كتبت “الاخبار“: آخر المشاورات الحكومية لم يقم بها وسيط لبناني، بل تولّاها، مستفسراً، ديفيد هيل في زيارته لبيروت الأسبوع الفائت. سأل هيل عن شروط كل من الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري. الأخير قال له بوضوح: أريد أن تكون يدي حرة في التأليف. وعلى ذمة بعض الذين التقاهم هيل، ردّ الأخير بسؤال الرئيس المكلّف عن قدرة حكومته التي سيؤلّفها وحيداً على نيل الثقة في مجلس النواب. وبحسب المصادر نفسها، قال الحريري: فليسقطوها في مجلس النواب.
وصل هذا القول إلى مسامع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فبات مقتنعاً بأنه في الظروف الحالية، «الحريري لا يمانع عدم تأليف حكومة قبل نهاية العهد». هذا الاستنتاج يدفع عون إلى التركيز على معركته التي يراها أساسية: التدقيق الجنائي. فبرأيه، سقوط التدقيق يعني نهاية لبنان. لا يثق عون بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولا بوعوده. منذ أكثر من شهر، وعده سلامة بإطلاق منصّة لتسعير الدولار في السوق، تؤدّي إلى خفض سعره إلى ما دون الـ 9 آلاف ليرة. وحتى اليوم، يكرر الحاكم وعده: المنصة ستنطلق الاثنين المقبل.
لا يرى رئيس الجمهورية حلاً سوى في كفّ يد سلامة عن متابعة عمله، إلى حين إجراء تدقيق جنائي في حسابات مصرف لبنان. ولا يرى عون مانعاً يحول دون تولّي النائب الأول لسلامة صلاحياته القانونية. وفي غياب مجلس الوزراء، لا أحد يمكنه كفّ يد سلامة سوى القضاء.
يعوّل عون على القاضية غادة عون. ينفي أن يكون قد تدخّل في عملها. يمدح استقامتها، مؤكداً أنها ــــ في معركتها الأخيرة ــــ «لم تخطئ في الجوهر. أخطأت في الشكل». ولأجل ذلك، يتوقّع أن تأخذ هيئة التفتيش القضائي، في حال إحالتها عليها، بالأسباب التخفيفية بحقّ القاضية المتمردة.
في هذا الإطار، لا ينفي المقرّبون من رئيس الجمهورية شعوره بالندم جراء اختياره القاضي سهيل عبود لرئاسة مجلس القضاء الأعلى. فعند تعيين الأخير، لم يكترث عون لكون عبود غير محسوب عليه سياسياً. استند إلى الكفاءة حصراً، ليتبيّن له عملياً أن عبود لا يريد القيام بأيّ جهد لتغيير واقع القضاء. الخيبة نفسها يشعر بها عون… من قائد الجيش، لكن «ليس بسبب أدائه العسكري».