اللبنانيون لا يتكلمون العربية!
} السيد سامي خضرا-البناء
ليس في العنوان مزحة ولا مبالغة إنما هو ادّعاءٌ حقيقي تُصرّ عليه إحدى الفضائيات اللبنانية من خلال برنامجها المستمرّ… لتُبرهن أنّ الشعب اللبناني لا يتكلم اللغة العربية إنما يتكلم «اللِّغَّة اللبنانية» التي لا مثيل لها على وجه الكرة الأرضية وأما بعض الألفاظ العربية أو الأحرف التي تُكتب بها اللغة اللبنانية فهي دخيلة وغير أصيلة!
وبتعبير آخر فإنّ اللغة العربية هي طارئة على المجتمع اللبناني وهي لغة الغازين الغرباء.
هذا بعض ما يُقال على البرنامج المستمرّ على الفضائية المذكورة!
إنّ إصرار البعض على تغريب لبنان عن كلّ تاريخه ومحيطه هو إصرار تدميري مشبوه يُعبِّر عن خطة متمادية لإلغاء كلّ انتمائنا.
والغريب أن يُطلَق هذا الكلام على عواهنه من دون حسيب ولا رقيب ولا مُناقِش، وبغياب تامّ من السلطات التربوية والإعلامية التي تترك الساحة الإعلامية «سائبة» لنعيش أوهاماً مستمرّة تزيد في الإنقسام اللبناني.
ويُرافق ذلك العديد من الاختراعات «التاريخية» التي برأي مُدَّعيها أنها تتناسب مع جعل أهل لبنان غرباء عن محيطهم باختراع وقائع وأساطير لا يُقرُّ بها أحد من أهل الإختصاص ومراكز الأبحاث وما هي إلا كلامُ قائِلِه وتسليمٌ من مُقدّم البرنامج من دون أيّ أدنى نقاش.
وبالخلاصة نستنتج:
أنّ «اللِّغَّة اللبنانية» ليست لغة عربية هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنّ اللغة العربية هي لغة الغرباء الذين غزوا أرض لبنان، وأنها لا تشكل جزءاً من هويتنا بل يأتي الحديث عنها بطريقة فيها الكثير من الخِفَّة المُطعَّمة «بالفينيئية» المتفوّقة جينياً!
بل في بعض الأحيان هناك تصريحٌ يُنسَب إلى مَن يُسمّى فيلسوفاً مُصحَباً بدعوة إلى هجر الحرف العربي وإحلال الحرف اللاتيني مكانه!
ومثل هذه الدعوات والطروحات ليست جديدة ولكن من المفترض أن تكون تجاربها المُرة قد علَّمت الشعب اللبناني أن لا يعود إليها.
وأما إصرار المحطة على هذا البرنامج الفارغ من أيّ منطق علمي فلا تعني إلا شيئاً واحداً هو الإصرار على فتح معارك مُدعَّمة بالخيالات والأوهام ومنازلة طواحين الهواء.
هذه تصرفات لا تشي بالخير إنما تؤكد أنّ هناك مَن يُصرّ على تعميق الإنقسام بين الشعب اللبناني.
وهناك كثير من الملاحظات التي يمكن أن يذكرها المرء ولكن هذه النوعية من البشر «الفوقيين» لا تريد أن تستمع لغير عصبيتها.