صونيا رزق- الديار
سياسي حزبي عتيق: معارضة خافتة بغياب أي ثقل سياسي لن تستطيع التصدّي للعهد..!
بعد طول الحديث والوعود منذ بدء ثورة 17 تشرين، عن ضرورة تشكيل جبهة معارضة للسلطة، تضّم احزاب المعارضة والنواب المستقلين والمجموعات البارزة في «الثورة»، مع شخصيات مثقفة فكرية واعلامية من كل الاطياف، لم تصل تلك الجبهة بعد الى دربها الصحيح، بسبب الفشل في جمعها وتلاقيها حول هدف واحد، لان الظروف لا تشجّع ابداً على وجود جبهات مضادة، وخلافات إضافية في ظل كل هذه الانهيارات، فالناس مستاءة من الوضع ومن كل الاحزاب والتيارات، ولا يهمها سوى تأمين معيشتها والمستلزمات الضرورية، خصوصاً انّ الأولوية اليوم تكمن في معالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، لان الشعب «قرف» من جميع السياسيين، ولم يعد يهتم او يفرّق بين الموالاة والمعارضة، لان بصيص الامل غائب من الفريقين، فالكل مُشارك في وصول البلد الى هذا الدرك، على مدى الحكومات المتعاقبة منذ عقود، ولا يحق لأحد توجيه الاتهامات الى الآخر، لان الجميع يتشارك في مسؤولية ضياع لبنان.
وبالتزامن مع فشل تشكيل هذه الجبهة، إلتقت قبل يومين مجموعات شاركت في «الثورة»، في اطار سلسلة الاجتماعات المفتوحة لإنهاء التحضيرات لإطلاق جبهة سياسية معارضة، لاستعادة الدولة المخطوفة وسيادتها، بحسب ما جاء في بيان صادر عنها، ضمّت: حزب الكتائب، «خط أحمر»، «لقاء تشرين»، «حركة الإستقلال»، «تقدّم»، «Rebels»، «تجمّع مواكبة الثورة TMT»، «نبض الجنوب المنتفض»، «إتحاد ثوار الشمال»، «الجمهورية الثالثة و»التجمّع اللبناني» في فرنسا.
الى ذلك وتعليقاً على ما يجري في هذا الاطار، ابدى سياسي حزبي عتيق إستياءه مما وصلت اليها قوى المعارضة، بسبب عدم تنسيقها وتشتتها مما أضاع عليها فرصة التغيّير، قائلاً في حديث ل « الديار»: عشت مراحل عدة من السياسة اللبنانية، بكل طلعاتها ونزلاتها، لكني لم اشهد مثل هذه الخيبات التي تعود الى الموالاة والمعارضة، لان الجميع كان ولا زال يتطلّع نحو النتائج الخاصة التي سيُحققها، وليس النتائج الايجابية لمصلحة الوطن اولاً، مراهناً انه في حال جرت انتخابات نيابية سيرسب اكثرية النواب الحاليين، وحتى الذين قدّموا استقالاتهم».
ووصف المصدر المعارضة بالمشتتة وغير المتماسكة والموّحدة، خصوصاً بعد الفشل بجلب الاحزاب الفاعلة اليها، وما نراه منذ فترة هو تحرّكات معارضة بالجملة غير قادرة على فعل اي شيء، فيما المثل الشائع يقول: «في الجمع قوة لا يستهان بها»، لكن ما هو على ارض الواقع ليس سوى فشل بالجملة ، مستبعداً جداً تحقيق ما تصبو اليه المعارضة، لان التصدّي للعهد وفريقه يحتاج الى قوى وازنة على الارض، لها مجلسها القيادي ومخططاتها الاصلاحية، اي برنامج عمل بديل يقف بالمرصاد ضد اهل السلطة، وكل ما يُحاك خلافاً لذلك يكون قمة في الفشل.
وعن سبب فشل جمع الاحزاب المعارضة البارزة، اعتبر المصدر بأنّ جمع «القوات اللبنانية» و»تيار المستقبل» والحزب «الاشتراكي» ليس بالامر السهل، وما يمنع تحقيق هذه الخطوة هو وجود اعتبارات عدة مختلفة في ما بين الثلاثي المعارض، لان الحريري وجنبلاط هما اقرب الى بعضهما من ناحية الرؤية السياسية، لانهما يريدان الحفاظ على علاقتهما مع حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وإن لم تكن في افضل حالاتها، لكنهما على الاقل يريدان الإبقاء على شعرة معاوية معهما، كما ان العلاقة المتوترة بين الحريري وجعجع، والاخير وجنبلاط لا تصّب في الاهداف عينها، وهذا يعني معارضة خافتة غير مسموعة، ومن دون أي ثقل سياسي ستبقى حبراً على الورق.