عمّار نعمة -اللواء
هل وضع قرار مجلس القضاء الأعلى مسألة التجاذب بين القاضية غادة عون والنائب العام التمييزي غسان عويدات ومن وراءهما، ختما لذلك الكباش الحاصل وهو صراع سياسي في الدرجة الأولى؟
سؤال ليست الإجابة عليه سهلة حتى اللحظة، وان كانت الامور تسير عكس ما تُصر القاضية عون عليه التي يبدو انها تكابر في رفض القرار في حقها تحت عناوين عدة، ويقول المقربون منها إنها لم تتبلغ قرار المجلس في اجتماعه معها في قصر العدل، حيث استمع اليها في قضية تتخذ منحى طائفيا مؤسفا أدى في ما ادى إليه الى صدام على الارض بين مناصري كل من عويدات وعون.
على ان قرار المجلس وضع الامور في مسار قانوني قد يتخذ وقتا طويلا، وقد اصدر قرارا يقضي بإحالة عون الى التفتيش القضائي وإلزامها الامتثال الى قرار عويدات. وبذلك يصبح هذا القرار بتوزيع الأعمال الذي يشمل مهام عون والذي أصدره عويدات في 15 الشهر الحالي، نافذا وبات تنفيذه حسب كثيرين مسألة وقت، بعد تسليم الملفات الى المحامين العامين الثلاثة في النيابة العامة التي تعنى بالجرائم المالية والقتل والمخدرات الى القضاة سامي صادر وطانيوس السغبيني وسامر ليشع الذي أوكلت اليه الملفات المالية بديلا عن عون.
وكان لافتا ان القاضية عون توجهت من جديد وأكثر من مرة بعد انتهاء اعمال المجلس، الى مكاتب شركة مكتف في عوكر، للتدليل على انها ماضية في مهامها وتابع الخبراء عملية الاستحصال على داتا التحويلات المالية من داخل الشركة، ما يفتح المجال امام أكثر من سؤال حول ماهية المرحلة المقبلة وما ستؤول إليه القضية.
من ناحيته، يشدد وزير العدل الأسبق إبراهيم نجار، على أنه بعد ما حدث خلال اجتماع مجلس القضاء وتكليفه رئيس التفتيش القضائي بملاحقة القاضية غادة عون واحالتها الى التحقيق، فإن ذلك القرار نافذ وهو من صلاحية المجلس.
وكان من المفترض أدبيا واخلاقيا وحسب القواعد المتعارف عليها بين القضاة، ان تتوقف عون عن مهامها بغض النظر عن اقتناعها بأحقية قضيتها، كما يلفت نجار الانتباه الذي يشير الى أن مجلس القضاء لن يتراجع عن قراره وأن القاضي ريشا يجب ان يتسلم مهامه.
أما عن فرص القاضية عون للوقوف في وجه ما يجري ضدها، فهي لا حق لها في الطعن ولكن في امكانها الدفاع عن نفسها امام هيئة التفتيش القضائي، ويمكن لها بعدها ان تتوجه الى الاستئناف الذي سيكون آخر اوراقها.
وزير العدل الأسبق يلفت النظر الى ان القانون سوف يتخذ مجراه «ونقطة على السطر وإلا خربت البلاد».
الكباش القانوني بين العهد والحريري
وسط ذلك، تُطرح أسئلة حول دور وصلاحية وزيرة العدل في القضية بأكملها، لكنها لم تتمتع بسلطة في القرارات الاخيرة المتخذة من قبل مجلس القضاء. إلا أن في إمكانها حسب صلاحياتها وقف أي قاض عن العمل حتى إن لم يحصل اي ملاحقة تأديبية بحقه، وفي الوقت نفسه يمكن لمجلس القضاء الاعلى أن يقرر عدم أهلية القاضي ولديه صلاحية إيقافه عن ممارسة مهامه. علما أن لمجلس القضاء الاعلى وبناء على هيئة التفتيش، ان يقرر عبر ثمانية اعضاء منه، عدم اهلية القاضي ووقفه نهائيا عن العمل.
لكن في كل الاحوال فإنه من غير المرجح ان تكون القضية برمتها قد وضعت أوزارها في القانون، ويجب مقاربتها خصوصاً في السياسة في الدرجة الاولى. وبذلك لا يمكن الاستنتاج ان من وراء القاضية عون سيرفع الراية البيضاء سريعا، وستضاف القضية الى مثيلاتها في القضاء والسياسة والأمن والإقتصاد التي ستزيد من الفجوة القائمة بين العهد بشقيه، رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر من ناحية، والرئيس المكلف سعد الحريري ومن يقف الى جانبه من ناحية ثانية. بما لذلك من معان حول صعوبة التسوية حاليا في البلاد والتوصل الى تشكيل الحكومة المنتظرة التي يشير المتابعون لتفاصيل مفاوضاتها الى انها لن تشكل قريباً.