عموماً تعمل أجهزة الاستخبارات على جمع المعلومات لحماية أمنها القومي واحباط أي اختراق أمني حفاظا على أرواح مواطنيها، لكن الاحتلال الاسرائيلي يدفع أجهزته الاستخباراتية للعبث بأمن الشعوب، وارتكاب عمليات اغتيال وجرائم ضد الانسانية وسواها. كما تعتمد افعالا تنتهك حقوق الاشخاص لتجنيدهم عملاء وجواسيس كخداعهم وابتزازهم واستغلال نقاط ضعفهم.
ورغم ان الاحتلال الاسرائيلي يتخلى عن عملائه في أحلك الظروف ويمكن أن يشي بهم، ومع ذلك نجد من يقبل التعاون معه من الدول العربية، ومثال واضح على خديعة الاحتلال لعملائه ما فعله العميل انطوان لحد ومئات من عناصره في العام 2000 وكيف قام باحتقارهم واذلالهم، حيث انسحب جيش العدو الاسرائيلي من جنوب لبنان بشكل مفاجئ دون اعلامهم مسبقا بذلك، تاركا اياهم في مهب الريح، بعدما خدموه وحاربوا الى جانبه سنوات طويلة.
في لبنان وحتى فلسطين ومع الآسف دائما ما نسمع ان مخابرات الجيش اللبناني تمكنت من القاء القبض على جواسيس جندتهم اسرائيل لمصلحتها، ومؤخراً أصدرت المحكمة العسكرية في لبنان برئاسة العميد منير شحادة حكما بالإعدام والأشغال المؤبدة على كل من حسين سليمان خطاب، وابراهيم محمد ياسين، ومحمود قاسم رافع، بتهمة التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، والاشتراك مع آخرين في تفخيخ سيارة نجل أمين عام الجبهة الشعبية – القيادة العامة جهاد محمود جبريل عام ٢٠٠٢.
كما شارك الثلاثة في اغتيال القيادي في المقاومة الإسلامية علي حسن ديب (أبو حسن سلامة)، بتفجير عبوة في منطقة الهلالية في صيدا عام ألف وتسعمئة وتسعة وتسعين.
كيف تجند اسرائيل عملاءها؟
تتميز كل طرق اختيار الاشخاص المناسبين لتجنيدهم كعملاء وجواسيس، كذلك وسائل استدراجهم وابتزازهم وخداعهم واستغلال نقاط ضعفهم لاجل ايقاعهم في فخ العمالة، التي تعتمدها اجهزة استخبارات العدو الاسرائيلي عموما، ولا سيما جهاز الموساد خصوصا، بمخالفتها القوانين الدولية وانتهاكها لحقوق الناس وكراماتهم. من ابرز تلك الوسائل، نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
1- استغلال نقاط ضعف لدى المواطنين
عموما الانسان الطبيعي والمستقيم لا يخون بلاده، ومن المؤكد أن هناك خللا يدفع هؤلاء الناس للتعاون مع العدو الصهيوني، إن كان مادياً أو عقلياً، فبعضهم يعاني من ضيق مالي خانق يمنعه مثلا من تأمين العلاج الطبي له او اي من افراد اسرته، وفي أغلب الأحيان تبحث الاجهزة الامنية الاسرائيلية عمن يكون مثلا غير وطني، أو من يمتلكون ملفات عن قيامه بسرقة المال العام او ارتكابه جرائم خطرة وما الى ذلك، من يكون غير اخلاقي قابلا لفعل اي شيء في مقابل حصوله على المال، يتعاطى المخدرات ولا يملك دائما المال اللازم لشرائها، يكن العداء الشرس لجهة ما ضمن دولته ويريد الانتقام منها باي ثمن، وسواها من الامثلة، بحيث تعتبر تلك الاوضاع مثابة نقاط ضعف في الشخص يمكن استغلالها لاستدراجه عبرها وابتزازه من خلالها، بهدف ايقاعه من حيث لا يدري في فخ العمالة. على سبيل المثال، وبهدف توضيح الصورة اكثر، اذا كانت نقطة ضعف الشخص الهدف، والذي قد يكون مثلا رب عائلة او صاحب مركز اجتماعي مرموق، التي علموها عبر مختلف طرق جمع المعلومات عنه او عبر التجسس على هاتفه او حاسوبه وسواها، هي مثلا حبه لاقامة علاقات جنسية عادية، فانهم يقومون بارسال فتاة جميلة اليه، يرجحون ان يكون شكلها ومواصفاتها من الصنف الذي يفضله، كي ينسجوا معه علاقة صداقة، معتمدين وسائل البذخ عليه تحت ستار الصداقة. بعد توطد العلاقة معه وارتفاع منسوب ثقته وارتياحه اليها، تستدرجه الى علاقات جنسية يتم تصويرها ومن ثم يجري تهديده بتعميمها على وسائل الاعلام اذا لم يتعامل معهم او يقدم لهم معلومات معينة. استطرادا، فانهم عند بداية تهديدهم وابتزازهم له، يؤكدون ان المطلوب منه مجرد معلومات سطحية قد يعرفها كثر، اي لا تعرضه لاي خطر. في الوقت نفسه، يؤكدون له انهم سيعطونه مبالغ مالية كبيرة مقابل تنفيذه كل امر من الامور البسيطة المطلوبة منه، اي انهم يوفرون له ارتياحا نفسيا ومصلحة مالية كبيرة في ان واحد. بعد ان يبدأ بالتجاوب معهم ويصبح متورطا، يباشرون رفع منسوب الامور الخطرة المطلوبة منه لانه اعتاد نفسيا على الجو، وخاصة انهم في تلك المرحلة يبدؤون باطلاعه على امتلاكهم تقنيات حديثة جدا يكون، بحسب تأكيدهم له، من المستحيل معها كشف امره من اي جهاز استخبارات اخر. كل ذلك بهدف اراحته نفسيا وتوريطه معهم اكثر فاكثر، بشكل تدريجي. هكذا دواليك بالنسبة الى استغلال كل نقاط الضعف الاخرى التي اشرنا اليها.
2- تسلق الدرج:
عندما يكون من الصعب، او من المستحيل، على جهاز الموساد التجنيد المباشر لاي من الاشخاص المقربين جدا مثلا الى شخصية سياسية او امنية او دينية معينة تكون هي هدفهم، يلجؤون الى ما يسمونه عمليات تسلق الدرج نحو الهدف. مفاد هذا المفهوم قيامهم بمحاولة تجنيد اي من افراد عائلة شخص مقرب جدا من تلك الشخصية، او احد اصدقائه الحميمين، او حبيبته او زوجته مثلا، كي يحاولوا عبر اي منهم اما الحصول منه، بشكل غير مباشر ومن دون ان يدري، على معلومات دقيقة عن تلك الشخصية الهدف، او بهدف السعي الى تجنيد الشخص المقرب من تلك الشخصية الهدف عبر اي من اولئك الاشخاص، كون مثل تلك العلاقات ترفع من منسوب امكان نجاح العملية من جهة اولى. كما انها من جهة ثانية، تحد من امكان ابلاغه الاجهزة الامنية عنها فيما لو رفض التعامل، نظرا الى علاقة القربى او الصداقة المتينة التي تربطه بمن حاول تشغيله لمصلحة العدو الاسرائيلي.