى الوصول إلى القيمة الإسمية في نهاية السنة العاشرة.
2 – إنشاء الصندوق الإئتماني من أجل شطب 24 مليار دولار من الدين العام.
3 – تحرير سعر صرف الليرة مصحوباً بمعايير إجتماعية ومراقبة الأسعار، مع إنخفاض متوقع في قيمة الدولار الأميركي لمديونية الدولة بالليرة اللبنانية والبالغ 18 مليار دولار.
4 – إمتصاص البنوك للخسائر من خلال إعادة الرسملة وعلى مدى فترة زمنية.
5 – سيحتفظ مصرف لبنان بخسارة تقدر بحوالى 6 مليارات دولار (منها 4 مليارات دولار خسارة رأسمالية) وستتم إعادة الرسملة إلى حد كبير خلال العقد القادم من خلال إعادة تقييم أصوله الثابتة، وإسترداد الأموال المشبوهة والرسملة من خلال الأرباح الناشئة على مدى 5 سنوات (حق إصدار العملة الذي يقدر بـ 20 مليار دولار على مدى 5 سنوات).
وبدورها إقترحت مستشارة وزير الإقتصاد ليلى ضاهر “The new economic plan” بناءً على “Mckinsey plan” الذي يرتكز على كيفية تطوير القطاعات الإنتاجية وتحسينها عن طريق تشجيع التصدير، بحيث أطلقت وزارة الإقتصاد ورقة جاء فيها تصنيف السلع والخدمات التي تتمتع بميزة نسبية comparative advantage، أي قدرة الإقتصاد على إنتاج سلع وخدمات بفرص تكاليف أخفض من تلك التي يمتلكها الشركاء التجاريون، وتعطي الميزة النسبية للشركة القدرة على بيع السلع والخدمات بسعر أدنى من أسعار منافسيهم مع تحقيق هوامش مبيعات أقوى.
الى جانب كل هذه الإقتراحات، يبقى المدخل الأساسي للإصلاح عن طريق إنتاج قانون إنتخابي جديد، يقول الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، وأن تكون هناك ضغوط دولية كما يفعل اليوم صندوق النقد الدولي والدول المانحة للقيام بالإصلاحات.