نون -اللواء
تنظيم التظاهرتين عمل مُدان بكل المعايير الوطنية والقانونية، وغير مبرر مهما كانت الدوافع السياسية والاعتبارات الشخصية.
لا يجوز توجيه مثل هذه الضربات المتتالية للقضاء، والتسبب بإسقاط قوس العدالة في وحل السياسة الوسخة، وتقويض المؤسسات الأساسية التي تقوم عليها الدول، وتنتظم في ظلها المجتمعات.
مجرم كل من عمل على إطلاق هذه الغوغائية المدمرة في الشارع، بحجة الدفاع عن هذا القاضي أو تلك القاضية.
الأزمة التي اقتحمت أسوار قصر العدل، نتيجة تمرد القاضية غادة عون على قرارات مجلس القضاء الأعلى، ذات خلفيات سياسية مشبوهة ومعروفة، ولكنها من التهور والخفة وسوء الإدارة والتقدير، أن يتم اللجوء إلى الشارع، وإضفاء الطابع الطائفي البغيض على خلاف بين مرجعين قضائيين، معالجته تبقى في صلب مهمة التفتيش القضائي، أي في إطار المؤسسة القضائية الأم، وليس في مزايدات شعبوية، وتحريضات حزبية رخيصة، تؤدي إلى صدامات شبابية تزيد الأوضاع تأزماً وتوتراً في البلد المأزوم أصلاً.
لا التظاهرة المؤيدة للمدعي العام غسان عويدات، ولا تلك المناصرة للقاضية غادة عون، حققت الدفاع عن كل منهما، بقدر ما أدتا إلى مزيد من تهشيم صورة القضاء، والإساءة لمكانة الهيئات القضائية المعنية، وإلحاق الكثير من الأذى لمواقف عويدات وعون.
تداعي أعمدة العدالة في لبنان، الواحد تلو الآخر، وهذا النهج الحاقد الذي يمارسه فريق العهد في تدمير المؤسسة القضائية، يُنذر بمزيد من الانهيارات والأزمات، في ظل هذه السلطة الفاسدة والفاشلة، التي تحاول تغطية عجزها عن الإنقاذ، وإخراج البلد من هذا النفق المظلم، بافتعال مثل تلك المعارك الدونكيشوتية واستغلال شعار مكافحة الفساد، فيما ممارسات هذا الفريق بالذات تنضح بكل أنواع الفساد، بدءاً بالكهرباء والسدود المائية، وصولا إلى المحروقات.
الخوف كل الخوف، أن تمتد موجات التدمير والانتقام إلى مؤسسات أخرى، وخاصة مؤسسة الجيش، التي تتعرض قيادتها إلى ضغوط وتدخلات لا يتورع أصحابها عن ارتكاب أسوأ الموبقات لتحقيق أهدافها الأنانية الدنيئة ضد هذه المؤسسة الوطنية، خاصة بعد دعوة نائب رئيس مجلس النواب الياس الفرزلي للجيش استلام السلطة وتعليق العمل بالدستور لفترة انتقالية.