تختصر النداءات والعظات والمواقف التي يطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حال البلاد والعباد، إذ إنّ الوضع دخل مرحلة العناية الفائقة من دون أي أفق للإستفاقة من الغيبوبة.
لم تتوقّف إتصالات البطريرك الراعي مع القوى السياسية وكان أبرزها اللقاء الأخير مع رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل لكن من دون أن يخرج بنتيجة عملية تُسهّل عملية التأليف.
وفي السياق، فان الراعي لا يزال يلمس أجواء سوداوية تعوق تأليف الحكومة إذ إن باسيل يرفض التنازل عما يعتبره حقاً للمسيحيين يُؤمّن من خلاله فريقه السياسي مصالحه الخاصة، كذلك فان الرئيس المكلّف سعد الحريري متمسّك بعدم إعطاء أي فريق الثلث المعطّل.
وأمام كل هذه المعطيات، فان الراعي يُحذّر كل من يلتقيهم من قيادات سياسية وأمنية من خطورة الوضع، إذ إنه يقول لباسيل والحريري وكل من يتصل به، ماذا ينفع إن حققتم مكاسبكم وخسرنا الوطن؟
وحاول باسيل تطويق الإشكال الذي حصل بعد كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن مطالبته بالتحقيق الجنائي ورفض البطريرك الراعي هذا التحقيق قبل تأليف حكومة، إذ إن الراعي يرى أن الإصلاح والتدقيق يأتي كسلة كاملة متكاملة وليس “على القطعة”، والأولوية حالياً حسب سيد الصرح هي لتأليف حكومة تتخذ قرارات جريئة بمساعدة الناس والمباشرة بالإصلاحات.
وعلى رغم التشويش الذي يفتعله “التيار الوطني الحرّ” لضرب مواقف الراعي، إلا أن البطريرك مستمر في خطابه الوطني والسياسي على المنوال ذاته، ويشير بالإصبع إلى “حزب الله” الذي يغطيه “التيار” ويعتبره قوة إيرانية تخطف الدولة، والحلّ يكون بالعودة إلى مشروع الدولة وتسليم السلاح غير الشرعي وفصل لبنان عن صراعات المنطقة عبر إقرار مبدأ الحياد الناشط والحصول على دعم المجتمع الدولي من خلال مؤتمر برعاية الأمم المتحدة.
ووسط الأجواء التشاؤمية تُبقي بكركي أبوابها مفتوحة امام الجميع وخصوصاً أمام أبنائها الذين يخطئون في حقها، لذلك فان البطريرك يترفّع عن كل الإهانات التي طالته أخيراً ومن المحتمل جداً أن يقصد بعبدا للقاء الرئيس عون لأنه يعتبر أن مصلحة الشعب والبلد أهم بكثير من بعض الموتورين الذين يريدون توتير الأجواء.
وعلى رغم كل الإتصالات واللقاءات، لا يوجد مبادرة جديدة للبطريرك الراعي لأنه يعتبر أن كل الأمور باتت واضحة، فالمطلوب تأليف حكومة إختصاصيين مستقلة من غير الحزبيين تباشر الإصلاحات، لذلك فانه لا يوجد أي مبادرة بطريركية منفصلة عن تلك التي كان يقوم بها الراعي سابقاً أو ما يفعله المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
وفي السياق، فان الراعي لا يزال يرى أنّ القادة السياسيين لا يزالون يهدرون الفرص، لذلك هو متمسك بالمبادرة الفرنسية وبروحيتها الإصلاحية، وأي هدر للفرص سيؤدي إلى مزيد من الإنهيار والخراب.
لا يوجد أي تفسير لما يحصل من تعطيل في دوائر بكركي، وبالتالي فان هناك فريقاً يمنع مد لبنان بالمساعدات ويريد ان ينهار الوضع ليسيطر على مقدرات الدولة وقرارها، من هنا تؤكّد البطريركية أن كل المخططات التخريبية لن تنجح لأن هذا البلد لا يستطيع أحد السيطرة عليه وتغيير وجهه، وسيستمر الراعي ببذل مجهوده الإنقاذي و”سيلحق الكذاب على باب بيتو” وليظهر المعطّل الحقيقي وينكشف أمام الشعب.