محمد علوش – الديار
بعد أن كان متوّقعاً انتهاء الدعم الذي يقدمه مصرف لبنان بالعملات الصعبة مع نهاية العام الماضي، قدّم الحاكم رياض سلامة «فرصة» إضافية للقوى السياسية للملمة الوضع، وهذه الفرصة يبدو أنها بدورها شارفت على الإنتهاء إذ لم يتبّق منها سوى بضعة أيام قد لا تصل إلى شهر.
دقّ مصرف لبنان ناقوس الخطر عندما وجّه الاسبوع الماضي، كتاباً إلى وزير الماليّة في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني حول سياسة الدعم، لتدارك ما يمكن تداركه، ووضع خطة واضحة لسياسة الدعم التي تريد الحكومة انتهاجها، لوضع حدّ للهدر الحاصل في هذا الملف.
تُشير مصادر مطّلعة إلى أن حاكم المصرف المركزي وضع الحكومة امام مسؤوليتها، فليس هو من يتحمل مسؤولية سياسة الدعم، ولا هو من يحددها، مشددة على أن هذه السياسة كان يفترض أن تكون جاهزة منذ مطلع العام الحالي، إلا أن التلكؤ الحكومي، والمناكفات السياسية حالت دون ذلك مما أدى إلى هدر يفوق الـ 250 مليون دولار شهرياً.
يُقال أن الأموال تكفي لشهر واحد وربما أقل، ومن بعدها تتحول المعركة إلى أموال الإحتياطي الإلزامي، وهناك من يرفض هذا الامر رفضاً مطلقاً، وبالتالي يجب وضع القوى السياسية أمام مسؤولياتها لتشكيل حكومة سريعاً تتخذ القرارات المناسبة.
في هذا السياق، تُشير المصادر إلى أن المشكلة الحكومية تتعلق بالداخل بشكل أساسي، ولم يعد بإمكان أحد التذرع بأسباب خارجية تُعيق التأليف قبل حل المشاكل الداخلية، لا الرفض السعودي ولا التعنت الأميركي ولا المطالب الإيرانية، مشددة على أن الإتصالات الخارجية أظهرت أن العرقلة الأساسية داخلية، وأن الخارج يكاد يتوسّل القوى المعنية بالداخل لتأليف الحكومة.
لم يعد مقبولاً التعطيل الذي نعيشه على حساب الناس، ولم تعد مقبولة المعارك الوهمية التي تُخاض بشكل يوميّ للتغطية على الفشل الحكومي، وتعتبر المصادر أن كل الملفات التي تُفتح اليوم تهدف إلى أمر واحد وهو الإستثمار في مفاوضات التشكيل، لأن هناك من لا يزال يرغب بالحصول على حصة كبيرة.
وتضيف عبر «الديار»: «من الترسيم مع العدو والمرسوم الشهير، إلى التدقيق وصولاً للصراعات القضائية، كلها ملفات «غب الطلب» تعني المزيد من التعنت، والمزيد من الإمعان في ضرب الدولة ومؤسساتها، واليوم وصل الدور إلى القضاء، والذي يعني بسقوط ما تبقى منه سقوط كل شيء آخر»، سائلة: «ماذا ينتظر السياسيون للتحرك، وهل يظنون ان سقوط البلد يفيدهم؟».
ترى المصادر أن الصراع القضائي المستجد هو استكمال لصراع التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وهو حلبة جديدة للمنازلة بينهما، معتبرة أن «الحقد الشخصي» بات يسيّر هذه العلاقة، والتي تنعكس على كل لبناني، وبات لزاماُ وضع حدّ لها والجلوس على طاولة واحدة لإنقاذ ما تبقى، مشيرة إلى أن هناك مخاوف جدّية من وجود مراهنين على استعمال ورقة سحب الدعم في المعارك السياسية القائمة.
تحذر المصادر من أن وقف الدعم لن يكون لصالح أحد، كاشفة ان الأجهزة الأمنية سبق وأن حذرت من خطورة هذه الخطوة على الأمن الإجتماعي، ورسمت صورة سوداء لمسلسل الأحداث التي يُتوقّع أن يطلقها سحب الدعم، داعية لعدم المراهنة على هذه المسألة.