وأضاف يوحنان تسوريف وكوبي ميخائيل في دراستهما المشتركة التي أصدرها معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، وترجمتها “عربي21″، أن “جهود محمود عباس وقيادة فتح لمنع الانقسامات في الفترة التي سبقت انتخابات المجلس التشريعي في مايو 2021، تكللت بالانهيار، مما تسبب بانقسام فتح إلى ثلاث قوائم منفصلة، مما يزيد حدة الجدل والصراع على السلطة، والغضب على القيادة الفلسطينية”.
وأشارا أن “فتح واجهت في السنوات الـ16 الماضية تحديات تلقي بظلالها على مكانتها كعامل مهيمن في الساحة الفلسطينية، ويسرع حروب الخلافة لقيادتها، ويقوض الاستقرار الأمني بالضفة الغربية، ويحسن مكانة حماس بديلا لفتح، وقد تؤدي هذه التطورات لقيام إسرائيل بتعميق تدخلها في السلطة الفلسطينية، مما سيؤدي بدوره لزيادة كبيرة في الاحتكاك مع الفلسطينيين، وتصاعد التوترات مع الدول العربية، وتقويض اتفاقات التطبيع”.
وأوضحا أن “عباس بدعوته للانتخابات اتخذ مقامرة خطيرة، رغم أن قراره جاء بضغط أوروبي وتغيير الإدارة في الولايات المتحدة، لأنه اعتقد أن الانتخابات ستقربه من إدارة بايدن، وتعيد العلاقات معها بعد حقبة ترامب، وبينما تمكنت حماس عقب إجراء انتخاباتها الداخلية من توحيد صفوفها، والوقوف كهيئة واحدة أمام الناخبين الفلسطينيين، فقد انكشف الانشقاق الداخلي في حركة فتح”.
وأكدا أن “أبو مازن الذي تعرض لانتقادات حادة من الجمهور الفلسطيني منذ سنوات، اتخذ سلسلة من الإجراءات التي عززت بشكل كبير سيطرته على فتح والسلطة ومنظمة التحرير، رغم ظهور عدد من الشخصيات الرئيسية في فتح، التي بدأت تنافسه، مما زاد من قلقه بشأن بوادر خيانة محيطة به”.
وأضافا أن “سياسة عباس اتسمت بالتنسيق الأمني الصارم مع إسرائيل، وسعى لمفاوضات سياسية مع استمرار النضال الدبلوماسي والقانوني والدولي، المصمم لحشد الدعم للقضية الفلسطينية، وزيادة الضغط على إسرائيل، لكن سياسته فشلت بتحقيق إنجازاتها، ولذلك تكثفت الدعوات لتغيير الحكومة بدلاً من المطالبة بتعديلات وإصلاحات كما في الماضي، وسمعت صيحات بهذه الروح من معارضيه”.
وأشار الباحثان إلى أن “إنشاء القوائم المنفصلة يزيد من عمق الأزمة التاريخية التي سقطت فيها فتح عند إعلان الانتخابات المقبلة، ولذلك باتت فتح الآن بحاجة ليس فقط لقيادة جديدة، ولكن أيضًا لسياسة جديدة، وزيادة في جاذبيتها بين الشباب وخريجي الجامعات والعاطلين عن العمل، ومع ذلك فمن المشكوك فيه أن يكون من الممكن الحديث عن فقدان الهيمنة، أو انتهاء مسار فتح”.
وقالا إنه “على هذه الخلفية يبدو أن فرص إلغاء الانتخابات أو تأجيلها بات مهملاً، فأجواؤها محسوسة في الشارع الفلسطيني، والجمهور الذي أبدى رغبة جماهيرية للمشاركة فيها، يرفع سقف التوقعات بالتجديد في أعقابها، لذلك فإن قرار إلغائها أو رفضها سيضع أبو مازن وفتح في زاوية السخرية في أعين خصومهم السياسيين وأوساط الجمهور، ويظهرهم ضعفاء وخائفين من عواقبها، مما يجعلهم يأملون من إسرائيل أن تمنع الانتخابات”.
وأكدا أن “أبو مازن رفض توصية الأمن الإسرائيلي بتأجيل الانتخابات بسبب مخاطرها الكامنة، لأن فوز حماس، سيقويها بشكل كبير، فضلاً عن تقويض استقرار السلطة، وإضعاف قدرة عملها، ويتعارض مع المصالح الإسرائيلية، ولذلك تفضل الحكومة الإسرائيلية الحالية الوضع الراهن على التقدم في العملية السياسية مع الفلسطينيين، عبر سلطة فلسطينية مستقرة وقوية بقيادة المعسكر الوطني الفلسطيني، أفضل من تقوية حماس”.
وأوضح الباحثان “من ناحية أخرى، لا يمكن لإسرائيل التدخل في العملية الانتخابية أو إلغاءها، ومع ذلك، ومن أجل تقليل الضرر المحتمل لمصالحها، يمكن لإسرائيل بالتنسيق مع الولايات المتحدة وأوروبا والأردن ومصر ودول الخليج، محاولة التأثير على الاتجاه الذي سيقود فيه أبو مازن، رغم أنه باعتراف الجميع، لم تعد هناك إمكانية لإعادة توحيد قوائم فتح الانتخابية”.
وختما بالقول أن “إسرائيل معنية بزيادة مراكز قوة فتح ونفوذها، وفي الوقت نفسه، عليها حشد العناصر المروجة للعملية السياسية باعتبارها جزءً من سياستها الخارجية، سواء في الولايات المتحدة والساحة العربية والدولية، كي توضح لأبو مازن خطورة الأمر، لأن نتائج فوز حماس في انتخابات الضفة الغربية قد تسفر عن وقف التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتآكل شرعيتها الدولية والعربية على نطاق واسع”.