ليبانون ديبايت – فادي عيد
عاد الدور الروسي إلى الواجهة بعد فتور واستنكاف لأيام عديدة، إلا أن المعلومات من مصادر ديبلوماسية متابعة لدور وحراك المسؤولين الروس، تؤكد على أن الإتصالات التي كان يقوم بها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لم تنقطع، واستمرّت ولا زالت مع عدد من المسؤولين اللبنانيين، ولا سيما من تربطه بهم صداقة قديمة، إضافة إلى مستشارين لمرجعيات سياسية وحزبية عملوا على نقل الرسائل إلى بوغدانوف، ما يؤكد على الدور الفاعل لروسيا في هذه المرحلة، ولا سيما اللقاءات التي عقدها الرئيس المكلّف سعد الحريري، وحيث تكشف المعلومات من بعض الديبلوماسيين الروس، بأن هذه اللقاءات تمحورت حول ثلاثة عناوين، أولها تشكيل حكومة في أقرب فرصة، وثانيها أن تكون برئاسة الحريري تحديداً، وثالثها تقديم مساعدات إقتصادية وطبية، ولا سيما لقاح “سبوتنيك 5”.
وفي السياق، علم أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وضع الحريري في أجواء زيارتيه لكل من القاهرة وطهران، وكشف بأنه شدّد على المسؤولين الإيرانيين، وبما لهم من علاقات وصداقات ونفوذ مع عدد من حلفائهم في لبنان، مطالباً إياهم بضرورة تسهيل عملية التأليف، ودعم جهود الرئيس المكلّف، كذلك، يؤكد الديبلوماسيون الروس المتابعين للملف اللبناني، أن ليس ثمة مبادرة روسية، بل دعماً للبنان على أكثر من خلفية في هذه المرحلة، وخصوصاً لجهة الوضع الإقتصادي المتردّي والخطير، بحيث هناك قلق روسي كبير من أن يؤدي ذلك إلى فوضى شاملة قد تمتدّ إلى الحدود مع سوريا، التي بدورها تجتاز أوضاعاً إقتصادية مماثلة، ما قد يخلق بعض التفلّت على حدود البلدين.
وفي مجال آخر، يؤكدون على أن الأسبوعبن المقبلين سيشهدان حراكاً لبنانياً باتجاه روسيا من خلال زيارات لقادة سياسيين ورؤساء أحزاب، على اعتبار أن موسكو هي على مسافة واحدة من كل الأطراف، وهي لا تدعم فريقاً ضد الآخر، مع الإشارة إلى أنه، ولأول مرة، قد يزور رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع موسكو بعد لقاء إيجابي جمعه منذ فترة غير بعيدة مع السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف، وبالتالي، علم أن البحث بين المسؤولين الروس والقيادات اللبنانية لا ينحصر في الشقّ السياسي، بل ثمة معلومات عن رفع منسوب الميزان التجاري بين البلدين من الصادرات والواردات، إلى تسهيلات للطلاب الجامعيين اللبنانيين الذين يتلقّون تحصيلهم العلمي في الجامعات الروسية.
من هذا المنطلق، فإن الحركة الروسية، والتي لا يمكن وضعها في خانة المبادرة، إنما هي تتلاقى مع المبادرة الفرنسية، باعتبار أن المسؤولين الروس، أكدوا في كل اللقاءات التي حصلت مع المسؤولين اللبنانيين، بأنهم يدعمون الجهود الفرنسية والمبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وإن كانت لهم نظرة مختلفة في بعض الجوانب، أي أنهم، وفي هذه المرحلة بالذات، لا يجارون ما يصدر عن المسؤولين الفرنسيين والأميركيين والأوروبيين من تهديدات بعقوبات لبعض السياسيين في لبنان، ويعتبرون أن هكذا خطوات وإجراءات قد تعقّد مسار الحلول الجارية على أكثر من خط إقليمي ودولي.
من هنا، يمكن وصف الدور الروسي، وفق ما يقول أحد المسؤولين اللبنانيين، بال”مُساعِد” لناحية ما تربطهم من علاقات وثيقة وصداقات مع دول إقليمية مؤثّرة بالملف اللبناني، وهذا ما أدّى إلى زيارات قام بها لافروف لبعض هذه الدول، على أن يتم تفعيلها، خصوصاً بعد المباحثات التي جرت بين كبار المسؤولين الروس والرئيس الحريري.