كتب نارام سرجون: ابنة عميل اسمه بشير الجميل.. هل يسامح الله يهوذا؟؟
كتب نارام سرجون:
عندما لايستطيع مجتمع ان يبدع ويخترع فانه يلجأ الى العبث بالبدهيات ويغير في معاني الكلمات ويقلبها كي ينتج منها الكهرباء والطاقة كما يظن .. اي يخرج من الخيانة حرية .. ومن العمالة استقلالا .. والكل في هذا المجتمع المأزوم يتحدث عن ثقافة الخلل في الاستجابة للمنطق السليم وأن سبب التخلف والتراجع الحضاري والتقني والعلمي سببه عدم احترام المنطق السليم وقاعدة (الرجل المناسب في المكان المناسب) .. ويعيدون ويكررون علينا أننا لو وضعنا الرجل المناسب في المكان المناسب لتغيرت الدنيا في الشرق .. ولكن عندما تصبح عباراتنا صادقة فانها ستأتي بالرجل المناسب الى المكان المناسب .. وعندما نخون عباراتنا فلا تظنوا ان الحضارة ستنهض من عبارات كاذبة ومنافقة .. فالحضارات تنهض وتبدا أول مرحلة جنينية في قلب العبارات الصادقة التي ترددها الامم ..
الا أن عباراتنا في العالم العربي منافقة ومغلفة بالنفاق والتجميل ومليئة بالوقاحة والقذارة .. فنحن نصلي ونصوم ولكننا نكذب على الله .. فنحن نصلي على النبي ولكننا نخونه ونترك مقدساته وأرضه بأيدي نصابين وملوك ارهابيين وشيوخ فاسدين وصهاينة .. ونحن نباهي اننا ننصر الاسلام والمسلمين ولكننا ننتقي فقط نصرة السوريين والروهينغا على بعضهم وليس نصرة الفلسطينيين على الاسرائيليين .. ويرفع الجولاني شعار الجهاد ويرتدي ثياب الجهاد الخشنة ولكنه يمشط شعره ويزيته ويلمعه ويرتدي الحرير امام الامريكيين ويقسم لهم انه لايقصدهم بجهاده بل يقصد المسلمين في سورية فقط .. ومن نفاقنا أننا نبني تنظيما منذ تسعين عاما نسميه الاخوان المسلمين لتوعية المسلمين بدينهم ومساعدتهم لمعرفة دينهم ولكنه جدير بأن يكون نسخة اسلامية من الماسونية لشدة مافيه من ماسونية الهيكلة والتسلسل والهرمية والاموال والاهداف .. فهو يريد السلطة والحكم والتحكم بعقل الناس باي ثمن .. ولايريد الله الا للديكور ..
ولذلك فان عباراتنا وشعاراتنا تخدع الناظر اليها .. فتجد ان الخائن يشار اليه على انه فيلسوف حرية .. وأن الارهابي القاتل الذي يذبح بالسكين يشار اليه على انه من أصحاب الخوذ البيضاء والايادي البيضاء وهو مناضل من أجل الحرية .. والمطبعون مع الاسرائيليين معتدلون وواقعيون وعباقرة .. ونجد ان التمرد العنيف على الدولة في دمشق يسمى ثورة .. ولكنه يسمى شغبا وعربدة وتمردا حقيرا في عاصمة أخرى غير دمشق ..
في لبنان هناك جمهوريات عديدة .. وكل جمهورية لها رئيسها ومخفرها .. ولها خونتها وعملاؤها .. ومن هؤلاء الخونة العملاء المشهورين بشير الجميل الذي تعمل ماكينة التلميع والترويج على اعادة انتاجه بطريقة اختلاسية على انه كان مناضلا ونظيف الكف والعقل والضمير .. وأنه اغتيل مثلما اغتيل المهاتما غاندي لانه كان عظيما .. وان السوريين المحتلين للبنان لم يريدوا لصوت الحرية والاستئلال ان يرتفع .. ويمحو هؤلاء كل جرائمه وكل لقاءاته مع المجرم شارون .. ويمحون اتفاقية العار والخيانة ويلبسونه البسة اللوردات .. ويجللون اتفاقيات العار مع الاسرائيليين على انها كانت سياسة حكيمة في وقتها ..
العار ان هناك من يحاول ان يعيد ادخال بشير الجميل كتجربة تستحق الدراسة او المراجعة ان النظر بعين النقد لا عين العقاب .. ولكن اذا كانت الامم تعتقد ان الخيانة هي اجتهاد يخطئ ويصيب فان هذا هو سبب انحدار وانحطاط الامم وليس عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب .. لأن الرسالة للاجيال اللاحقة هي ان الخيانة عمل يستحق الاحترام وان الخونة هم اناس لايجب تأثيمهم واغتيالهم او محاكمتهم بل انتقادهم فقط من باب المحبة والعتب ..
المحطات اللبنانية تبحث عن اي خائن وعن أي سلالة من الخونة وعن اي عميل وعن اي سلالة للعمالة لتقدمهم للناس على انهم اشخاص طبيعيون وأبطال .. وتبحث عن مجرمي الجولاني والبغدادي لتقول انهم رفاق غيفارا .. تخيلوا ان سمير جعجع القاتل بحكم محكمة هو فيلسوف الحرية والديمقراطية ورائد فكرة الراي الآخر قبل فولتير .. رغم انه لم يكن يحتمل ان يختلف معه اي لبناني وأعصابه لاتتحمل اي خلاف ويده دوما على مسدسه في اي نقاش .. وتخيلوا ان يمنى ابنه الخائن بشير الجميل يتم استقبالها وتقديمها على انها ابنة بطل لتعطي اللبنانيين دروسا في الوطنية وتعلمنا دروسا من عمالة أبيها وكيف انها مثل ابيها ناضلت ضد الحكم السوري ومزقت الاعلام السورية وصور الرئيس حافظ الاسد وكادت ان تقول انها تحتفط بصور ابيها مع ارئيل شارون .. وتخيلوا أن الجقل وليد جنبلاط الذي ينقلب كل يوم عشرين مرة صار أستاذا في دروس الاخلاص والوفاء والصراحة والشفافية وصار فيلسوف المدنية وأستاذ افلاطون في الحديث عن الجمهورية الفاضلة ..
كل شيء مقلوب في لبنان .. بنوكه تسرق الودائع بدل ان تحميها .. وقمامته في الشارع بدل الحدائق ومزارع الورد .. ومجرموه طلقاء .. وفاسدوه في القضاء .. وأحراره سجناء .. وعملاؤه وزراء .. ولايوجد شيء صحيح في لبنان الا شيء واحد هو المقاومة اللبنانية .. ولم ينجح لبنان في ان يطبق نظرية الرجل المناسب في المكان المناسب الا مرتين فقط منذ تأسيسه .. مرة عندما وضع البطل حبيب الشرتوني في المكان المناسب وجها لوجه أمام بشير الجميل لينفذ فيه حكم الشعب .. ومرة عندما وضع بشير الجميل امام حكم الاعدام .. حيث مكانه المناسب هو الموت ..
في لبنان مثلا كل شيء بالمقلوب .. وكل الكلمات والمفاهيم تخضع لعمليات تجميل وحقن بالسيليكون كما خدود وشفاه وأثداء مذيعات محطاته التلفزيونية وخاصة مذيعات 14 آذار .. ومن كثرة تجمع السيليكون في المحطات الاعلامية اللبنانية في اجساد مذيعاتها ومذيعيها فان اكبر منجم للسيليكون سيكون في لبنان بعد عدة سنوات .. لأن كم السيليكون المحقون في شفاه وصدور وخدود بنات الحئيئة والمستأبل يساوي كل سيليكون العالم .. والحقيقة ان السيليكون لم يعد يقتصر وجوده على أجساد اعلاميات الحئيئة وشفاههن واردافهن بل حتى الكلمات في لبنان يتم نفخها بالسيليكون ونفخ حروفها ونقطها واردافها .. فكما لا توجد خدود طبيعية فانه لاتوجد كلمات لها شكل طبيعي ولامعنى طبيعي في لبنان .. كل شيء فيها مشوه ومعانيها مشوهة .. وكل الكلمات منفوخة وغير طبيعية لأنها ثقافة محقونة بالنفاق والعمالة .. ثقافة بشير الجميل التي تريد ان تقتل الرجل المناسب وتعيد الرجل غير المناسب .. تريد ان تلغي بطولة حبيب الشرتوني وتحيي خيانة بشير الجميل ..
ولكن شعارنا سيبقى .. لكل خائن حبيب .. مهما غيرتم في الكلام ونفختم في الخيانة والعمالة .. والمكان المناسب للعملاء هو بجانب بشير .. الخائن .. وكلماتنا لن تتغير .. وحكمنا لن يتغير .. الا عندما يتغير حكم الله على يهوذا الاسخريوطي الذي وفق ثقافة 14 آذار بطل وليس خائنا بثمن بخس.. ويجب ان يقام له نصب تذكاري في القدس فوق مغارة مهد السيد المسيح .. رغم ان تمثاله يجب ان يكون فوق قبر بشير الجميل ..
المصدر: نارام سرجون