نـــعــــي المـــبادرات «الحكومية» واتــــصالات للتهدئة
هيام عيد- الديار
إرتفعت في الأيام الماضية نسبة التشاؤم في إمكان الوصول إلى تسوية ولو بالحد الأدنى، تؤمّن العودة إلى المشاورات السياسية من أجل تأليف الحكومة، وذلك على الرغم من حركة السفراء والموفدين المكوكية والسريعة بين المقرّات الرئاسية. وعادت الضبابية لتتحكّم مجدّداً بالوساطات الداخلية التي ما زالت المعبر الوحيد إلى التسوية، وفق ما ينقل وزير سابق عن مرجع سياسي ناشط على خط هذه المقرّات، إذ كشف أن الإشكال القضائي الأخير، قد جمّد كل الإتصالات على كل المستويات، وكأن قناعة قد تكرّست لدى الوسطاء أولاً بأن الأمل بات معدوماً في إمكانية أن تنتنهي الأزمة الحكومية في المستقبل المنظور.
وأكد المصدر نفسه، أن كل التحرّكات واللقاءات والزيارات والإجتماعات، وكذلك البيانات والحملات التصعيدية، ستبقى دون جدوى، إذا لم تترافق مع وعي داخلي وداخلي فقط، على وجوب تقديم تنازلات من قبل كل الأطراف، ولو حصل ذلك برعاية خارجية، من أجل إنتاج تسوية «معقولة» بعيداً عن كل الشروط التي باتت تُختصر بإثنين فقط، الأول شرط الثلث المعطّل لرئيس الجمهورية ميشال عون، والثاني شرط تحديد عدد الوزراء بـ 18 وزيراً كما يصرّ عليه الرئيس المكلّف سعد الحريري، ولم يتراجع إلى اليوم .
وفي هذا السياق، أعتبر المصدر الوزاري السابق نفسه، أن الأطراف الخارجية المعنية بالوضع اللبناني، قد أبدت استعدادها للمساعدة في البحث عن مخرج جدي للأزمة الحكومية، ومن أبرز هذه الأطراف موسكو وواشنطن وطهران، وذلك إلى جانب باريس التي ما زالت تدفع باتجاه تشكيل حكومة، بصرف النظر عن مبادرتها. وبالتالي، فإن أسباب «التعطيل» ما زالت غير مفهومة من قبل هؤلاء، وخصوصاً الإشتباكات السياسية حيناً، والمالية حيناً آخر، وبالأمس القضائية على خلفية ملفات الفساد وتهريب الأموال وحماية الودائع. وانطلاقاً من هذا الواقع، طرح المصدر نفسه تساؤلات عن الفوضى التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة من بوابة الإشكالات القضائية في ضوء التطوّر القضائي اللافت والذي تمثّل في رفض القاضية غادة عون، قرار النائب العام التمييزي غسان عويدات، وانعكاسات ذلك على واقع القضاء، في لحظة داخلية عنوانها محاربة الفساد والإصلاح، والتي تتطلّب حماية استقلالية القضاء في الدرجة الأولى، واحترام القوانين في الدرجة الثانية.
واضاف المصدر نفسه، أنه ما إن يُقفَل ملف سجالي حتى يُفتَح ملف خلافي آخر، وكأن هناك إرادة خفية بالعمل على تصفية الحسابات مهما بلغت كلفة هذا الأمر، وبالتالي، فإن جدار الإنسداد سوف يستمر بالإرتفاع، وتزامناً سوف تسقط كل الرهانات على قدرة الأطراف الداخلية على التسوية من دون تدخلات خارجية. وفي هذا الإطار، كشف المصدر نفسه أن كل الشروط والفيتوات الخارجية التي كان يجري الحديث عنها، قد أسقطتها مواقف الموفدين والسفراء العرب والغربيين في بيروت، والتي أجمعت على عنوان واحد هو تقطيع المرحلة بأقل توتر ممكن، والإبتعاد عن التشنّج بانتظار التسوية الوشيكة.
في المقابل، ووسط استمرار التصعيد السياسي، والذي بدأ يتّخذ أبعاداً بالغة الخطورة في الساعات الماضية، توقّع المصدر الوزاري السابق، أن تتركّز جهود القيادات السياسية والحزبية على اتخاذ التدابير الإحترازية لمواجهة التطوّرات، وخصوصاً على المستوى المعيشي فيما لو استمر التعثّر في الوساطات التي أصبحت تركّز اليوم على التهدئة، وليس على تأليف الحكومة.