منذ سنوات طويلة تُدرج الولايات المتحدة “حزب الله” على لائحة العقوبات. وهي تبرر ذلك باعتبارها “الحزب” تنظيماً إرهابياً تسبب بمقتل أميركيين، وأنه يقوم بتبييض الأموال ويتاجر بالمخدرات، ثم وفي الأساس يشكل تهديداً لأمن الحليف الاسرائيلي ويمثل أحد أذرع الحرس الثوري الإيراني ومنفذي سياسته في الشرق الأوسط والعالم.
لم يربط الأميركيون بين عقوباتهم ضد هذا التنظيم ودوره في السياسة الداخلية اللبنانية. لم ينظروا اليه كركن من اركان السلطة المسؤولة عن الانهيار المالي والسياسي وعن استشراء الفساد، بل بقي في ذهنهم دوره وارتباطاته الإقليمية. يتعاملون معه كما تعاملوا سابقاً مع نظام الأسد عندما كان يسيطر على لبنان: يحرضون اللبنانيين ضده ويتعاملون معه كأمر واقع إقليمي ضمن حسابات المواجهات العامة (حرب الكويت) أو المفاوضات مع إسرائيل.
العقوبات الأميركية ضد الوزراء الثلاثة، علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وجبران باسيل تدخل في التصنيف الذي يستهدف “حزب الله” أكثر مما يعني دور هؤلاء في الأزمة المستعصية، ومن هنا الإفتراق بين الضغط الاميركي والحديث الناشط عن عقوبات أوروبية.
لا شك أن الفرنسيين يستعجلون قيام حكومة في لبنان ضمن رؤيتهم للحل في إطار مبادرة الرئيس ماكرون، وهم يطرحون بقوة استعمال وسائل تدفع المعنيين اللبنانيين الى الإسراع في تشكيل حكومة بلدهم. التلويح بالعقوبات هو بين هذه الوسائل، لكنها عقوبات تختلف في أهدافها عن عقوبات الأميركيين. الأخيرون يتعاملون مع حزب يصنفونه إرهابياً مثل غيره من التنظيمات الكثيرة حول العالم، وفي باب تحصيل الحاصل أن يرفضوا أي دورٍ له في السلطة، والفرنسيون يدفعون الاتحاد الأوروبي الى عقوبات ضد من يريدون لهم، ليس فقط ان يدعموا قيام حكومة لبنانية، بل ان يشاركوا في تركيبتها. هذا الفارق يضع الفرنسيين ومعهم الاتحاد الأوروبي في مأزق خيارات… ما يجعل تماسيح السياسة اللبنانية أكثر راحة في قضم كل مبادرات التسوية.