البيانات بعكس المحادثات… حقيقة ما دار بين عون وهيل
كتب نور لمع…
لم تعكس البيانات والمواقف التي رافقت زيارة وكيل الخارجية الاميركية ديفيد هيل، بيروت، حقيقة ما دار من نقاشات خلف الكواليس.
تكشف مصار سياسية مطلعة، في حديث لموقع القوات اللبنانية الالكتروني، عن أن اللهجة الصارمة والحازمة التي تحدّث بها هيل بعيد زيارته رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، لم يعتمدها خلال اللقاء. بل بدا الدبلوماسي مرِناً حيال جملة قضايا لعلّ أبرزها تشكيل الحكومة وطبيعتها ودورها. هو نقل دعم بلاده للمبادرة الفرنسية نعم، الا انه لم يمانع الذهاب نحو حكومة “جيدة” وليس بالضرورة “ممتازة”، كما لم يعترض على “نفحة” سياسية داخلها. ففي رأي واشنطن، باتت الاولوية اليوم لوقف الانهيار الدراماتيكي. وكلّما طال أمد التشكيل، في انتظار نضوج ظروف الحكومة “النموذجية” التي يطمح اليها الرئيس المكلف سعد الحريري، فإن مهمة الانقاذ وعملية انتشال لبنان من الحفرة، ستصبحان أصعب.
واذ تلفت إلى أن هذه الليونة لا تعني أن الحكومة ستبصر النور قريباً، كون الخلافات الشخصية بين بعبدا وميرنا الشالوحي من جهة وبيت الوسط من جهة ثانية، المعطوفة إلى رفض إيراني للإفراج عن التشكيل اليوم، يحولان دون ذلك، تشير المصادر إلى أن موقف عون من ملف الترسيم الحدودي البحري جنوباً، والذي تم تحديده في البيان الصادر عن بعبدا، الخميس، لم يكن نفسه الذي طرحه رئيس الجمهورية أمام هيل.
بحسب المصادر، بعبدا تريد استمرار التفاوض مخافة أن يخسر لبنان كامل ثروته النفطية اذا هو تمسّك بتوسيع حدوده وتخلّى عن “الاتفاق الاطار” الذي على أساسه انطلقت مفاوضات الناقورة، خصوصاً أن هيل نبّهه من هذا “المصير”.
وعليه، توضح المصادر أن المرسوم 6433 نام اليوم وإلى أجل غير مسمى، في أدراج بعبدا، وستتوقف رحلة “التعديل” عند هذا الحد، بقرار وفرملة “رئاسيين”. والقصرُ أساساً، تضيف المصادر، لم يتوقع أن يصل المرسوم إليه بعدما راهن على إحجام السراي والوزراء المعنيين عن توقيعه، لكن حساباته لم تكن موفّقة. وامام هذا المعطى، تتابع المصادر، كان المخرج، لتبرير “تجميد” المرسوم وحفظ ماء وجه بعبدا، ليس فقط “التلطّي” خلف حجج دستورية “واهية” تَسقط أمام حجم المسألة سيادياً واقتصادياً، بل أيضاً اللجوء إلى خبراء دوليين، في خيارٍ لم يمانعه هيل، لا ينسف المفاوضات ويُبقي باب استعادة لبنان المساحة التي قضمت من حدوده، مفتوحاً، وإن “نصفياً”.
من جهة ثانية، وفي وقت تلفت إلى أن واشنطن لا تحمل في الوقت الراهن أي مبادرات تجاه بيروت وأزماتها السياسية والمالية، تشير المصادر إلى أن زيارة هيل كانت للقول للاعبين الدوليين الكثر الذين يتعاقبون على زيارة الساحة اللبنانية، ولا سيما الروس، “نحن أيضاً هنا” ولا يمكنكم تجاوزنا في أي ملف. كما أتت جولة هيل لجس النبض واستطلاع وجهات نظر الفرقاء اللبنانيين من قضايا الساعة، لنقلها الى الإدارة الأميركية الجديدة، وإلى خلفه، لتبني واشنطن، في ضوئها، على الشيء مقتضاه. وحمل هيل في ما حمله، نصيحة باستعجال التشكيل وإن “بالتي هي أحسن”، في الوقت الضائع إقليمياً، إلى حين اتضاح نتائج المفاوضات الأميركية ـ الايرانية. فهل ستستفيد المنظومة من هذه الفرصة “الذهبية” المعطاة إليها من “العم سام” لتعوّم نفسها؟ أم ستضيّعها بقلّة تقديرها للأمور، وتُبقي التشكيل أسير المناكفات الشخصية والكباش الإقليمي؟ نظراً إلى التجارب مع السلطة الحاكمة، الخيار الثاني مرجَّح، وفق المصادر.