أحلام الناس وكوابيسهم على جدران بيروت… الغرافيتي كفعل سياسي

شربل الخوري 

لا تقتصر الشعارات على الهم اللبناني سواء لجهة فساد المسؤولين بل هي تمتد لهموم وقضايا من خارج لبنان.

“اعندما ترى كلمات أغانيك مكتوبة على جدران المدينة، تشعر بأن هذه الجدران هي المنصة التي تروج أغانيك، لأن المنصات التقليدية كالتلفزيونات هي منصات النظام”.

يعتبر كاتب ومغني الراب بوناصر الطفار الذي كانت أغانيه تذاع في ساحات تظاهرة انتفاضة 17 تشرين الاول/اكتوبر، أن الفن الذي يقدمه هو فن شارع، بالمعنى الاجتماعي والسياسي للفكرة .بعض عبارات أغاني الراب التي كتبها بوناصر استخدمت على الجدران كعبارة: “أحلام بسيطة بقبر الفقر عم تندفن”، وهي جملة تستقبل الوافد الى مدخل شارع الحمراء، قبالة مصرف لبنان، كتبها متظاهر تزامناً مع احتجاجات 2019، إنما بعد فترة قام متظاهر آخر بتعديلها لتصبح “أحلام بسيطة بقبر الفقر عم تنتفض”.

يثير فن الغرافيتي أو فن الشارع، جدالاً في لبنان، وهو على رغم أنه ممنوع في القانون تحت حجة “تخريب الأملاك العامة”، إلا أنه يملأ الشوارع، ويتعدى الهموم اليومية أو المشكلات المحلية.

الجدران والحرية

في بيروت وتحديداً في وسطها الذي شهد تظاهرات واحتجاجات حاشدة منذ عام 2019 تختلط الشعارات بالرسوم التي وسمت الحراك الاحتجاجي.

الغرافيتي والحرب

عام 2012، أوقفت مخابرات الجيش سمعان خوام لرسمه في شارع الحمراء جدارية تعبر عن الحرب الأهلية.

يقول خوام لـ”درج”، “لقد ربحت الدعوى التي أقامتها علي الدولة اللبنانية عام 2012، بجرم تشويه أملاك عامة، وتعكير السلم الأهلي، وهذا الحكم أصبح مرجعاً بعد فترة لعدم محاكمة أي شخص بتهمة الكتابة على الجدران.

لم تكن قضيتي مجرد غرافيتي، بل تحولت إلى قضية حرية تعبير، فلقد رفضت دفع الغرامة المفروضة علي (600 ألف ليرة لبنانية)، وذهبت إلى المحكمة وفضلت أن أسجن على أن أدفعها”.

أما بخصوص النشاط الذي أقيم على حائط المرفأ فيرى خوام أن “هذا ليس غرافيتي بل فن شوارع، أما الكتابة التي أتت لاحقاً فهي غرافيتي، وهي تحمل هدفاً سياسياً واجتماعياً. والغرافيتي في فكرته رُسم ليمحى، وليس ليبقى، يمكنك أن تمحوه وتعيد العمل عليه، أو يمكن أن ترسم بجانبه أو تردّ على ما كُتب، يمكنك أن تفعل ما تريده لأنه موجود في الشارع”.

يضيف خوام: “في النهاية هذه حرية تعبير، من حق الجميع أن يكتبوا ويرسموا ما يفكّرون به، هذه قيمة الحائط وقيمة الشارع، كمكان للحوار”.

لا تقتصر الشعارات على الهم اللبناني سواء لجهة فساد المسؤولين بل هي تمتد لهموم وقضايا من خارج لبنان. والعابر الى وسط بيروت قرب مبنى العازارية سيرى بوضوح الكتابة الحمراء الكبيرة على أحد المباني، “الحرية لماهينور المصري وعلاء عبد الفتاح”.

توجه الغرافيتي رسالة من بيروت كتبت في أيام الانتفاضة، وصل صداها إلى القاهرة.

في النهاية يمكن أن ترى هموم الناس وتطور مواقفهم في الغرافيتي، بعد انفجار 4 أب/ أغسطس مثلاً، ازدادت الشعارات المكتوبة في بيروت والتي تحمّل ميشال عون و”حزب الله” المسؤولية، أما قبالة مصرف لبنان فالشتائم المكتوبة بحق رياض سلامة والمصارف، لا تعد ولا تحصى.

Exit mobile version